تعد حلوان من أهم وأبرز المعالم السياحية في مصر حيث كانت مقصدا للسائحين من كافة أنحاء العالم لمناخها الساحر وشمسها الدافئة وهوائها النقي فضلا عما تضمه من مناطق أثرية تحمل في جنباتها روعة وأصالة الماضي وعبق التاريخ حيث تشير بعض الدراسات التاريخية إلي أن مدينة حلوان التي تطل علي النيل بمسافة طويلة وتقع شرق النيل كانت أمام مدينة ممفيس القديمة وتسمي( حر عين آن) وتحور فيما بعد إلي حلوان أي المنطقة التي تقع فوق عيون الماء. وأنه في عهد الخديوي عباس الأول عام1849 كان الجيش يعسكر بالقرب من حلوان وتصادف أن أصيب العديد من الجنود بالجرب وكان أحد هؤلاء الجنود يتجول في الصحراء ناحية التلال فاكتشف مياها غريبة تحتوي علي كبريت وما أن اغتسل فيها حتي تناقصت حكة الجلد وشفي منها فأخبر رفاقه بالأمر وشفوا مما أصابهم ووصلت أخبار هؤلاء العسكر للخديوي الذي أرسل بدوره العديد من الجنود والمدنيين للاستشفاء بمياهها وعندما ثبت جدوي العلاج بمياهها أصدر الخديوي إسماعيل أوامره ببناء منتجع حراري حول هذه العيون لاستخدام حماماته في علاج المرضي وقد أسند ادارته لأحد الباحثين الذين درسوا التأثيرات العلاجية لمياه حمامات حلوان وكان يدعي الدكتور(رايل) والذي يسمي باسمه أحد أهم الشوارع الرئيسية بحلوان حاليا, ثم توالي بعد ذلك انشاء مجموعة من الحمامات أبرزها الحمامات التي أنشئت عام1899 والتي نالت شهرة عالمية في العلاج وتوافد عليها السائحون من كافة أنحاء العالم وتحولت حلوان إلي منتجع سياحي ضخم كما تم تخصيص فندق كبير للحمامات بشارع منصور بحلوان وكان يسمي حينذاك بفندق جراند أوتيل الحياة والذي تحول فيما بعد إلي مدرسة حلوان الثانوية للبنات. ولاتزال حلوان تضم العديد من المناطق الأثرية الهامة منها علي سبيل المثال لا الحصر سد جراوي أو سد الكفرة والذي تم بناؤه عام26 قبل الميلاد في منطقة وادي جراوي التي تقع جنوب شرق مدينة حلوان علي مسافة34 كم, وقد تم بناؤه بطول25 كم وعرض يتعدي المائة متر وارتفاع37 مترا, بهدف تجميع مياه الأمطار وتخزينها داخله طوال العام ليستفيد منها العمال الذين كانوا ينقبون عن أحجار المرمر في هذا المكان لاستخدامها في بناء الأهرامات والمعابد وقد تم اختيار أراضي دلتا وادي جراوي لاقامة مصانع الحديد والصلب والكوك والكيماويات الأساسية والأسمدة وعلي حوافها تقع محاجر الشركة القومية وقد نالت شعاب وادي جراوي شهرة واسعة عند الفراعنة للحصول علي الحجر الجيري والمرمر ويعتبر جاوي أول وأقدم سد حجري بالعالم تكاد تطمس معالمه بفعل البشر فنجد شركات المحاجر تزحف عليه من كل جانب وتكاد تدمر المنظومة الجيولوجية حوله وإن لم تسارع الجهات المعنية متمثلة في وزارة السياحة لتأهيل الموقع سياحيا وكذلك وزارة البيئة بوضعه ضمن المحميات الطبيعية في مصر وتحمل مسئوليتهم الوطنية تجاه هذا الأثر فسوف تطمس معالمه وكأن لم يكن. وعلي جانب آخر نجد متحف الشمع يغلق أبوابه أمام الجمهور منذ سنوات عدة ويعد هذا المتحف الوحيد من نوعه في مصر حيث يجسد كفاح شعب مصر علي مر العصور بدءا من العصر الفرعوني مرورا بالعصر القبطي والإسلامي وملامح للحياة الريفية