علي قدر حالة الفوضي التي تعاني منها مصر في الوقت الحالي تأتي قرارات مواجهة الموقف المتصاعد بصورة أكثر ارتباكا وعنفا من كل الأطراف للدرجة التي تجعل أي عاقل يتأكد أنه لا يوجد أحد يريد فك ألغاز الموقف المتأزم وأن الكل- حكاما ومعارضة ومتظاهرين- يحملون زجاجات مولوتوف الإشعال السياسي والحلول قصيرة المدي وفنون المراوغة في معارك لا يعرف لها خاسر أو كسبان. ولا أري منطقا لموقف جبهة الإنقاذ من رفض الحوار خاصة بعد تأكيد الرئاسة علي لسان الدكتورة باكينام الشرقاوي, مساعد رئيس الجمهورية أن مؤسسة الرئاسة تسعي لتلبية طلبات جبهة الإنقاذ, لضمان مشاركتها في الاتفاق علي أجندة الحوار وضماناته, وأنها لن تيأس من اتصالاتها بقادة الجبهة من أجل استعادة الاصطفاف الوطني, بحوار بلا شروط أو سقف. ولا أجد عقلانية في احتفاظ جبهة الإنقاذ بشروطها بعيدا عن أجواء الحوار وعدم المبادأة بحضور الجلسات حتي لو وصل الأمر إلي تسجيل ما تريد ورفض ما لا تريد والدفاع عن وجهة نظرها في الحالتين وانتقاد تصرفات الرئيس بدلا من التشتت الوطني الذي لا طائل منه واتجاه كل فريق نحو العزف السياسي المنفرد والذي يكون نشازا في كثير من حالاته كتلويح المؤسسة الحاكمة بالتحقيق مع بعض رموز الجبهة بتهمة دعم الكتلة السوداء المعروفة إعلاميا بمسمي' بلاك بلوك' رغم تأكيدهم علي عدم تخوين الآخر ودعوة بعض رموز الجبهة الجيش للتدخل الفوري لإسقاط نظام الحكم وتحرير مصر من الإخوان رغم أنهم كانوا بالأمس القريب يصرخون:' يسقط حكم العسكر'. ويبدو أن الشارع الثوري الذي كثرت مسمياته في الآونة الأخيرة ما بين متظاهرين ومثيري شغب وبلطجية والمضحوك عليهم وأنصار الفلول وأخيرا بلاك بلوك يسير في اتجاه أكثر انفلاتا وفوضي فمجموعات' بلاك بلوك' تتحدي ما صدر عن النائب العام من ضبط وإحضار ومجموعات أطلقت علي نفسها' وايت بلوك إسلامي' تهدد بالنزول للشارع بينما يتأهب باقي المصريين ل' جرين بلوك' بورسعيدي, وتستعد الإسماعيلية للجهاد السياسي ب' يلو بلوك' إسماعيلاوي. أصبحنا بلد حوارات الطرشان والبلوكات الملثمة والاتهامات الجاهزة والمعبأة التي طالت كل الاتجاهات والمسارات والتي تجد فيها الشئ ونقيضه صدقا وكذبا ملائكة وشياطين في وقت واحد وتري السياسي متعدد الألوان حسب طبيعة المكان والزمان والحضور وكأنه حرباء سياسية تحت الطلب دون بحث عن اتفاق أو تهيئة للتوافق وإذا صرخ فينا من يقول:' تواصوا وتراصوا' عاد رجع الصدي كالبرق والرعد:' وإن عدتم عدنا'. فهل يليق بنا أن نفعل ذلك في حق وطننا ومن سيتحمل فاتورة الفوضي السياسية ومن يعالج تقيح الأوضاع ومن يحمل' ترياق' الاتحاد لمصر في زمن أصبح الحب لا يغادر قلب صاحبه ومصلحته في اليقظة والمنام ؟ وإنا لمنتظرون! رابط دائم :