قضية محو الأمية هي القضية الأهم في مصر, وأقيمت لها المؤتمرات والأبحاث, وصدرت عنها توصيات لا تنتهي لتدخل بعد ذلك في الأدراج وتضيع الأموال التي أنفقت مثلما ضاعت ميزانية الهيئة علي المكافآت والحوافز دون وجود خطة جادة للقضاء علي هذه الآفة. ونحن في خضم القرن الحادي والعشرين.. قرن التكنولوجيا.. ومازلنا نتحدث عن الأمية حتي الآن, وهناك عدة أسباب حقيقية وراء انتشار الأمية في مصر, وهي السياسة العامة التي انتهجتها الحكومات السابقة خوفا من التعليم والانفتاح علي الآخر, وفقدان قدرة السيطرة علي المتعلمين, فتم إهمال التعليم, ووضع مناهج تؤدي إلي انتشار الجهل, ولكي يتم القضاء علي هذه الآفة لابد من مجموعة من الإجراءات الوطنية, والقرارات الملزمة لكي يتم تفعيل المشروع عبر استغلال جميع المؤسسات العامة, والمجتمع المدني بإشراف الدولة. وبداية يوجد في مصر عدد من الهيئات العامة تقدم خدمات ثقافية وترفيهية, ويمكن اتخاذ قرار سيادي بتحويل نشاط هذه المؤسسات, وتسخير إمكاناتها وموظفيها لخدمة محو الأمية, مثل الهيئة العامة لقصور الثقافة المنتشرة في جميع ربوع مصر, بها عدد كبير من الموظفين عبارة عن عمالة عاطلة يمكن إجراء تدريب تحويلي لها لتتحول لمعلمين بفصول محو الأمية, ويوجد بالفعل بروتوكول تعاون بين هيئتي قصور الثقافة وتعليم الكبار لاستغلال إمكانات القصور في محو الأمية, وبعد توقيع البروتوكول لم نسمع شيئا عن التفعيل, ويجب أن يتم استغلال وجود أديب وشاعر ووطني علي رأس هيئة قصور الثقافة لتنفيذ هذه الفكرة, وما ينطبق علي قصور الثقافة ينطبق علي كل المؤسسات الخدمية التي لا يؤثر توقفها لمدة عام وتحويل نشاطها للقضية بشكل فعال, علي احتياجات المواطن الاستراتيجية اليومية. ثانيا: وزارة الدولة للشباب التي تقدم خدماتها لنحو60% من الشعب المصري وهم قطاع الشباب, خدماتها عبارة عن أنشطة ثقافية وأدبية ورياضية واجتماعية, فتحويل نشاطها لا يؤثر علي المواطن العادي في الوقت الذي يتم فيه استغلال أكبر مواقع في مصر وهي مراكز الشباب بالقري والمدن, البالغ عددها ما يقرب من أربعة آلاف مركز, واستغلال ميزانياتها الضخمة, ومبانيها وملاعبها وموظفيها, وأن تحمل الشباب هذه المهمة من أجل تحقيق هدف قومي, وتوفير الميزانيات المهدرة, واستغلال الموظفين الذين يحصلون علي أجور بدون فائدة, وأيضا استغلال المعونات والمنح الدولية التي تأتي للقضية من الاتحاد الأوروبي, ومنظمات اليونسكو, واليونيسيف, والعديد من المنظمات التابعة للأمم المتحدة التي تعمل في مجال التعليم والثقافة. ثالثا: الإعلام يجب أن يحول اتجاهاته للمشروعات القومية الهادفة, ويدعم هذه الفكرة, وحشد كل المصريين للالتفاف حولها بدلا من الإثارة وزعزعة الاستقرار في مصر, لأهداف لا نعلم عنها شيئا, وغير مفهومة, فلننس الإخوان والسلفيين والليبراليين, ولننظر إلي مصر وقضاياها لمدة عام حتي نخرج من عنق الزجاجة. رابعا: مؤسسات المجتمع المدني الوقود الحقيقي لهذا المشروع, والقادرة علي تنفيذه بدقة شديدة, لخبراتها في هذا المجال, لاسيما أنها تعمل تحت إشراف الحكومة والوزارات المشرفة علي المشروع, وهناك عشرات الآلاف من الجمعيات الأهلية العاملة في مجال التعليم والشباب والثقافة, وتحصل علي جزء من تمويلها من هذه الوزارات مقابل الخدمات التي تقدمها في الأنشطة المختلفة, ويجب أن يدرس المسئولون هذه الفكرة من أجل مصر. [email protected] رابط دائم :