في بلد كبير مثل الهند يضم ثاني أكبر كتلة سكانية في العالم حيث يبلغ عددهم1.2 مليار نسمة, تمثل17% من التعداد العالمي وتعد البلد الأكثر ازدحاما, يدين80% من سكانه بالديانة الهندوسية, وتتعدد الديانات واللغات والأعراق والثقافات, ليس من المستغرب وقوع مئات حالات الاغتصاب والتحرش الجنسي يوميا تتوزع علي28 ولاية و7 أقاليم اتحادية. والهند شأنها شأن كل دول العالم.. ليس بمقدورها في ظل هذا التعداد الهائل والتنوع الكبير أن تمنع نهائيا عمليات التحرش والاغتصاب, غير أن الاغتصاب الجماعي لطالبة الطب 23 عاما علي متن حافلة في نيودلهي علي يد عصابة من4 أفراد بينهم سائق الحافلة, وضربها بعصا حديدية هي وصديقها, وتجريدها من ملابسها ثم إلقائها في حالة خطيرة, في حادث أثار ردود فعل غاضبة واسعة النطاق في أنحاء البلاد, ودفعت المواطنين إلي التظاهر احتجاجا علي تقاعس الشرطة في حماية النساء من الجرائم الجنسية, ودفعت أعضاء البرلمان بعد أن أوقفوا مناقشاتهم إلي المطالبة بتشديد العقوبات في هذه القضايا واتخاذ إجراءات أكثر صرامة لتوفير حماية أكبر للنساء, وتوقيع عقوبة الإعدام شنقا بحق المغتصبين, جدد طرح قضية العنف ضد النساء في المجتمع الهندي. ومدينة نيودلهي سجلت ارتفاعا ملحوظا في عدد جرائم الاغتصاب بنسبة تزيد علي20% خلال عامين, حيث سجلت عام5072010 حالات اغتصاب, وصلت في2012 إلي635 حالة, بخلاف الحالات التي لا يتم تسجيلها والتي قد تتعدي هذه الأرقام بكثير. ليس الأمر مستغربا في بلد ترتفع فيه نسبة الأمية والفقر وسوء التغذية إلي مستويات عالية, رغم النمو الاقتصادي الكبير الذي يضع الهند ضمن الدول الأعلي نموا اقتصاديا في العالم. وذكرتني هذه الجريمة بمناقشات المؤتمر العالمي للسكان الذي استضافته القاهرة عام1994 حول مكانة المرأة في المجتمع الهندي وما تعانيه من تمييز واضح, حيث دارت ندوة كاملة لمحاضرات هنديات من الناشطات في مجال حقوق المرأة أوضحن فيها بالأرقام الخطر الذي تتعرض له النساء في هذا البلد الرائع علي أيدي الذئاب البشرية, وكانت الشكوي من تحميل المرأة المجني عليها مسئولية اغتصابها, فهي دائما من يدفع الثمن بينما يمضي الجاني حرا طليقا من دون عقاب! والثمن الذي تدفعه إما حياتها لأنها جلبت العار لأسرتها أو إساءة معاملتها ونبذها من الحياة الاجتماعية.. وهذا في رأيي ما أدي لمثل هذه الجريمة البشعة.