قليلون أولئك الذين عاشوا حياتهم في ظلال القرآن الكريم يتتبعون أسراره ويحاولون تدبر معانيه ويجاهدون في الوصل الي تفسير آياته ومعانيه ولكن تبقي حلاوته وطلاوته علوا في المقام والمقامة لايعلو عليه انسان هو الشيخ محمود شكري ابن عبد الله الحسيني بن الآلوسي الكبير أحد علماء اهل السنة البارزين في العالم الاسلامي ومن اصحاب السلف الصالح..وصاحب الأسلوب الرشيق في تفسير القرآن الكريم والذي نال استحسان معاصريه وحشد تلاميذه من حوله وصنفه المؤرخون كواحد ممن قدموا عطاء بلا حدود في تفسير كتاب الله تعالي: ولد في شهر رمضان عام1273 ه1856 م في بغداد بالعراق وهو من أحفاد الشيخ شهاب الدين ابو الثناء الآلوسي الكبير, عرفت اسرته الآلوسية بانها أنجبت العديد من العلماء والفقهاء والأدباء ختم القرآن الكريم في عمر الثامنة واشتغل بالتدريس والتأليف وكان لايتعدي الثالثة عشرة..درس في العديد من المدارس جمع العديد من العلوم حتي اصبح علامة المنقول والمعقول فهامة في الفروع والأصول. ورث حب الآدب والفقه والتفسير عن أهله واخذ العلم عن عظماء العلماء في العراق فمن اشهر شيوخه خالد النقشبندي, وعلي الموصلي, وعلي السويدي, ومحمد بن أحمد التميمي الخليلي المصري, ويحيي المودزي العمادي وكان الاقرب للامام محمد عبده وجمال الدين القواسمي وقال عنه رشيد رضا المفكر الاسلامي انه ناصر السنة وقامع البدعة. كانت للشيخ محمود الآلوسي مجالس عديدة في الوعظ والارشاد في العديد من المساجد وخاصة مسجد الامام الأعظم الواقع في الاعظمية ببغداد, وكان اماما وخطيبا في جامع ابو حنيفة لمدة اربعين عاما..وتخرج علي يديه نخبة من العلماء امثال: رشيد حسن الكردي, ومحمد القزلجي, وعباس العزاوي, وعلي بن حسين الكوتي, وأمجد الزهاوي. والعديد من علماء العراق الاجلاء..ولم يقتصر علمه علي الشيوخ والفقهاء ولكنه تتلمذ ايضا علي يد ادباء وشعراء عرب هم الكاتب اللغوي العراقي الأب انستاسي الكرمي, والشاعر معروف الرصافي توغل الشيخ الالوسي في اتباع سيرة السلف الصالح وكره ماشهده من البدع والاهراء ونفر قلبه منها كل النفور ومنذ صغره كان ينكر من يغالي في أهل القبور وينذر لهم النذر..قام بتأليف عدة رسائل في ابطال هذه الخرافات. برع في التأليف فقام بتأليف العديد من الكتب أمثال مسائل الجاهلية, ورسالة في الماء, والضرائر الشعرية, وصب العذاب من سب الأصحاب, ومختصر التحفة الاثني عشر, وتاريخ نجد, وتاريخ بغداد, وشرح قصيدة النسب, وبلوغ الأدب في احوال العرب, الذي حصل علي جائزة ملك السويد نوبل وغاية الاماني في الرد علي النبهاني الذي تناول فيه المسائل المتنازع عليها بين دعاة التجديد السلفي ومعارضيهم. وجمع في كتاب روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني بين التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي ويشتمل علي آراء السلف رواية, وأقوال الخلف بأمانة وعناية, فجمع خلاصة التفاسير السابقة, وبين فيه المصنف أسباب النزول, والمناسبة بين السور, والمناسبات بين الآيات, وعرض لذكر القراءات, واستشهد بأشعار العرب, واعتني بالآيات الكونية, والإعراب والنحو, وبين أقوال الفقهاء وأدلتهم في آيات الأحكام, ورجح بينها من دون تعصب لمذهب فقهي معين, وفند أدلة المخالفين لأهل السنة,واتخذ موقفا صارما من الإسرائيليات والأخبار المكذوبة, وكان يعقب علي كل ذلك بما تدل عليه الآيات عن طريق الإشارات والمعروف بالتفسير الإشاري. والكتاب مكتمل ومرتب وفق ترتيب سور القرآن الكريم..وكان له من الاعداء ايضا من يختلف معه في الفكر من ابناء وطنه..ساهم بانشاء وتحرير اول جريدة في بغداد اسمها الزوراء وكذلك اسهم في امداد المقالات والبحوث لكثير من الصحف مثل المشرق, والمنار, والمقتبس, ومجلة العلمي العربي. وقد توفي الشيخ محمود الآلوسي رحمه الله عام1342 ه1924 م اثر مرض بالرئتين ودفن في مقبرة الشيخ الكرخي ببغداد.