مصر علي طريق الفوضي, هذا هو الوصف الحقيقي لما تمر به البلاد حاليا, من تحولات خطيرة في الشارع الذي بات قريبا من الانفلات الشامل في غياب كامل للدولة التي اختفت تماما من المشهد. وكأن الأمر لا يعنيها, والشأن لا يهمها, موجات متلاحقة من العنف والثورة العارمة اجتاحت البلاد في الساعات الماضية وسط توقعات بمزيد من التصعيد في ظل عدم وجود مؤشرات للتهدئة تخفف حدة الاحتقان وتحد من ثورة الغضب الشعبي التي اجتاحت الشوارع ونالت من مؤسسات الدولة ومرافقها. ومع تأكيد رفض أي أعمال تجنح بالثورة عن السلمية, وتخرج بها عن أهدافها النبيلة, فإنه من الإنصاف أن نؤكد أيضا أن جميع القوي الحاكمة أو المعارضة تتحمل مسئولية ما يحدث حاليا من أحداث جسام تهدد المجتمع بأثره وتضعه أمام خطر حرب أهلية لا قدر الله ستحرق الأخضر واليابس, وإن لم يراجع النظام الحاكم نفسه, ويرتفع إلي مستوي الأحداث بروح وطنية مخلصة بعيدا عن لغة التخوين, واتهامات التآمر, سيدفع بالبلاد إلي ما لا يحمد عقباه, وربما الحشود الجماهيرية التي نزلت الشوارع والميادين في القاهرة والمحافظات رسالتها كانت واضحة ومطالبها جاءت محددة, ويخطئ النظام الحاكم لو تعامل مع رسالة أمس علي أنها من أقلية, أو أن يتلقاها مشوهة بأعمال العنف التي جرت في بعض المواقع, ويتمادي في الخطأ إذا اعتقد أنها مجرد احتجاجية وستمر, أو أنها مؤامرة لإسقاط النظام أو انقلاب علي الشرعية, فالقراءة الصحيحة للأحداث والتي تفرضها المسئولية الوطنية تقول إن هناك شريحة واسعة من الشعب معترضة علي سياسات الرئيس مرسي, وتم تحديد هذه الاعتراضات بوضوح شديد مكتوبة في لافتات, مدوية في شعارات تقول: لا لأخونة الدولة, ولا لسياسات النظام, ولا لعدم التزام الرئيس بوعوده في تحقيق مطالب الثورة في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية. وجاءت التفاصيل تؤكد أن نظام الرئيس بدلا من أن يلتزم بتوفير العيش وتحسين جودته, حدد لكل مواطن3 أرغفة فقط, ثم تعامل مع تحقيق الحرية بالتضييق علي الإعلام وتحويل عدد كبير من الإعلاميين للتحقيق, فيما تعامل مع مطلب العدالة بالتغول علي السلطة القضائية وحصار المحكمة الدستورية وتعيين النائب العام, بينما لم يلتزم بدستور لكل المصريين, إضافة إلي تدهور الحياة المعيشية للمواطنين واستمرار غياب الأمن. هكذا جاء مضمون الرسالة التي لا يختلف عليها اثنان, ومن ثم, فإن المسئولية الوطنية تقتضي التعامل معها بأنها مطالب مشروعة للشعب من رئيس انتخبه الشعب وقطع علي نفسه عهدا ووعدا حينما قال: إن أحسنت أعينوني, وإن أخفقت قوموني.. وفي قول آخر: يثور الشعب ضدي, وها هو الشعب يثور يا سيادة الرئيس. [email protected] رابط دائم :