قررت محكمة جنايات أمن الدولة العليا' طوارئ' في جلستها المنعقدة أمس برئاسة المستشار صفوت الحسيني تأجيل محاكمة عناصر البؤرة الإرهابية المنسوب لأعضائها اعتناق فكر التكفير والجهاد المسلح واستهداف الأقباط والسائحين الأجانب والسفن العابرة لقناة السويس والمعروفة إعلاميا ب' خلية الزيتون' , وذلك لجلسة اليوم لفض الأحراز والمضبوطات التي عثر عليها بحوزة المتهمين. شهدت جلسة أمس التي استمرت نحو4 ساعات مفاجأة مدوية عقب كشف المستشار طاهر الخولي المحامي العام لنيابة أمن الدولة العليا عن نص رسالة وجهها محمد فهيم حسين, المتهم الأول بالقضية من داخل محبسه, والمنسوب إليه تزعم الخلية, إلي رئيس المحكمة يعلن فيها تبرأه من أفعال زملائه ويقر بقيامهم بحادث السطو المسلح علي محل كليوباترا للمجوهرات بمنطقة الزيتون وقتل العاملين به, وهم من الأقباط, بغية تمويل عمليات إرهابية علي الأراضي المصرية. وقال المتهم فهيم في الرسالة التي تلا نصها المستشار طاهر الخولي, وسط ذهول ودهشة كبيرين من بقية المتهمين وهيئة الدفاع عنهم, إنه ينبذ أعمال العنف والإرهاب بكل صورها وأشكالها, مشيرا إلي أن' سرية الولاء والبراء' التي تزعمها كان هدفها الحقيقي في بداية تكوينها- مساعدة حركات المقاومة المسلحة في الأراضي الفلسطينية والعراق وغيرهما من الدول الإسلامية. وأضاف فهيم في رسالته, التي قال إنه كتبها بمحض إرادته, إنه لدي علمه باعتزام زملاء له في الخلية ارتكاب بعض أعمال العنف علي الأراضي المصرية, قام علي الفور بقطع علاقته بهم, مؤكدا أن زملاءه المتهمين محمد خميس وأحمد شعراوي وياسر عبد القادر عبد الفتاح ارتكبوا حادث محل المصوغات بمنطقة الزيتون وقصدوا قتل العاملين به. واعتبر فهيم في رسالته أن زملاءه ارتكبوا أفعالا لا تقرها الشريعة والدين الإسلامي الحنيف وأنهم اتخذوا من الدين ستارا لارتكاب أفعال عنف وسرقات, كاشفا عن قيام المتهم محمد خميس بإحداث إصابات بجسده داخل محبسه ونسب ارتكابها زورا- أي خميس- إلي الأجهزة الأمنية واتهمها بتعذيبه, دعا فيهم الشباب إلي الابتعاد عن الحركات والجماعات الإسلامية المشابهة حفاظا لأنفسهم. ولم يكد المستشار طاهر الخولي ينتهي من استكمال قراءة رسالة المتهم محمد فهيم المؤرخة بتاريخ12 أبريل الحالي, حتي صرخ المتهمون من وراء قضبان قفص الاتهام قائلين إن ما ورد في رسالة فهيم لرئيس المحكمة محض كذب وافتراء عليهم, وانه- أي فهيم- أراد أن ينجو بنفسه فوق جثثهم, مشيرين إلي أنه نسب إليهم ما لم يرتكبوه أو يقدموا عليه, فيما طلب المستشار الخولي من المحكمة إحضار محمد فهيم من داخل غرفة المداولة بالمحكمة, حيث كان يتم احتجازه بمفرده بمنأي عن بقية المتهمين قبل عرض الرسالة وبعدها خشية أن يفتك به بقية المتهمين الذين كانوا في حالة صدمة وذهول, وطلب الخولي سماع أقوال فهيم بشأن تلك الرسالة ومناقشته فيها. وفور مثول المتهم محمد فهيم أمام المحكمة انهالت عليه شتائم وسباب من بقية المتهمين داخل القفص الأمر الذي دفع رئيس المحكمة للتدخل لتهدئة الأجواء المتوترة, و قام بسؤال فهيم حول ما ورد بالرسالة, إلا أن هيئة دفاعه تمسكت بعدم الاستماع إلي أقواله بشأن تلك الرسالة, مؤكدة أنه لا يجوز قانونا استجواب المتهم دون اذن