ذهب سيدنا عمر بن الخطاب وسيدنا معاذ بن جبل وبعض الانصار إلي النبي صلي الله عليه وسلم وقالوا له: أفتنا في الخمر والميسر( القمار) فإنهما مذهبة للعقل مسلبة للمال فنزل قول الله سبحانه. يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما صدق الله العظيم وكانت هذه هي البداية والمرحلة الأولي قبل تحريم الخمر علي ثلاث مراحل.. فقد كشفت هذه الآية اضرارها ولم تمنع شربها.. رحمة بالناس الذين عاشوا عليها وتدرجا في التشريع حتي يكون قابلا للتطبيق. * صلي رجل من المهاجرين بأصحابه وقد شربوا خمرا فخلط الرجل في قراءة القرآن وأخطأ وقرأ: قل يا أيها الكافرون نعبد ما تعبدون.. وصوابها قل يا أيها الكافرون لانعبد ما تعبدون وشتان ما بينهما.. فقال سيدنا عمر بن الخطاب اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا.. فنزل قول الله تعالي: يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكاري حتي تعلموا ما تقولون صدق الله العظيم فخرج مناد من قبل المصطفي صلي الله عليه وسلم ينادي: لايقربن الصلاة سكران.. وكانت هذه هي المرحلة الثانية في التحريم بمنع الاقتراب من الصلاة إذا كان الإنسان في حالة سكر. * سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه كانت له ناقتان ربطهما بجوار حجرة أحد الأنصار وذهب ليبيع بعض ممتلكاته ليجهز لعرسه وزواجه من السيدة فاطمة بنت الرسول صلي الله عليه وسلم وما إن عاد حتي وجد من ذبح الناقتين وبقر بطنهما واخذ أكبادهما للطعام.. وعرف أن سيدنا حمزة هو من فعلها حيث كان في جمع يشربون الخمر وارادوا طعاما! انطلق سيدنا علي إلي المصطفي صلي الله عليه وسلم وعنده زيد بن حارثة وقص عليه ما فعل حمزة. دعا رسول الله صلي الله عليه وسلم بردائه ثم أنطلق وخلفه سيدنا علي وزيد حتي جاء البيت الذي فيه سيدنا حمزة فأستاذن فأذن له فإذا هم في حالة سكر.. فأخذ الرسول يلوم حمزة فيما فعل فإذا حمزة ثمل محمرة عيناه فنظر إليهم وقال: وهل أنتم إلا عبيد أبي.. فعرف الرسول أنه ثمل, فنكص علي عقبيه وخرج * ووضع رجل من الأنصار طعاما فدعا سعد بن أبي وقاص وبعض المهاجرين إليه وشربوا خمرا قبل تحريمها فتفاخروا فيما بينهم.. فقالت الأنصار: نحن أفضل... وقالت قريش: نحن أفضل فأخذ رجل من الأنصار رأس جزور( جمل صغير) وضرب به وجه سعد بن أبي وقاص فشج أنفه.. كما أن قبيلتين من الأنصار شربوا فلما ثملوا شوه بعضهم وجه بعض فلما أفاقوا حلت البغضاء مكان المودة التي كانت بينهم.. قال سيدنا عمر بن الخطاب: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا.. فنزل قوله سبحانه وتعالي: يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون. إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون صدق الله العظيم فدعا سيدنا عمر وقرأ عليه الآية فلما بلغ فهل أنتم منتهون قال سيدنا عمر: انتهينا.. انتهينا. وسكب أهل المدينة الخمور في الشوارع.. وقال النبي صلي الله عليه وسلم: لعنت الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وحاملها والمحمولة اليه وعاصرها ومعتصرها وآكل ثمنها.. * جاء رجل إلي النبي بعد تحريم الخمر وقال: يا رسول الله أفأبيعها وأنتفع بثمنها؟ فقال المصطفي: لعن الله اليهود حرمت عليهم شحوم البقر والغنم فأذابوه وباعوه والله حرم الخمر وثمنها.. فسكبها الرجل في الطريق. وقال النبي صلي الله عليه وسلم: كل مسكر حرام ومن شرب الخمر فمات وهو يدمنها ولم يتب منها لم يشربها في الآخرة وقال ايضا لا يدخل الجنة منان ولا عاق ولا مدمن خمر وقال صلي الله عليه وسلم: كل مسكر خمر وكل خمر حرام * وقال سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه: اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث, إنه كان رجل فيمن خلا قبلكم يتعبد ويعتزل الناس فعلقته( هوته) امرأة فأرسلت اليه جاريتها تدعوه لشهادة فدخل معها فطفقت كلما دخل بابا أغلقته دونه حتي أفضي إلي امرأة وضيئة( جميلة) عندها غلام وباطية( اناء) خمر, فقالت: إني والله ما دعوتك لشهادة ولكن دعوتك لتقع علي أو تقتل هذا الغلام أو تشرب هذه الخمر فأختار الخمر فسقته كأسا فقال زيدوني فلما برم( شرب كثيرا) وقع عليها وقتل الغلام حتي لا يفتضح امره فاجتنبوا الخمر, فإنها لا تجتمع هي والإيمان ابدا إلا أوشك أحدهما أن يخرج صاحبه. * صبح اناس غداة احد( شربوا خمرا صباح أحد) فقتلوا من يومهم جميعا شهداء فما موقفهم.. وقال رجل: يا رسول الله فما تري فيمن مات وهو يشربها؟( قبل تحريمها) فبرأهم النبي وقال: لو حرم عليهم لتركوه كما تركتم وأنزل الله تعالي: ليس علي الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا صدق الله العظيم.