تمثل رائحة الفم الكريهة مشكلة صحية لبعض الأفراد بسبب إهمالهم لنظافة الفم مما يؤدي لتخمر بقايا الطعام بين الأسنان, وتتراكم الرواسب الجيرية, وتنمو فيها الجراثيم, والبكتريا التي ينتج عنها غازات كريهة تسبب هذه الرائحة. بالإضافة للتدخين الذي يسبب التهاب الغشاء المخاطي, بل يمكن أن يرجع ذلك إلي وجود مشكلات في الجهاز الهضمي والكبد تنذر بحدوث هبوط شديد في وظائفهما, فضلا عن النفور الذي يلقاه المريض من الأشخاص المخالطين له,وخاصة أفراد أسرته مما يمكن أن يهدد الاستقرار الأسري, ولذلك يجب المحافظة علي نظافة الفم باستخدام فرشاة الأسنان, والسواك مع الإسراع باستشارة الطبيب المختص عند استمرار هذه الرائحة. بداية يقول الدكتور عادل الخضري رئيس قسم المواد المستعملة في طب الأسنان بجامعة القاهرة:إن رائحة الفم الكريهة حالة مرضية تعرف بالبخر لأن الفم النظيف ليست له رائحة في الحالة الطبيعية, وبالنسبة للأسباب التي ترتبط بالفم ينتج ذلك عن تخمر فضلات الطعام المتبقية ما بين الأسنان,وفي الحفر النخرة فيها بفعل الجراثيم فتخرج غازات كريهة تسبب الروائح النتنة, ويزيد من سرعة التخمر إهمال تنظيف الفم, ووجود الرواسب الجيرية ذات اللون الأصفر حول الأسنان, وتؤدي إلي تقطيع أنسجة الفم, وإحداث النزيف, وكذلك تسوس الأسنان, ووجود أسنان مشوهة أو حشوات غير سليمة في وضعها مع إصابة اللثة ببعض الأمراض مثل الجيوب والالتهابات باللثة, ومن ثم تجد الجراثيم في هذه الأفواه المكان المناسب من حيث الغذاء والحرارة الملائمة لنموها. جفاف الفم كما أن جفاف الفم يزيد من رائحته الكريهة, حيث تجف الأنسجة, ويقل اللعاب الذي يقوم بعملية غسيل للفم من خلال إزالة البكتريا, والميكروبات, والمواد الكبريتية المتراكمة علي الأسنان, ولذلك نجد أن الأفراد الذين يتنفسون من أفواههم أكثر تعرضا لبخر الفم, بل إن مرضي السكر يعانون من ذلك بسبب جفاف الفم, وهذه الرائحة تكون أشد في الصباح نظرا للاختمار الذي يحدث طوال الليل, حيث أن تناقص اللعاب في أثناء النوم يزيد تفسخ البقايا والفضلات ونمو البكتريا بدرجة أكثر. ويضيف أن التدخين يعد أحد أسباب تلك الرائحة الكريهة التي تخرج من الفم لأنه يؤدي إلي التهاب الغشاء المخاطي, وتضخم الغدد المخاطية بالجزء الخلفي لسقف الفم مع حدوث انسداد بقنواتها, بل يمكن أن تحدث تقرحات وضمور في الحليمات الموجودة علي اللسان, بالإضافة إلي البخر الذي يخرج من فم المدخن, ويسبب نفور الأفراد منه, ويغير لون أسنانه إلي اللون الأصفر. الغيبوبة الكبدية أما الدكتور سعيد شلبي أستاذ أمراض الجهاز الهضمي والكبد بالمركز القومي للبحوث فيقول: إن الرائحة الكريهة للفم مشكلة صحية موجودة لدي بعض الأشخاص, ومن الممكن أن تؤثر بالسلب علي ممارسة الشخص المريض بها لحياته الاجتماعية بالشكل الطبيعي نتيجة لنفور