بعد ضوح الرؤية والهدف وتشبيك جهود المنظمات الحكومية مع المنظمات المدنية والعمل بروح الفريق ونشر ثقافة التعاون ونبذ الخلافات وتعظيم دور الشباب أهم محاورالنجاح التي يغفلها البعض وتؤدي إلي أخطر المشاكل التي تعوق التنمية في مصر, والتنمية تبدأ من القرية, لأن75% من المجتمعات العربية يعيشون في القري, بينما25% فقط يعيشون في المدن, ومعظم من يعيشون في المدن أصولهم قروية أو هاجروا إلي المدينة بحثا عن فرصة عمل لا يجدونها في القرية, ومعظم العباقرة والعلماء هم أبناء هذه القري البسيطة, ففي مركز الدلنجات التابع لمحافظة البحيرة وبالتحديد في نطاق قرية الحجر المحروق التابعة للوحدة المحلية لقرية المسين تقع قرية( الغرباوي) والتي تبلغ مساحتها نحو420 فدانا منها20 فدانا للمسكان لنحو7000 نسمة وعند مدخل القرية تعقد الآلسنة من الدهشة فشوارع وأزقة القرية تمتاز بالنظافة الفائقة, في البداية تحدث المهندس محمد أحمد, أحد أبناء القرية, قرية الغرباوي تعيش تجربة جديدة علي القري المصرية وكانت بدايتها عام2000 عقب عودة المرحوم سعيد الغرباوي من كينيا حيث كان عضوا في أحدي الجمعيات الأهلية لتنسيق الحدائق والزهور وخدمة المجتمع وهناك شاهد عملية تطوير وتنمية القرية بالجهود الذاتية, والذي قرر تطبيقها علي قريتنا, وبالفعل اجتمع مع أهالي القرية وعرض عليهم الفكرة وما شاهده وتعلمه ووجد القبول والحماس من شيوخ ونساء وشباب القرية, واتفقوا رفعوا شعار( عمل جماعي يد واحدة) وكانت أولي الخطوات جمع تبرعات بسيطة من أهالي القرية من أجل إنشاء مشروعات خدمية وبروح الفريق الواحد وبالفعل نجحوا في إقامة معاهد أزهرية للمراحل التعليمية المختلفة( الابتدائي الإعدادي الثانوي) بالاضافة الي إنشاء مدرسة الفصل الواحد, ومستشفي حاصل علي شهادة الايزو( فكل فرد من أبناء القرية له ملف صحي), ومركز شباب فاز بالمركز الأول علي مستوي المحافظة طيلة أكثر من10 سنوات ولمسايرة التطور والتكنولوجيا تم أنشاء سنترالا دوليا لخدمة أهالي وزوار القرية, الي جانب اقامة مشتل علي مدخل القرية لنباتات الزينة والفاكهة. ويؤكد الدكتور راضي سعد, أن الاساس في أي تنمية هي التنمية البيئية, فقد حصلت قريتنا علي أفضل اداء بيئي علي مستوي العالم العربي كما حصلت علي جائزة أفضل اداء بيئي من مكتبة الإسكندرية, وقد زارها وفود من سويسرا وفرنسا وأمريكا اللاتينية والصين واليابان وجنوب أفريقيا, لنقل التجربة, ويضيف عبدالرحمن علي( من أهالي القرية) نجحنا في تغيير مفهوم البيئة القروية وتم تكوين مجموعة عمل شبابي من أهالي القرية وبدأنا في وضع خطة لنظافة الشوارع من كل هذه الفضلات, فالروث استخدمناه كسماد طبيعي في الأرض وكوقود للفرن وكل طفل وشاب وفتاة يتابعون نظافة شارعهم بأنفسهم بدأنا بالشوارع الرئيسية ثم بالشوارع الجانبية المحيطة بالمنازل, ومن أجل استكمال منظومة العمل البيئي قمنا بجمع التبرعات لشراء سلال بلاستيكية بحيث توضع سلة أمام كل منزل بالقرية وقد شجع ذلك أهالي القرية من الكبار والصغار علي التقاط حتي أوراق الشجر من الأرض ووضعها في أي سلة أمامهم, وتضيف كوثر مرزوق( ربة منزل) تعتمد فكرة تطوير القرية علي ربة المنزل التي تفصل بقايا الطعام عن المخلفات الصلبة في أكياس القمامة وهو ما يتيح الاستثمار الامثل للقمامة ببيع المخلفات والاستفادة بالعائد في تطوير القرية, ويقول حسني علي( فلاح) أحنا أللي لبسنا الجاموس بامبرز, تنفيذا لفكرة الفنان محمد صبحي في مسلسل( سنبل) لتبقي شوارع القرية نظيفة, ويستطرد قائلا, المرأة أيضا لها دور فعال في هذه التجرية فهناك تنافس بين سيدات القريةكما تم تدريبهن علي زراعة عش الغراب وتربية الأرانب والدواجن والنحل, كل ذلك أدي الي حصول القرية علي درع البيئة في المسابقة الدولية التي شاركت فيها تسع دول وهي مصر والسودان ولبنان والأردن ودبي والبحرين وجورجيا وأرمينيا وقبرص, ويقول حمدي ناصر, بالقرية أيضا لجان لمتابعة العمل الخدمي لأهالي القرية ومنها بيت مال المسلمين وسجل ببنك ناصر الاجتماعي فرع دمنهور ويقدم خدماته للمرضي والمحتاجين بالاضافة الي لجنة كفالة اليتيم وهو يقدم مساعدة لنحو300 أسرة يتم مع أعانات شهرية مادية وعينية, وعلي جانب آخر قام الأهالي بالتبرع بقطعة أرض لإقامة ملعب ثلاثي علي الأضواء الكاشفة كما تم أقامة مشاريع للشباب تشمل تربية المواشي والحياكة والتطريز وورش النجارة وهناك مهرجان يقام سنويا يطلق عليه مهرجان الالعاب الريفية علي مستوي المحافظة في مركز شباب القرية, وعن ثمار التنمية بالقرية يؤكد محمود بدر الدين أن قرية الغرباوي قرية بلا أمية وذلك بفضل جهود الشباب( بمركز الشباب) وأضاف أن المشروعات التي تقام علي أرض القرية تمثل عودة حقيقية لدور التنمية الريفية بما يحول الريف من بؤرة طاردة للسكان الي منطقة جذب يجد فيها المواطن كل المرافق من صرف صحي ووحدات لطب الاسرة ومراكز للشباب ومكاتب بريد وانترنت فائق السرعة وغيرها, فالحياة في القرية أفضل بكثير من الاقامة بالمدن التي تعاني من الازدحام والضجيج وصعوبة المواصلات وارتفاع نسب الملوثات وكذا الارتفاع الكبير في كل السلع من خضراوات وفاكهة وغيرها في حين ينعم أهل قرية الغرباوي بالهدوء وجمال الطبيعة, حيث يطلقون علي قرية الغرباوي باريس مصر.