في ظل الرواج الكبير وبعد ظهور مافيا مخالفات المباني التي تقدر قيمتها بعشرات المليارات وإصابة بعض مؤسسات الدولة بالشلل التام, حيث لم تعد أدواتها قادرة علي ملاحقة هذه العصابات وتفاقم أزمة الاقتصاد القومي. ظهر اتجاه نحو زيادة الغرامات علي المباني المخالفة دون إزالتها, بحيث نضمن معاقبة المخالف بشكل رادع دون إهدار لثروات الدولة أو القضاء علي فرص عمل, ولكن بشرط تحقق السلامة الإنشائية للمبني. وأوضح الدكتور علي عبدالرحمن, محافظ الجيزة, أنه يوجد نوعان من المخالفات: الأول لا يمكن معه استمرار بقاء المبني, حيث إنه يعوق حركة المرور أو الطيران المدني, أو في حالة المخالفات الهندسية في تصميم المبني, وفي مثل هذه الحالات تتم إزالة المبني تحت تأمين من الشرطة بعد الحصول علي توقيع من الحي والمحافظة علي قرار الإزالة. وأضاف أن النوع الثاني من المخالفات يمكن معه بقاء المبني في حالة عدم توافر الشروط السابقة, ولكن يتم إقرار غرامات مالية علي المبني تتراوح قيمة الأعمال في المتر المسطح فيها ما بين300 جنيه و600 جنيه, حسب موقع المبني المخالف. وأشار إلي أن المحافظة تقوم بتحصيل ضعف قيمة الأعمال المخالفة وليس قيمة المخالفة فقط, ومع ذلك تكون قيمة الغرامة ضئيلة, مقارنة بأسعار المبني المخالف. وأكد أنه في حالات التعدي علي أراضي الدولة تتم مصادرة المبني المخالف ويتم بيعه لمصلحة المنطقة التي حدثت بها المخالفة كمصاريف تنمية للمنطقة, وذلك طبقا للقانون الساري911 لسنة2008. من جانبه, قال محمد السيد, مدير التخطيط العمراني, إن هناك عدة اتجاهات تمت دراستها للاستفادة من مخالفات المباني والحد منها, ومعاقبة المخالف أيضا, ومن هذه الاقتراحات التي تمت دراستها, بقاء المبني المخالف علي حالته ومصادرته لمصلحة الدولة, لكن بعد إقرار الدستور الجديد يعتبر هذا الاقتراح مخالفا قانونيا لمواد الدستور. واضاف أن الاتجاه المتفق عليه حتي الآن هو زيادة قيمة الغرامات التي تفرض علي المباني المخالفة وتحصل هذه الغرامات لصالح الدولة بالرعاية أو تطوير المناطق العشوائية بعد الحصول علي تقرير السلامة الإنشائية للمبني من حيث سلامة تصميمه هندسيا. من ناحيته قال الدكتور عصام درويش خبير اقتصادي إن مجرد وجود مبني مخالف يعني ذلك وجود مخالفة قانونية حتي لو توافر تقرير السلامة الإنشائية للمبني, وبالتالي يجب تطبيق الأحكام القانونية والغرامات علي المباني لتحقيق سيادة القانون لتجنب نظرة الاحقاد الاجتماعية في المجتمع وكوسيلة ردع للمخالف. واقترح أن يتم النظر إلي موقع المبني المخالف بعد فرض الغرامة القانونية من حيث صلاحيته كحي سكني ويتم اتخاذ الإجراءات والتراخيص اللازمة للمبني, وفي حالة زيادة سعر المبني تقوم الدولة بتحصيل هذه الزيادة لصالحها أي أنه يتم فرض غرامة أو ضريبة أخري, علي فرق السعر بين سعر الشراء وسعر بيع العقار. واضاف أن الغرامة أو الضريبة الجديدة تفرض لمرة واحدة بنسبة تصل إلي40% ويتم إصدار قانون من رئيس الجمهورية أو المجلس التشريعي لتحصيل هذه الضريبة, مؤكدا أنه في حالة إخلال العقار بالمنظومة يجب إزالة المبني المخالف فورا. واتفق معه الدكتور عبدالمطلب عبدالحميد عميد مركز البحوث الاقتصادية بأكاديمية السادات ورئيس قسم الاقتصاد في ضرورة إزالة المبني المخالف هندسيا, مؤكدا مسئولية الحكومة المصرية في محاربة الفساد من خلال فرض الغرامات علي العقارات المخالفة واعتبار هذه الغرامات موارد للدولة, وبالتالي تحقيق مبدأ تكلفة الفرصة البديلة. حيث ما كان مجالا للفساد سابقا يمكن أن يصبح مجالا للإيرادات التي تحصلها الدولة. وأشار إلي أنه في حالة فرض الغرامات يتم معاقبة المخالف لكن دور إهدار الثروات المصرية وتحقيق الاستفادة للاقتصاد القومي بالاضافة إلي توفير هذه المباني لفرص عمل للعديد من الشباب ذوي الحرف, مؤكدا الدور الذي تلعبه المحليات والحكومة المركزية في حصر أعداد المباني المخالفة في جميع محافظات مصر. من جانبه, أشار الدكتور حسن علام رئيس الجهاز الفني للتفتيش علي أعمال البناء إلي أن مجموع المباني التي تم الحصول علي رخصة تعلية لها في شهر نوفمبر2012 بلغ309 مبان بناء علي تقارير استشارية من نقابة المهندسين. أما المباني الاخري التي تمت تعليتها دون رخصة لا يعلم أحد شيئا عن عددها. وأكد وجود تضارب في التقارير الاستشارية الهندسية التي تأتي بخصوص مبني واحد من قبل المهندسين الاستشاريين. حيث يكون أحد التقارير يفيد بأن الاساسات والاعمدة تتحمل بأمان تام الاحمال الناتجة عن التعلية, وفي المقابل يفيد التقرير الثاني أن المبني لا يتحمل تعلية اضافية, ونتيجة لذلك يقف الحي مكتوف الايدي امام اختيار أي من التقريرين اصح ويتم الأخذ به. واضاف أن نتيجة لوجود هذا التضارب قام الجهاز الفني للتفتيش علي أعمال البناء بعمل نموذج تقرير فني لدراسة تعلية مبني يشتمل علي كل المعلومات والبيانات والرسومات الهندسية حتي لا تختلف التقارير الاستشارية من مهندس لآخر.