الأفراد المحيطين به, وفيما يتعلق بأسبابها التي ترتبط بالجهاز الهضمي والكبد, فيمكن أن تحدث نتيجة لهبوط وظائف الكبد, وتكون مشابهة لرائحة التفاح الفاسد أو الأسيتون الذي يستخدم كغسول للأظافر, ويعد ذلك دليلا علي وجود هبوط شديد في وظائف الكبد, بل هو مؤشر لقرب حدوث مرحلة ما قبل الغيبوبة الكبدية, ولهذا يجب علي المريض أن يسارع باستشارة طبيب متخصص في أمراض الكبد ليحدد له بعض الأنظمة الغذائية, والأدوية التي تحميه من الدخول في مرحلة الغيبوبة الكبدية أو الهبوط الحاد في وظائف الكبد وما يترتب علي ذلك من أمراض خطيرة, وكذلك يمكن أن تعود هذه الرائحة لبطء حركة الجزء السفلي من الجهاز الهضمي مما يقلل خروج الفضلات بطريقة منتظمة, فتخرج من الفم رائحة تشبه رائحة البراز, لتواجد الفضلات في القولون لفترة طويلة مع تخمرها, وأيضا في حالات الانسداد المعوي أو الالتواء المعوي نتيجة لحركة عنيفة أو الإصابة ببعض الديدان, وهنا يحدث ميل للقيئ مع انعكاس في الحركة الدورية للأمعاء, وحدوث رائحة كريهة, وغالبا ما يتبع ذلك القيء المتكرر, والانتفاخ, وصعوبة التبرز, ووجود آلام شديدة بالبطن تتطلب التدخل الجراحي السريع, وكذلك تصدر هذه الرائحة عند المرضي الذين يعانون عسر الهضم لأن كميات الأكل تكون أكثر من قدرة العصارات الهضمية فلا يحدث هضم لها وبالتالي تتخمر في المعدة والأمعاء, وتنطلق منها الرائحة الكريهة. العلاج ويري الدكتور الخضري أن علاج هذه الرائحة يتم من خلال الحرص علي نظافة الفم, والمتابعة مع طبيب الأسنان لكي يعالج الأنسجة المصابة, ويزيل الأجزاء المشوهة والتي تتجمع بها فضلات الطعام مما يؤدي لنمو البكتريا والجراثيم, وكذلك يمكن استعمال غسولات الفم التي تحتوي عوامل مضادة للجراثيم مثل ماء الأكسجين وهو محلول يؤثر موضعيا علي الجراثيم, ويزيد نسبة الأوكسجين بالفم فيقلل بقايا الأغذية بين الأسنان وينظفها, ويقلل التهابات الفم واللثة, وكذلك الكلوروفيل الذي يتدخل في الأكسدة, وينشط الخلايا الحية مما يساعد علي سرعة التئام الجروح والتقرحات, وينظف المواد التي تعتبر سببا لرائحة الفم الكريهة, ويوجد في النباتات الخضراء مثل الخس والسبانخ, ويدخل في تركيب بعض معاجين الأسنان.كما أن هناك بعض الأطعمة التي تبعث الرائحة الكريهة في أنفاس من يأكلها مثل البصل برغم قيمته الغذائية المهمة وقدرته علي قتل الجراثيم المستوطنة في الفم والأمعاء, واحتوائه علي عنصري الحديد, والفسفور, وفيتامين( أ) بكميات وفيرة, أما الثوم فهو يقتل البكتريا لاحتوائه علي مادة الاليسين وغناه بالفسفور والكالسيوم, ويستحسن ألا يكون آخر طعام يتناوله الفرد من الأنواع التي تتلتصق بالأسنان,وكذلك الحال بالنسبة للمشروبات التي تحتوي علي أحماض لأنها تتفاعل مع سطوح الأسنان, وتسبب تأكلها. د. عادل الخضري أستاذ الاسنان بطب القاهرة