تقرير للشوري يحذر من انخفاض سن تعاطي المخدرات للطفولة المبكرة الأطفال المدمنون: الأقراص بثمن الشيبسي والشيكولاتة طفل بلقب مدمن صيحة تحذير أخيرة من تنامي ظاهرة تعاطي المخدرات في مصر بشكل مطرد انطلقت من مجلس الشوري أخيرا حيث أكد تقرير لجنة الصحة والسكان والبيئة وصول مؤشر التعاطي في الفئة العمرية فوق15 سنة إلي30% وانخفاض سن التعاطي لتصل إلي مرحلة الطفولة حيث وصلت سن بدء التدخين إلي9 سنوات وتعاطي المخدرات إلي11 سنة وارتفاع نسبة المتعاطين في القاهرة إلي7% مفجرا مفاجأة حول غياب دور الأسرة حيث كشف عن أن58% من المدمنين يعيشون مع الوالدين. وشدد التقرير علي خطورة سوء استعمال الأدوية الصيدلانية ومنها عقار الترامادول الذي جاء في مرتبة متقدمة كأكثر أنواع المخدرات انتشارا يليه مشتقات القنب ثم المورفينات والمهدئات والمنشطات في ظل شيوع معتقدات خاطئة بين الشباب حيث يتصور30.6% منهم أن المخدرات تزيد من القدرة البدنية بينما يعتقد36.6% منهم أنها تؤدي إلي نسيان الهموم ويلجأ34.8% إليها للتغلب علي الاكتئاب, كما أوضح العلاقة الوثيقة بين المدخنين والإدمان. وانتقد التقرير بشدة اعتبار أقسام علاج الإدمان كأجزاء من مستشفيات الأمراض العقلية والنفسية مما يؤدي إلي مردود غير مرغوب فيه إلي جانب الاختلاط الذي يحدث في المصحات بين الحالات المحولة من المحاكم والحالات التي تدخلها متطوعة طلبا للعلاج, لافتا إلي أنه مازال من غير الممكن حجز المدمنين الأقل من18 عاما عندما يتقدمون من تلقاء أنفسهم أو من خلال أسرهم نتيجة لمشكلات تتعلق بالتشريعات الخاصة بهم. ورغم أن هذه الصيحة ليست الأولي, حيث سبقها العديد والعديد من الدراسات التي حذرت من الظاهرة, خاصة مع التدني المستمر في سن بدء التعاطي والذي وصل لمرحلة الطفولة المبكرة غير أن ناقوسا للخطر يدق لعله يجد آذانا صاغية من المسئولين عن هذا الوطن بشبابه وأطفاله. في البداية كانت التجربة الحية خير كاشف لبعض من جوانب الأزمة ووصلنا ل المعجزة اسمه كريم محمد طالب بالمرحلة الثانوية الذي لم تتجاوز سنه ال18 عاما لكن تجربته جعلتنا نسمع منه ما يضاعف هذا العمر مرات..فالمعجزة هو اللقب الذي منحه له أقرانه في برنامج العلاج الذي تخلص به من أسر سجن الإدمان ودائرته الجهنمية التي دخلها طفلا في التاسعة من العمر, واتخذ قرار الإقلاع والعلاج وهو ابن14 عاما فكان بذلك الطفل الذي أدمن مبكرا والمعافي الذي شفي مبكرا أيضا, ولم ينتكس بحمد الله فاستحق أن يكون المعجزة. يحكي كريم: بدأت التعاطي وأنا في التاسعة من عمري وقبلها بعام كنت مدخنا وعندما وجدنا مندهشين قال جاري عنده7 سنوات ويتعاطي الترامادول ووالداه لا يعرفان شيئا عن الأمر. وأضاف تعرفت علي المخدرات من أولاد عمي وأصدقائهم حيث كانت جلسات الحشيش والبانجو, ثم تطور الأمر معي إلي البرشام من ترامادول وأماتريل وأبو صليبة وغيره مشيرا إلي أن ما ساعد في ذلك هو اقترابه الشديد منهم بعد وفاة والده الذي كان مرتبطا به بشكل كبير, لكن الأمر أخذ في السوء لمدة أربع سنين ونصف السنة متواصلة, زادت فيها الجرعة من حبة ونصف إلي شريط ونصف يوميا, وحدث خلالها تأثير سلبي علي حياتي ودراستي وصحتي ونومي وتواصلي مع المحيطين بي حيث كانت اللامبالاة هي سيدة الموقف في تصرفاتي وزادت مشكلاتي التي كنت أشعر أنها ليس لها حل وتكرر تركي للمنزل. وعن مصادر النقود لشراء المخدرات أوضح كريم أنها بدأت بالمصروف الشخصي ثم مصاريف