قليلون أولئك الذين عاشوا حياتهم في ظلال القرآن يتتبعون أسراره ويحاولون تدبر معانيه ويجاهدون في الوصول إلي تفسير آياته ومعانيه ولكن تبقي حلاوته وطلاوته علوا في المقام والمقامة لا يعلو عليه إنسان يعد من كبار علماء التفسير والفقه والحديث والأصول والشعر والأدب, لقب بزين الإسلام.. وهو عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة أبو القاسم القشيري. ولد في قرية تدعي استوا في نيسابور وتقع في ايران في سنة346 ه ومات والده وهو طفل صغير فقامت والدته برعايته وتعلم اللغة العربية والادب وتفوق في الاصول والفقه وبرع في النحو... أجمع أهل عصره علي أنه سيد زمانه وانه قدوة وبركة للمسلمين في ذلك العصر.. عرف عن الشيخ أبي القاسم القشيري كثرة تصانيفه ولاسيما بعد وفاة شيخه أبي علي الدقاق, فأخذ في التصنيف وصنف التفسير الكبير الذي سماه التيسير في علم التفسير ولطائف الاشارات تفسير القرآن الكريم في ست مجلدات, وكتاب المقلوب الصغير والكبير, وشكاية أهل السنة, وناسخ الحديث ومنسوخه, وكتاب الجواهر, وشرح اسماء الله الحسني و التحبير في التذكير واداب الصوفية, ولطائف الاشارات وكتاب المناجاة, وكتاب نحو القلوب الكبير, وأحكام السماع, وكتاب الأربعين في الحديث, الرسالة القشيرية ومن لطائف الامام القشيري في البسملة انه قال: الباء في بسم الله حرف التضمين, أي بالله ظهرت الحادثات, وبه وجدت المخلوقات, فما من حادث مخلوق, وحاصل منسوق, من عين وأثر وغبر, وغير من حجر ومدر, ونجم وشجر, ورسم وطلل, وحكم وعلل إلا بالحق وجوده, والحق ملكه, ومن الحق بدؤه, وإلي الحق عوده, فبه وجد من وحد, وبه جحد من ألحد, وبه عرف من اعترف, وبه تخلف من اقترف. وقال: بسم الله ولم يقل بالله علي وجه التبرك بذكر اسمه عند قوم, وللفرق بين هذا وبين القسم عند الآخرين, ولأن الاسم هو المسمي عند العلماء, ولاستصفاء القلوب من العلائق ولاستخلاص الأسرار عن العوائق عند أهل العرفان, ليكون ورود قوله( الله). ومدحه عبد الغافر بن اسماعيل قائلا: الإمام مطلقا الفقيه المتكلم الأصولي المفسر الأديب النحوي الكاتب الشاعر لسان عصره وسيد وقته, وسر الله بين خلقه, شيخ المشايخ وأستاذ الجماعة ومقدم الطائفة, ومقصود سالكي الطريقة وشعار الحقيقة وعين السعادة وحقيقة الملاحة, لم ير مثل نفسه ولا رأي الراءون مثله في كماله وبراعته, جمع بين علم الشريعة والحقيقة وشرح أحسن الشرح أصول الطريقة وقد توفي الشيخ القشيري سنة465 ه.