محاميه. واتهم الدفاع الأجهزة الأمنية بحقن محمد فهيم بمواد وعقاقير طبية أفقدته الذاكرة وسلبته إرادته, و'تنويمه مغناطيسيا' لكتابة مثل هذه الرسالة, وترديد ما أملي عليه أمام المحكمة, معتبرين أن مثل هذه الرسالة هدفها تأليب المتهمين ضد بعضهم البعض وتشتيت دفاعهم. ووصف فهيم, في عجالة, زملائه بالمجرمين الذين لا يستحقون أن يتم الدفاع عنهم, قبل أن يقاطعه محاموه, ويطالبون بعرضه علي لجنة طبية ثلاثية بمصلحة الطب الشرعي لمعرفة ما إذا كان قد تم التأثير عليه بمعرفة عقاقير طبية أو تنويم مغناطيسي كي يدلي بمثل هذه الأقوال وكتابة هذه الرسالة, قبل أن يعودوا مجددا ويتهموا الطب الشرعي نفسه بعدم الحيادية, وأن التقارير الصادرة عنه حول الحالة الطبية والنفسية للمتهمين تتسم بالتناقض. وحاول أهالي المتهمين الذين احتشدوا بكثافة داخل قاعة المحكمة مقاطعة سير المحاكمة أكثر من مرة, الأمر الذي هدد معه رئيس المحكمة بإخلاء القاعة التي شهدت أكثر من حالة إغماء لأفراد من عائلات المتهمين, فيما تخللت الجلسة في بعض فتراتها مشادات كلامية عنيفة بين هيئة الدفاع عن المتهمين من جهة, ونيابة أمن الدولة العليا من جهة أخري, اعتراضا من الجانبين علي الأوراق المقدمة وطلبات كل منهما في القضية, الأمر الذي دفع رئيس المحكمة إلي رفع الجلسة في منتصفها واستدعاء المحامين إلي داخل غرفة المداولة من أجل تهدئة الموقف. وهدد المستشار طاهر الخولي المحامي العام لنيابة أمن الدولة بردود عنيفة إذا ما واصل دفاع المتهمين نهجه القائم علي التشكيك في حيادية النيابة في الدعوي العمومية واتهامها بالتواطؤ من أي جهة أخري ضد المتهمين, مشيرا إلي أن من حق الدفاع أن يعترض علي ما تبديه النيابة بالصورة والكيفية التي حددها القانون فقط دون أن يمتد هذا الاعتراض إلي التطاول علي النيابة العامة. وحسم المستشار صفوت الحسيني رئيس المحكمة الخلاف بين هيئة الدفاع والنيابة بالتأكيد علي أن كل طلبات الدفاع السابقة وما يستجد من طلبات أخري سيتم الاستجابة إليها, وسمح لكل متهم بالانفراد بمحاميه لمدة5 دقائق داخل غرفة المداولة. وأكد المستشار الحسيني عقب عودته وهيئة المحكمة لاعتلاء المنصة أنه ستتم عرض المتهمين علي لجنة طبية ثلاثية من الطب الشرعي غير التي باشرت مناظرتهم قبل إحالتهم للمحاكمة, فيما علق المستشار طاهر الخولي علي طلبات الدفاع بانتداب لجنة طبية للكشف علي المتهمين لبيان ما بهم من إصابات وما إذا كانت تلك الإصابات ناتجة عن تعذيب أم لا بالقول إن3 من المتهمين الذي قررت المحكمة بالجلسة السابقة عرضهم علي الكشف الطبي بناء علي طلبهم وطلب دفاعهم, قد رفضوا الامتثال لقرار المحكمة بتوقيع هذا الكشف. كانت نيابة أمن الدول العليا تحت إشراف المستشار هشام بدوي المحامي العام الأول قد وجهت إليهم عدة تهم منها الانضمام إلي جماعة أسست علي خلاف أحكام القانون والدستور والاعتداء علي الحرية الشخصية للمواطنين تسمي جماعة سرية الولاء والبراء وتدعو إلي تكفير الحاكم وإباحة الخروج عليه وتغيير نظام الحكم بالقوة واستحلال أموال الأقباط واستهداف المنشآت العامة والبترولية والمجري الملاحي لقناة السويس والسفن المارة بها بهدف الاخلال بالنظام العام وتعريض سلام المجتمع وأمنة للخطر.