الدروس الخصوصية حتي تطور الأمر مع تزايد الجرعة ووصل لأموال إيجار المحل الذي كنا نملكه ويساعد في مصروف البيت وعندما اكتشفت والدتي أني أخذته وواجهتني أنكرت وحدث خلاف شديد معها لكني ندمت بعد ذلك وشعرت أنها لابد أن تعرف وبالفعل أخبرتها ووقع الخبر عليها كالصاعقة وكانت فترة عصيبة لكنها تمالكت أعصابها عندما وجدت مني جدية في رغبتي في العلاج والتعافي. قاطعناه قائلين إرادة الشخص نفسه أهم خطوة, غير أن كريم نفي ذلك مؤكدا أن الإرادة بفهم كامل لسلبيات المخدرات وتأثيرها الخطير علي حياة الإنسان أهم بكثير من مجرد الرغبة في العلاج حيث يمثل الوعي بالخطر وأبعاده أهم خطوة لاتخاذ قرار العلاج والاستمرار فيه حتي الوصول للتعافي تماما وعدم الانتكاس والعودة للمخدرات مرة أخري, في إشارة منه إلي أن الكثير من الحالات تكون لديها الإرادة لكنها ما تلبث أن تتراجع عن القرار خاصة وأن علاج المخدرات يستغرق وقتا طويلا وتصاحبه معاناة كبيرة خاصة مع شيوع المفاهيم الخاطئة عن تأثير المخدرات علي الحالة المزاجية والصحية للمدمن بأنها تبعده عن مشكلاته كما أن توافر مصادر المخدرات ورخص ثمنها جعلها متداولة بشكل كبير. وقال كريم في المنطقة التي أسكن بها هناك أربع نواص في الشارع تباع بها المخدرات طوال24 ساعة بشكل عادي وبأسعار رخيصة وآخر معلوماتي من شخص منتكس أن حبة الترامادول انخفض سعرها من13 إلي3 جنيهات أو جنيهين ونصف أي أن الطفل يمكنه الشراء بمصروف الشيبسي أو الشيكولاتة. ومن جانبه يشير رفاعي صالح معالج نفسي بصندوق مكافحة الإدمان والتعاطي التابع لمجلس الوزراء إلي أن تزايد ظاهرة إدمان الأطفال للمخدرات يرتبط بكون أحد أفراد العائلة يدمن المخدرات أو علي الأقل يدخن بشراهة فالسيجارة مدخل للإدمان في كثير من الحالات. قائلا المسألة ببساطة طفل اتولد وجد أهله سواء والده أو أعمامه أو أخواله يتعاطون الحشيش والبانجو أو الأقراص وغيرها وكثيرا ما يحدث أن يطلب منه أحدهم أن يحضر له المخدر الذي يتعاطاه من غرفته أو أحد الأدراج مثلا فيبدأ الطفل الذي يحركه الفضول وحب الاستكشاف والتعرف علي الأشياء من حوله في ظل انشغال الأسر عن أبنائها وعدم معرفتها بأساليب التربية الصحيحة في التعاطي وكل ذلك يجعل ظاهرة انخفاض سن التعاطي أمرا طبيعيا للظروف التي يعيشها الأطفال فكثيرا ما تتكرر جملة يقولها الأطفال الذين يبدأون برنامج العلاج وهي أن أول سيجارة أو حتة حشيش من درج بابا مما يشير إلي مكمن المشكلة وخطورتها. وعن النسبة بين الأولاد والبنات في دخول دائرة الإدمان مبكرا أوضح رفاعي أن النسبة أكثر للأولاد غير أنه أشار إلي أن الفترة الأخيرة شهدت اقتحام البنات لهذه الدائرة بقوة, لافتا إلي أنه علي الرغم من زيادة أعداد الراغبين في الإقلاع عن الإدمان والتعافي منه إلا أن هناك خللا كبيرا في المنظومة الصحية في مصر حيث إن وزارة الصحة المنوط بها إنشاء مراكز طيبة متخصصة في علاج المخدرات تملك أقل من500 سرير علي مستوي الجمهورية في الوقت الذي تقدر فيه الإحصائيات رغم تضاربها أنه يوجد الملايين من المدمنين في مصر يتكلف علاجهم المليارات من الجنيهات مما يشير إلي عدم الاهتمام السياسي الرسمي بخطورة الظاهرة حيث من المعروف ارتفاع تكلفة علاج الإدمان في المراكز الخاصة والذي يصل إلي نحو5000 جنيه في الشهر في الوقت الذي يصل فيه العلاج إلي فترة طويلة لا تقل عن سنة يتم احتجاز المريض فيها مدة لا تقل عن ثلاثة شهور في البداية.