عرضت واشنطن الحوار الثنائي علي الجانب الايراني إذا ما كانت إيران مستعدة لذلك وأن مثل هذه المحادثات تعتبر تكملة وليست بديلا للمباحثات الحالية متعددة الأطراف, التي تشمل أيضا روسيا وبريطانيا وفرنسا والصين وألمانيا. ورفض القائد العام للثورة الايرانية علي خامنئي ذلك. ومن ثم فإن الوضع الحالي أضحي حوارا حول الحوار ومضمون الحوار في اطار محاولة كل طرف فرض استراتيجيته في الحوار. الاستراتيجية الأمريكية في اطار محاولتها تجنب الصراع العسكري وبعد فرض عقوبات آحادية أمريكية وغربية ضد ايران شملت قطاعي المال والنفط. وتقوم علي تشجيع الاتحاد الأوروبي والحلفاء الآخرين في العالم مثل اليابان وكوريا واستراليا وكندا وآخرين. علي تنفيذ العقوبات الاقتصادية الحالية بشكل أفضل واستخدام وسائل الضغط الأخري المتاحة. مع قيامهم بتحذير إيران من أنهم سيدعمون العمل العسكري الأمريكي عند الضرورة وأنهم مستعدون للتعامل مع إيران ومبعوثيها كأشخاص منبوذين. بالاضافة إلي ذلك, فإنه وفق تلك الاستراتيجية يتعين عليهم دعم المعارضين الايرانيين في الداخل والخارج ومواجهة الأنشطة الايرانية في الخارج كالسير علي خطي الولاياتالمتحدة في تصنيف حزب الله كجماعة إرهابية والتعامل مع تهريب الأسلحة الايرانية إلي غزة. مع استمرار زيادة الولاياتالمتحدة وحلفائها من وتيرة الضغط علي إيران, إلي هنا فهناك اتفاق في الادارة الأمريكية ثم يأتي الخلاف في النخبة السياسية الأمريكية فريق يري أن يتمسك الأمريكيون بمطالبهم وفريق آخر يري الاستجابة المرنة للعناد الايراني بتقديم المزيد من العروض السخية والتنازلات. وفق اعتقاد أن طهران ستتمكن من تحمل الضغوط أو التهرب واتباع استراتيجية التجميد لتخصيب اليورانيوم مقابل تجميد العقوبات وبناء جو من الثقة بين الجانبين. وهناك من يطالب بالعودة إلي السياسات الأمريكية القديمة باعتبار أن التفاوض عن الحديث إلي إيران حول القضايا العالقة بدلا من محاولة معاقبتها دونما أي اكتراث بالعواقب. وأنه حان الوقت لكي تطبق علي إيران تلك السياسات التي مكنت أمريكا من الانتصار في الحرب الباردة, وحررت حلف وارسو, وأعادت توحيد أوروبا: وأن تلك السياسات تتضمن الانفراج والاحتواء, والاتصال طالما كان ذلك ممكنا, والمواجهة عند الضرورة. ويدللون علي ذلك بأنهم سبق أن تحدثوا إلي روسيا في عهد ستالين, وإلي الصين خلال فترة حكم ماو. وأدي الحديث المباشر في الحالتين إلي حملهما علي تغيير نظاميهما وحان الوقت للحديث إلي إيران بدون أي شروط بحيث تكون المفاوضات شاملة أما الاستراتيجية الايرانية فتقوم علي أن الهدف النهائي للولايات المتحدة يتجاوز الموضوع النووي إلي محاولة أمريكية نشطة ومستمرة لإسقاط النظام الايراني وان محاولات الحوار تستهدف دخول الخبراء من وكالة الطاقة الذرية والأطقم الفنية والدبلوماسية والاعلامية لاقتحام الشارع الايراني والتأثير فيه وإن انتاج القنبلة هو الضامن والضمان للحفاظ علي النظام الايراني وربما فإن تجربة كوريا الشمالية التي أجرت تجربتين نوويتين وتستعد للثالثة وقيامها بالاستمرار في تطوير الصواريخ الباليستية المتوسطة والطويلة المدي أمنت استمرار النظام وعدم مهاجمته وأنه يمكن المناورة عبر الاستمرار في مفاوضاته الخمسة زائد واحد لاكتساب الوقت لاستمرار التخصيب وتقريب الوصول إلي القنبلة. وأنه اذا أرادت واشنطن حوارا ثنائيا فوفق شروط طهران ومن ضمن أهدافها ترسيخ الاعتراف بالنظام الايراني والاقرار بدوره الاقليمي والاعتراف بمكاسبه الاقليمية. ومن هنا يمكن فهم استعراض طهران لقوتها عبر المناورات المستمرة في الخليج العربي وفي اعلانها اطلاق كبسولة إلي الفضاء وإنتاج مقاتلة ايرانية وفي رسالة إيران إلي الوكالة الدولية للطاقة الذرية, والمؤرخة في الثالث والعشرين من شهر يناير المنصرم, أخطرتهم بأنها تعتزم اضافة العشرات وربما المئات من أجهزة الطرد المركزي من الجيل الجديد إلي محطتها النووية الرئيسية لتخصيب اليورانيوم, والأجهزة الجديدة ستكون أكثر قوة وأحسن أداء من أجهزة آي آر1 المتقادمة التي تعود إلي عقد السبعينيات, والتي تستعملها إيران في الوقت الحالي, مما يمنح الايرانيين القدرة علي إنتاج ما يصل إلي ضعف اليورانيوم المخصب الذي ينتجه كل جهاز بأربع مرات. وهذه الخطوة يمكن أن تعزز بشكل كبير قدرة المحطة علي إنتاج الوقود الذي يستعمل في محطات الطاقة النووية, وربما في تصنيع القنابل النووية. وتأثيرها علي الاستقرار الداخلي في بعض دول الخليج وبعض دول الشرق الأوسط. تلك هي أوراق ترسلها طهران وصولا إلي ترسيخ استراتيجيتها. وهو ما لا تتقبله واشنطن. وسيستمر الحوار حول الحوار بين البلدين وتتوقف خواتيمه علي مدي قدرة النظام الايراني علي الصمود في وجه العقوبات القاسية ورهانات واشنطن علي تحلل النظام أمام مطارق العقوبات النفطية والمال وثورة الشعب نظير معاناته علي الثورة ضد النظام. رابط دائم :