وحادثة دنشواي ويضم أيضا عائلة فرعونية وتمثالا للملكة كليوباترا وبدلا من أن يتردد عليه المواطنون والأجيال الجديدة ليتعرفوا عليه ويفخروا بكفاح شعبهم العظيم عبر التاريخ نجد أنه أصبح مرتعا للكلاب الضالة وتجمع مياه الصرف الصحي والقاذورات المنتشرة هنا وهناك. ومما سبق نجد أن معالم حلوان السياحية تتدهور بها الحال من سييء إلي أسوأ وللوقوف علي حقيقة الوضع الحالي هناك تجولت كاميرا الشركاء بمنطقة حلوان حيث شاهدنا مبني الكابريتاج بحلوان الذي تم هجره بعدما تعرض له من أعمال سرقة وبلطجة والذي كان فيما مضي يشمل سياحة علاجية مع جانب ترفيهي ورأينا ما آل إليه الحال هناك كما شاهدنا بجواره المركز الطبي للعلاج الطبيعي والروماتيزم والذي يحتوي علي عيون كبريتية للاستشفاء من أمراض عديدة حيث تشير الدراسات التي أجريت علي مياه هذه العيون أن الماء يتدفق من باطن الأرض رقراقا صافيا ولكن عندما يخرج من تحت سطح الأرض ويلامس الهواء تظهر عليه طبقة من الكبريت وملح الكالسيوم الذي يفيد في علاج أمراض الروماتيزم والكبد والمسالك البولية. وهناك التقينا ايضا العديد من المواطنين حيث تقول الحاجة صباح السيد عبدالحكم أتردد علي المركز الطبي للروماتيزم باستمرار للعلاج من آلام العظام والفقرات حيث توجد جلسات مياه كبريتية وهي الأكثر نفعا. كما توجد جلسات كهرباء وشمع ولكن المياه الكبريتية مريحة جدا, وبصراحة المركز يضم طاقم خدمات طبية ممتازا حيث أجد كل رعاية واهتمام, وتقول ناهد عبدالصبور جلسات البخار تسحب الالتهاب من الجسم وأري ناسا من محافظات مختلفة ومن دول عربية يترددون علي هذا المكان ونتمني أن يقوموا بتجديده ليكون واجهة مشرفة لمصر. وتؤكد كريمة أحمد صلاح( من عرب كفر العلو بحلوان) قائلة أعاني من روماتويد منذ سنوات وأتردد علي المركز باستمرار حيث أشعر براحة شديدة لعلاجهم وعلي جانب آخر نجد أن المركز الطبي يضم10 شاليهات للوافدين من أماكن بعيدة بواقع30 جنيها في الليلة شاملة العلاج والخدمات المعاونة وذلك للمصريين فقط أما الأجانب فتبدأ الأسعار للشاليهات من85 جنيها للشاليه ومن خلال جولتنا بداخل المركز وجدنا شابة قعيدة تقيم بأحد الشاليهات منذ عام2009 حيث تستدعي حالتها الصحية بقاءها بالمركز للعلاج إثر تعرضها لحادث انقلاب سيارة أعقبه شلل وأيضا وجدنا سيدة من المنصورة تقيم بشاليه آخر للعلاج. وخلال تجولنا بمناطق أخري بحلوان التقينا عبدالله جاد معوض( حارس أمن) حيث يقول أن عين حلوان مياهها شفاء للكثير من الأمراض وسمعت أن الحكومة أرادت تعبئتها باعتبارها مياها معدنية تمهيدا لتصديرها لكنهم وجدوها قد تحولت إلي دم ويضيف عبدالرازق حسب الله قائلا: كنا نتردد عليها منذ سنوات كثيرة ولكن منذ أن أغلقت أبوابها لم ندخلها حتي الآن, وتؤكد الحاجة محاسن محمود قائلة عين حلوان كنا نذهب إليها منذ أكثر من15 عاما ولكن عندما احتلها البلطجية بدأت أخاف علي أولادي. وفي النهاية لايسعنا إلا بأن نطالب المسئولين عن هذا البلد بأن يتحملوا مسئولياتهم الوطنية تجاه ما تضمه حلوان من مناطق أثرية حتي تعود إلي سابق عهدها. تحقيق من حلوان: مروة حسن لمياء إبراهيم رابط دائم :