رغم تأكيدات الحكومة المستمرة بالحفاظ علي دعم الجنيه أمام العملات الأخري وخاصة الدولار ونفيها المستمر طلب صندوق النقد الدولي تخفيض سعر العملة المحلية, إلا أنه مع بدء المفاوضات بين الحكومة وبعثة صندوق النقد الدولي امس سجل الجنيه المصري أكبر تراجع له منذ7 سنوات أمام الدولار ليصل إلي6.10 جنيه للشراء مقابل6.13 للبيع, طالب اقتصاديون رئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل بضرورة التركيز علي إنقاذ الجنيه المصري من الانهيار بعد تراجع الاحتياطي النقدي من العملة. وحول أسباب تراجع الجنيه امام الدولار تضاربت آراء الخبراء والمصرفيين حول سبب التراجع البعض أرجعها إلي أنها استجابة سريعة لمتطلبات بعثة صندوق النقد الدولي التي بدأت مفاوضاتها مع الحكومة أمس بينما يري آخرون أن ذلك الارتفاع جاء بسبب الإعصار ساندي الذي أصاب نيويورك وهي أكبر المدن التي تحتوي علي البنوك والمؤسسات المالية ومن ثم فإن تعطل تلك البنوك نتيجة للإعصار سيعكس آثاره السلبية علي أسعار جميع العملات وليس الجنيه المصري فحسب. قال خالد عبد الحميد الخبير المصرفي ورئيس قطاع الخزانة بأحد البنوك: إن حالة التراجع التي شهدها الجنيه أمام الدولار جاءت نتيجة طبيعية لما يشهده الاقتصاد المصري من تراجع خاصة في ظل ارتفاع عجز الموازنة خلال الربع الأول من العام الحالي إلي50 مليار جنيه وتراجع حجم الاحتياطي النقدي الأجنبي في مصر وهو ما أدي إلي ندرة المعروض من الدولار في السوق المحلية خلال الفترة الحالية, يأتي ذلك بالتزامن مع المطالب المستمرة لصندوق النقد الدولي بضرورة تحرير سعر صرف الجنيه وعدم دعمه بأي وسيلة أمام الدولار بحجة أن ذلك سيعمل علي تحفيز المستثمرين الأجانب لضخ إستثماراتهم في مصر, موضحا أن ارتفاع سعر الدولار خلال تعاملات اليوم هو إشارة واضحة لبدء استجابة الحكومة لمطالب الصندوق وأضاف أن حدوث الإعصار ساندي في نيويورك وهي أكبر المدن المالية في العالم والتي تحتوي علي بنوك الاستثمار والبنوك التجارية كان له أثر واضح في تذبذب سعر الدولار أمام سائر العملات وعلي رأسها الجنيه المصري, متوقعا المزيد من ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه الفترة المقبلة. من جانبه قال إبراهيم الكفراوي الخبير المصرفي: إن انخفاض سعر الفائدة وارتفاع خدمة الدين بالإضافة إلي عدم وجود موارد للدولة تسهم في استقطاب دولارات للاقتصاد المصري جميعها عوامل تساعد علي ارتفاع سعر الدولار امام الجنيه وأضاف أن بدء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ساهم أيضا في ارتفاع سعر الدولار خاصة وأنه مطلب صحيح ومن حق الصندوق طلب ذلك خاصة وأنه منذ اندلاع ثورة يناير والدولار لم يرتفع سوي5% فقط أمام الجنيه وهي نسبة تؤكد تدخل البنك المركزي في دعم الجنيه المصري وهو أمر غير مقبول علي الإطلاق من جانب صندوق النقد الدولي, موضحا أنها معادلة يصعب حلها حيث من المستحيل أن تنخفض موارد الدولة ويرتفع عجز الموازنة بالتزامن مع تراجع الاحتياطي النقدي بالإضافة لزيادة العجز في ميزان المدفوعات ويستطيع الجنيه الحفاظ علي نفس مستوياته السعرية أمام سلة العملات الرئيسية. وتوقع الكفراوي ان يشهد الجنيه مزيدا من الضعف علي مدار العامين المقبلين بسبب الازمات الاقتصادية التي تشهدها البلاد, مشيرا إلي انه حتي في حال نجاح مصر في الحصول علي قرض صندوق النقد فإن ذلك لن يكون كافيا. واختلف مع الآراء السابقة الدكتور حافظ الغندور الخبير بالسياسة النقدية وعضو مجلس ادارة البنك الاهلي الاسبق مشيرا إلي ان سعر صرف الدولار مرتبط بعدة عوامل خارجية وداخلية, مستبعدا أن يكون ليس من ضمنها في الوقت الراهن مفاوضات صندوق النقد الدولي مشيرا الي انه علي المستوي الداخلي فهناك احتمالات تأثر الجنيه امام الدولار نتيجة خفض البنوك أسعار الفائدة علي الشهادات والودائع في الايام الماضية الامر الذي يدفع المواطنين الي الاقبال علي شراء الدولار,بالاضافة الي انه عقب موسم الاعياد والاجازات غالبا ما تكون هناك زيادة في الطلب علي الدولار من اجل تمويل الاستيراد. وبدوره نفي الدكتور عبد الرحمن بركة عضو مجلس ادارة بنك مصر رومانيا الاسبق-ان تكون زيارة بعثة صندوق النقد الدولي سببا في انخفاض الجنيه لأدني مستوي امام الدولار في7 سنوات, مرجعا ذلك الي ان هناك عمليات مضاربة علي السعر في الفترة الحالية مؤكدا ان صندوق النقد الدولي لم يشترط ضرورة تخفيض قيمة الجنيه من اجل اعطاء مصر القرض وان البنك المركزي قادر علي التحكم بزمام الامور.