يصيب اعوجاج العمود الفقري أكثر من5% من الأطفال في مرحلة الشباب, وخطورة الإصابة بهذا المرض هي أنها تؤثر في الشكل الخارجي للظهر وينتج عنه الحدب. وإذا ترك هذا التشوه من دون علاج فإنه يؤثر تأثيرا بالغا في شكل ووظيفة العمود الفقري.وينتج عن اعوجاج العمود الفقري ألم بالظهر وتدهور في درجة الاعوجاج مع الضغط علي الرئة والقلب, هذا إلي جانب الحالة النفسية السيئة للمريض, والتقليل من فرصة العمل والاندماج بالمجتمع والزواج وغيره من المشاكل الاجتماعية التي تحيط بالمصاب.أما أسباب هذا المرض فهي عديدة, من بينها العيوب الخلفية في تكوين الفقرات وشلل الظهر وأمراض الأنسجة الرخوة. ويبقي السبب الأساسي في نحو85% من الحالات هو الانحناء التلقائي وينجم عن إفراز الميلاتونين أو خلل بالجينات.ويحدث هذا المرض انحناء بالعمود الفقري وخصوصا الناحية اليمني لدي البنات, أما عند الأولاد فيكون الانحناء في الناحية اليسري, وينتج عن ذلك اختلاف مستوي الكتفين والوسط, وظهور واضح للضلوع في ناحية واحدة, مما يعطي شكل الحدب مثل( أحدب نوتردام).إن التشخيص المبكر لهذا المرض يمثل حجر الزاوية في العلاج, وذلك لأن ظهور هذا المرض يحدث عند بدء سن البلوغ وهو إحدي عشرة سنة لدي البنات وثلاثة عشر عاما لدي الأولاد.أما العلاج الأولي لاعوجاج العمود الفقري فيشمل العلاج بالتمرينات الرياضية, وارتداء الأحزمة الطبية, والمتابعة الدورية, وفي حالة وجود الانحناء في حالات من40 درجة فيكون التدخل الجراحي هو الحل الأمثل.ورغم وجود قصور في معرفة سبب الاعوجاج فإن التقدم المبهر في التدخل الجراحي لإصلاح هذا الاعوجاج يفوق كل التصور.وفكرة إصلاح الاعوجاج تأتي من فكرة التقويم في الزراعة والأشجار وكذلك تقويم الأسنان, ويتم فيه ربط العمود الفقري إلي أعمدة بواسطة مسامير و خطاطيف وسلوك معدنية, وقد حدثت طفرة كبيرة بهذه الأجهزة خلال السنوات العشر الماضية.وبرغم كل هذا التقدم فإنه لا يزال هناك خوف بين المرضي وأولياء الأمور من الآثار الجانبية لهذه الجراحة مثل الشلل السفلي, ومضاعفات نقل الدم وتلوث الجروح, وعدم الإصلاح الكامل للاعوجاج, وقد تسبب ذلك في إحجام كثير من المرضي عن إجراء هذه الجراحة مما يعرضهم لآثار جانبية مثل تدهور الاعوجاج وآلام الظهر والتأثير علي وظائف التنفس والقلب والآثار النفسية السيئة.وهناك ألف ولد وبنت, حصيلة إجراء هذه الجراحة, بالطرق الحديثة, يمثلون صورة حية للنتائج العالمية لمثل هذه الجراحات, والتي يتم تصنيفها بالخارج علي قمة الجراحات, وقبل جراحة القلب المفتوح وزراعة الأعضاء وهذه حالات تم إصلاح الاعوجاج بنسبة تفوق ال90% وبدرجة أمان كاملة ومضاعفات جانبية محدودة للغاية في أكثر من ألف حالة, حيث تمت عودة هؤلاء البنات والأولاد إلي دراستهم بعد الجراحة بأسبوعين فقط وكانت قد تلاشت جميع آثار هذا المرض سواء التشوه الظاهري أو الحالة النفسية للمريض وأسرته.إن التقدم الذي حدث في هذه الجراحة خلال العقدين الماضيين وفي مصر حاليا أكثر من25 جراحا قام بتدريبهم علي جراحة العمود الفقري وأصبحوا في مستوي عالمي من الأداء مكنهم من اعتلاء مكانة رفيعة في هذا التخصص سواء بإنجلترا أو الدول العربية.وعن التخدير في مثل هذه الجراحات فانه بعد التطورات الحديثة في علوم التخدير لم تعد هناك خطورة من إجراء هذه الجراحات المتقدمة, فالمريض يتم تخديره بواسطة ما يمكن وصفه بالعقاقير الذكية التي تحدث تأثيرها من دون مضاعفات ويتم التخلص منها في الجسم بمجرد التوقف عن إعطائها للمريض. أ.د. محمد إبراهيم عبد الرشيد أستاذ العمود الفقري جامعة عين شمس