مشكلة القوي السياسية في مصر سواء تلك التي تحكم أو التي تعارض أنها تنظر إلي ما يمكن أن يحقق المصلحة والمصالحة الوطنية بنظارة سياسية لها عدستان الأولي محدبة تكبر مصالحها والثانية مقعرة تصغر مطالب الآخرين من زوايا تشوه الحقيقة ولا تعكس الواقع بأي حال من الأحوال ولا مكان فيها للوطن ولا المواطنين. ورغم تحفظي الشديد علي أية دعوة للحوار الوطني دون أجندة واضحة ومحددة وسابقة التجهيز فإن الرفض الدائم لهذا الحوار أصبح أمرا غير مستساغ ولا مقبول. مجلس الدفاع الوطني دعا للحوار بصورة, وبعض الشخصيات الوطنية ومنهم الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح قدم صورة أخري, ويطرح الرئيس النسخة الثالثة, وترد جبهة الإنقاذ الوطني بالرفض مع تبريرات من زوايا ثلاث تراها تترجم رؤيتها السياسية تارة بعدم قبول حوار شكلي, وأخري بأن الحوار مع الرئيس وجماعة الإخوان لا ينتهي إلي نتائج وإذا تم التوصل إلي نتيجة ما فإن أحدا لا يحترمها أو يلتزم بتنفيذها, وثالثة بوضع شروط في مقدمتها توفر الأمن الحقيقي الذي يحمي المواطن, وتقنين أوضاع جماعة الإخوان المسلمين, وتحديد المسئول عن أحداث العنف وإراقة الدماء. وكنت أنتظر من الداعين إلي الحوار أو رافضيه أو المبادرين بقبول المشاركة فيه أن يقوموا بتقييم نتائج جولات الحوار الوطني السابقة خاصة وأن كثيرا ممن شاركوا في تلك الجلسات كانوا يمثلون أحزابا وكيانات لا مكان لها علي أرض الواقع الحزبي كما تعامل البعض مع المشاركة في الحوار بنفس طريقة الأحزاب الصغيرة التي كان الحزب الوطني يستخدمها للديكور الديمقراطي في حين تعامل معها آخرون علي أنها الوسيلة المثلي لنيل الرضا الإخواني الذي فتح بوابة حصانة الشوري ومغارة علي بابا بأسهل الطرق وأيسر السبل. وليت الرئاسة ومعها الحكومة تقدم خارطة طريق لتوسيع نطاق الحوار المقبل وإنجاحه حتي لا يتحول إلي عمل سري لا جدوي منه مثلما حدث مع الحوار السابق جراء مشاركاته الديكورية ومناقشاته غير المجدية وتوصياته التي لا تسمن ولا تغني من نزاع أو خلاف أو شقاق سياسي, وليت المعارضة وخاصة جبهة الإنقاذ الوطني تضع صورة الوطن وليس الثوار والمتظاهرين أمامها لحسم موقفها من الحوار وأن تبتعد كل الأطراف عن الفكر السياسي الطفولي ومواقف وتحركات المراهقة السياسية التي تصب في صالح تأزم الموقف وتشجع النظام علي المزيد من الإجراءات والتي بدأت بفرض الطوارئ وحظر التجوال علي منطقة القناة. وأتفق مع من يقول: إنه علي من يحب مصر أن يذهب لحوار الأزمة ويلقي علي سمع الرئيس جميع الانتقادات, ويدفعه لإنقاذ مصر والتوصل لحلول توافقية بدلا من الانفراد بالرأي وأيضا علي من يحب مصر أن يستمع للآخرين ولا يقصر مشورته علي فصيل واحد وعشيرة واحدة وأن يتذكر أنه رئيس لكل المصريين.