لست مع المسئولين المحترمين الذين لا يرون في ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه المصري لأول مرة منذ ثماني سنوات مبررا للانزعاج ودافعا للقلق ومبعثا للخوف علي الاقتصاد المصري. الذي يعاني مأزقا كبيرا وتراجعا مخيفا وإنكماشا وصل الي درجة التيبس في كل مكوناته ولست ايضا مع الذين يحاولون عن كذب اقناعنا بان تقوم ثورة وتتوقف ماكينة الاقتصاد بالكامل ويظل الجنيه كما هو صامدا أمام الدولار إلا بدعم ومساندة من البنك المركزي كما فعل طيلة الفترة الماضية ونتج عنه تآكل احتياطي النقد الاجنبي بنحو20 مليار دولار, لكن مع تراجع الاحتياطي إلي الخط الأحمر لم يعد البنك المركزي قادرا علي الاستمرار في آلية التدخل الإداري بضخ الكميات التي يحتاج إليها سوق النقد من الدولار وكان يمكن اجراء تخفيض تدريجي لقيمة الجنيه تتواكب مع الحالة الاقتصادية التي تمر بها البلاد بدلا من انشاء وضع لا يعكس حقيقة الحالة الاقتصادية التي لا تغفلها العين. ومن هنا تبرز خطورة ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه في الوقت الذي فقد فيه البنك المركزي سلاح التدخل بما كان يملكه من احتياطات,وبالتالي فإن الدولار مرشح لمزيد من الارتفاعات مدفوعا بالحالة النفسية التي أوجدتها السوق بعد ارتفاع سعر الدولار واعتقاد البعض أن الدولار أصبح ملاذا آمنا للاستثمار خاصة بعد التراجع الكبير في اسعار الآسهم بالبورصة مما يجعل من الاتجار بالدولار مجالا خصبا للتربح وهذا مكمن الخطورة التي يجب أن يلتفت إليها القائمون علي السياسات النقدية والرقابة علي السوق النقدية قبل انفلات الدولار وظهور سوق سوداء للعملة الامريكية, وإذا لا قدر الله وحدث ذلك فإن الأوضاع الاقتصادية سوف تزداد سوءا وأقل ما يمكن أن يحدث ارتفاع جنوني في جميع الاسعار خاصة واننا نعتمد كدولة علي الاستيراد وفي تقديري أن ازمة الدولار تعد معركة حياة أو موت بالنسبة للاقتصاد القومي تتطلب من الحكومة مواجهتها بخطة عاجلة ومعلنة تعتمد علي زيادة التدفقات الدولارية في عدة محاور في مقدمتها السياحة وزيادة الصادرات بحلول عاجلة للمصدرين أما الاستمرار في سياسة الدعم للجنيه المصري فقد أثبتت فشلها وأنشأت وضعا زائفا للجنيه في سوق النقد بدأت مخاطره تلوح في الافق.