ونحن نحتفل بذكري اكتوبر المجيد لابد ان نقدر جهود الفريق جلال هريدي, مؤسس قوات الصاعقة, وأول قائد لها, وهو الأب الروحي لكل رجالها, ظل تاريخه الوطني مغطيبا لأكثر من40 عاما, حياته مليئة بالأحداث الدراماتيكية. فإلي جانب المعارك الضارية التي خاضها, في ميادين الحروب التي شارك فيها, نجا الرجل الذي تجاوز83 عاما من حكم بالإعدام في سوريا, إبان الانفصال, وكان هناك حكم مماثل خفف للأشغال الشاقة المؤبدة, علي خلفية قضية الانقلاب علي الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. جلال هريدي ظل حبيس الجدران, منذ أغسطس عام77 حتي أفرج عنه الرئيس الراحل أنور السادات أفراجا صحيا, في عام74, ومن وقتها لم يسمع عنه أحد شيئا, فضل رجل المهام الصعبة, أن يكمل بقية حياته صامتا, ومؤخرا, وبعد كل هذه السنوات, جاء التاريخ ليقول أبدا لن أنساك, فكان تكريم الرئيس محمد مرسي له علي بطولاته وإنجازاته في سبيل الوطن, ومنحه رتبة الفريق الشرفيه. لديه جزء من تاريخ الصاعقة, بدءأ من إنشاء أول فرقة صاعقة بسيناء, في عام55, وصولا إلي تدمير معسكر الدبابات البريطانية, في بورسعيد عام56, وانتهاء بمحاولة الصاعقة مهاجمة المطارات الإسرائيلية, فور اندلاع حرب67. يروي الفريق هريدي خلال اللقاء ثلاث محطات رئيسية فاصلة في حياته.... عن أولي المحطات, يقول: بدأت بعد نجاح الصاعقة في بورسعيد, وإثبات كفاءتها القتالية, حيث تقرر إنشاء وحدات الصاعقة في فبراير1957, وكما كنت أقول دائما فالصاعقة هي السلاح الوحيد الذي قام بعمليات قبل أن يوجد أو يؤسس, وكنت و قتها برتبة اليوزباشي, النقيب حاليا, واراد المشير عامر, رحمه الله, أن يرقيني إلي رتبة البكباشي, أي المقدم, لكي تكون الرتبة مناسبة لقيادة هذا السلاح, فقلت له يافندم هذا يعتبر مكافأة علي ماعملنا في بورسعيد, وأنا أريد أن أنشئ هذه القوات علي مبادئ معينة, وكلكهم تعلمون أن ضباط الصاعقة جميعا سواء الشهداء, أو الأحياء كانوا يتسابقون إلي العمليات دون انتظار أي جزاء أو مكافأة, فاتخذ المشير عامر قراره الجريء الذي لا يستطيع أحد غيره أن يتخذه بتعييني قائدا لقوات الصاعقة, وأنا برتبة اليوزباشي, وعمري أقل من27 عاما, وأنا هنا أقرر حقيقة ساطعة يدركها كل من خدم بالصاعقة في الخمسينيات والستينيات وهي أنه لولا المشير عامر ماكان من الممكن أن يكون للصاعقة وجود, فقد آمن عامر بها وتبناها, من أول يوم ووفر لها كل الأولويات, فكنت اول ضابط في تاريخ القوات المسلحة يتولي قيادة سلاح برتبة نقيب. لم تكن المحطة الثانية أقل غرابة, لاسيما أن كثيرين من أبناء الجيل الحالي لا يعلمون أن قوات الصاعقة, دخلت إسرائيل أثناء67, وعن تفاصيلها يروي هريدي: كانت عندما دخلت قوات الصاعقة الأردن عام1967, وتوغلت داخل إسرائيل, ولما تقرر الانسحاب نودي عبر أثير الإذاعة المصرية, وحدات جلال وحلمي عودوا إلي قواعدكم, وحلمي هو اللواء أحمد حلمي أو الجنرال وكان هذا النداء حديث مصر كلها, وعرفت مصر كلها أن الصاعقة المصرية كانت داخل إسرائيل, وأن الصاعقة هي التي أوقفت العدو في معركة رأس العش, بعدها فوجئت بالقيادة السياسية تخيرني, إما أن أعين ملحقا حربيا في الخارج, أو أن أحال إلي المعاش, فاخترت المعاش فورا ودون تفكير, إذ كيف اعين ملحقا حربيا, ويوجد عدو في مصر, وأنا قائد الفدائيين, ولم أقصر وأنسحب, بل استدعيت وقواتي من داخل إسرائيل, فتمت إحالتي إلي المعاش وأذيع الخبر بالراديو لكي يسمعه كل الناس, فكنت أيضا أول ضابط في تاريخ القوات المسلحة يذاغ خبر إحالته إلي المعاش بالراديون. أما المحطة الثالثة فعنوانها النجاة من الموت, وعنها يقول: فقد صدر بحقي حكمان بالإعدام, الأول كان في سوريا وأعلن أنه تم تنفيذه, وتلقت زوجتي العزاء والثاني, في مصر حيث كنت ضمن5 حكم عليهم بالإعدام, تم خقق إلي الأشغال الشاقة المؤبدة, وقضيت في السجون7 سنوات, وشهرين و5 أيام متنقلا من السجن الحربي إلي طرة ثم إلي سجن الحضرة بالأسكندرية, ومن إلي سجن القناطر الخيرية, انتهاء إلي سجن طرة مرة أخري.