وقفة ذلك العمود الصحفي الذي ظل يكتبه- مراد عز العرب- علي مدي سنوات طويلة.. تتويجا لنهاية يوم طويل من العمل في المطبخ الصحفي, وترتيب البيت في أسرة الأهرام المسائي.. هذه السنوات لا تقدر بعدد أيامها ولكن بمقدار أمانة الكلمة.. وصدق العطاء.. ومدي الإخلاص في الأداء الصحفي.. وفي إعداد وتنمية وتوجيه ومواءمة العلاقات بين أبناءئه وزملائه في كتيبة المسائي. هو لم يؤد رسالة صحفية فقط لكنها كانت رسالة تربوية إنسانية لإعداد جيل المستقبل من أبناء المسائي, ووزن العلاقة بين أفراده بميزان يحقق بينهم وبقدر المستطاع المودة والسلام, وبما يدعم قدرتهم علي العطاء في جو من الرضا والتسامح. يوم الجمعة3 اغسطس كان يوم عزائه في جامع عمر مكرم الذي شهد ولأول مرة فرحا كبيرا وليس عزاء حزينا. فقد توافد الأحبة من الأسرة الصحفية وزملاء المهنة وأصدقاء الدراسة والعمل.. وبأعداد كبيرة لدرجة أن امتلأت قاعاته لعدة مرات بمن حضروا ليشاركوا عرسه وفرحته بملاقاة ربه. كان علي رأس من يتلقي العزاء فيه الأستاذ مرسي عطا الله رئيس مجلس الإدارة ورئيس تحرير الأهرام المسائي الأسبق.. والأستاذ علاء ثابت رئيس تحريره الحالي. الأستاذ مرسي عطا الله الذي حضر إليه في المستشفي عدة مرات ليلتقي به ويودعه, لكن ظروف مرض مراد الصعبة, لم تتح فرصة الوداع الصعبة بينهما وكأنها إرادة الله ليظلوا علي التواصل. والأستاذ علاء ثابت أحد أبنائه المخلصين الذين تفاعلوا معه في تجربة المسائي ليحملوا معه ومن بعده أمانة الكلمة. علاء ثابت وبكل دعم يمكنه استطاع أن يعمر قلبه وفي عز أوقات الألم بالرضا والتسامح والأمان. أما الأستاذ عبد الفتاح الجبالي رئيس مجلس إدارة الأهرام الحالي, الذي لم يلتق بمراد عز العرب الإنسان شخصيا لأنه تولي منصبه في الفترة المرضية الحرجة له- لكنه إلتقي مع السيرة العطرة و التقدير الكبير لعطائه وإنسانيته, وقد كان دائما مقدرا بكل ما يمكنه من أشكال الدعم والتقدير الإنساني وبأعلي درجات الرقي والاحترام. كذلك الأطباء والفريق الطبي المعالج له بمختلف وظائفهم وأدوارهم في رحلة مرضه التي لم تتعد الخمسة أشهر.. لم يكن بالنسبة لهم- حالة وإسما في سجلات المرضي- وإنما حضروا يوم عرسه حبا لشخصه ومؤكدين لمعاني المشاركة الإنسانية الصادقة. اسمحوا لي أنا رفيقة عمره والتي شاركته أحداث وتفاعلات رحلة المسائي ومشواره في بلاط صاحبة الجلالة الذي سار فيه منشغلا بأحداث الوطن وبحبه, وهو الذي عرف عناء- غربة الوطن- وقيمة الإنتماء لأرضه وأهله بعد سنوات ليست بالقصيرة قضاها في غربة عنه, حيث عمل بالمملكة العربية السعودية, في بداية مشواره الصحفي, معلما للصحافة بجامعة الرياض ورئيسا للتحرير فيها.. ثم أول رئيسا لتحرير مجلة الأمن والحياة التي كانت تصدر عن المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب بالرياض, فقد كان صاحب فكرة إنشائها ومؤسسها حتي عاد إلي أرض الوطن حاملا وموثقا بكل تقييم وتقدير من البلد الشقيق.. عاد لحبيبته مصر ليؤدي رسالته وقد كان دائما مشغولا ومتفاعلا بأحداثها ومحبا لها ولأرضها. اسمحوا لي أن أقول لكم نيابة عنه شكرا.. واصلوا.. وأكملوا يا جميع الأخوة والأحباب رسالة الإخلاص للوطن.. وللإنسانية الرفيعة التي تتعدي حدود المكان والزمان والأشخاص.. إلي رحاب الله الواسعة العامرة بالتسامح والحب والسلام, من عند الله العلي القدير.. وفي تلك اللحظات وأنا ألملم أوراقه وحاجياته الشخصية من أدراج مكتبه مديرا عاما لتحرير الأهرام المسائي ليحل محله زملاؤه في الرحلة ولتتواصل الأجيال بكل حب ورحابة صدر.. أقول لكم نيابة عنه مرحبا وأهلا وسهلا بكم جميعا جيلا بعد جيل.. وبعد..إنني لا أقول وداعا.. بل أقول لا إله إلا الله محمد رسول الله.. يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلي ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي صدق الله العظيم.