رغم تقديري للرئيس مرسي, ومع حبي الشخصي له, إلا أنني اتفق مع من يحملونه هو وحكومة د. هشام قنديل كل ما يعانونه حاليا من مرارة وحزن, وما يتعرضون له من أزمات, فهو رئيس مصر, وهو المسئول عن المصريين, فهم رعيته, وكل راع مسئول عن رعيته, وهو يعلم حقيقة هذه المسئولية, ويؤمن مثلنا بقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب:( لو عثرت بغلة في العراق لسألني الله تعالي عنها لم تمهد لها الطريق يا عمر؟), ولهذا ليس غريبا أن تصرخ أمهات الأطفال شهداء كارثة قطار منفلوط مطالبات بالثأر, وتحميل د. مرسي المسئولية, وهذا بالفعل من حقهن..!! وأنا لن أدافع عن مرسي أو قنديل وحكومته, فالمسئولية لا يمكن التنصل منها, وهذا ما أكده الرئيس مرسي باستجوابه الشهير عندما كان عضوا في برلمان2005 حول حادثة قطار الصعيد عندما طالب بإقالة الحكومة. ولكنني ضد المتاجرة بدماء وأشلاء أطفال منفلوط وتوجيه سهام النقد والحقد الأسود, وتحميل المسئولية بالكامل وربطها في عنق د. مرسي ورئيس وزراء حكومته, فليس حقيقيا أن الحكومة الحالية هي حكومة قتل الأطفال, وحكومة قتل الجنود المصريين, وحكومة بيع سيناء, وليس حقيقيا أن ما تعرض له الأطفال في منفلوط هو مذبحة, وإنما هم ضحايا الإهمال الذي ورثته الحكومة الحالية من حكومات مبارك المتعاقبة. ولهذا أقول مرة أخري لإعلاميي الفلول اتقوا الله في مصر ولا تسنوا الخناجر, فشتان ما بين ما حدث في غرق العبارة, وبين حادث قطار منفلوط. ولا يعني ذلك أبدا أنني أبريء مرسي وقنديل من المسئولية, وأري أن استقالة وزير النقل ورئيس هيئة السكة الحديد وتوزيع التعويضات لأسر المتوفين والمصابين ليست هي الحل لوقف نزيف الدماء علي قضبان السكك الحديدية. فمنذ عام2002 وحتي اليوم شهدت السكة الحديد أكثر من16 كارثة أودت بحياة المئات من المصريين, ولم تتغير طريقة تعاملنا مع تلك الكوارث, فمن احتراق قطار الصعيد, إلي حادثة العياط, ثم الفيوم وأخيرا حادث قطار منفلوط الذي نتج عنه مصرع أكثر من50 طفلا لم تتعد أفعالنا التعزية والتعويضات ولجان تقصي الحقائق, وتحاول الحكومة دائما تبرئة مسئوليها, فبينما أكد محافظ أسيوط أن عامل المزلقان لم يكن موجودا, تؤكد الحكومة ان المزلقان كان مغلقا.. وفي الوقت الذي قال فيه, رئيس هيئة السكك الحديدية المستقيل إن سبب وقوع الحادث هو اقتحام الأتوبيس المدرسي لمزلقان المندرة وأن عامل المزلقان أبلغ قطاع المتابعة بالقاهرة بأن المزلقان كان مغلقا بالجنازير, لكن سائق الأتوبيس اقتحم المزلقان, وهو ما تزامن مع قدوم القطار رقم165 بسرعته مما أدي إلي تداخل الأتوبيس تحت عجلات القطار, قال المهندس جمال دويدار, نائب رئيس هيئة السكة الحديد للمسافات الطويلة إن حادث التصادم بين القطار والأتوبيس وقع عندما فوجيء قائد القطار بأتوبيس أمامه علي بعد15 مترا فقط علي الرغم من أن الإشارة كانت مفتوحة أمامه بالسير علي المزلقان وأنه لم يستطع فعل شيء واصطدم بالأتوبيس, وأن عامل المزلقان قال إن المزلقان به بوابة وجنزير وأن الأتوبيس كان قادما من ناحية البوابة, وهذا معناه أن الأتوبيس حطم البوابة, ثم عاد وقال إن البوابة كانت مفتوحة مما يؤكد مسئوليته عن الحادث, وأن المزلقان ميكانيكي وبه بوابات دون إشارات ضوئية, وأن عامل المزلقان لم يقم بغلقه.. كتلة من التصريحات المتضاربة والمتناقضة لتبرئة هيئة السكة الحديد من الحادث. ولا أعرف لماذا لم يتم حتي الآن حل مشكلة المزلقانات والبوابات رغم تلقي وزارة النقل العشرات من المنح المالية لتطوير الهيئات التابعة لها ولا سيما هيئة السكك الحديدية ومنها منحة الوكالة الأمريكية لتنمية التجارة في عام2009 بقيمة3,7 مليون جنيه لدعم مشروع تطوير السكك الحديدية فيما يخص دعم نظم الإشارات ورفع مستويات الأمان والتشغيل, وقرض البنك الدولي لمصر عام2009 بقيمة1.5 مليار جنيه, لدعم مشروع وزارة النقل القومي لتطوير سكك حديد مصر, وتحديث نظم الإشارة. ياسادة.. لن يحل المشكلة تحقيقات النيابة والبحث عن المسئول, وإنما يحلها فتح ملف إهمال هيئة السكك الحديدية, وزيادة المخصصات المالية لأعمال التجديد والصيانة للإشارات الكهربائية والتراسل بين القطارات وغرف التشغيل, وإنشاء بوابات أوتوماتيكية للمزلقانات, ومعرفة أين ذهبت أموال وقروض تطوير سكك حديد مصر.