ربما يكون قد غاب عن الرئيس محمد مرسي, وهو يفتح صدره في جسارة,أمام الحشود الهادرة التي امتلأ بها ميدان التحرير يوم الجمعة الماضي. مؤكدا أنه لا يرتدي واقيا من الرصاص أن رئيسا أخر سبقه الي نفس الميدان ليخطب في حشود مماثلة,خرجت للاحتفال أيضا برئيس شاب, جاء الي الحكم وعمره لم يكن يزيد وقتها علي35 عاما,بعد ثورة مجيدة قام بها الجيش والتف حولها الشعب, قبل أن يقوم خلال فترة رئاسته التي لم تتجاوز أربعة عشر عاما, بسلسلة من الأعمال العظيمة التي خلدها التاريخ, وشهد بها الأعداء قبل الاصدقاء. وربما يكون قد غاب عن الرئيس أيضا,ما أنجزته تلك الثورة العظيمة, التي تحل ذكراها الستين في23 يوليو الجاري, للملايين من أبناء مصر, بداية من إقرار قوانين الاصلاح الزراعي وتأميم بورصة القطن, مرورا بجلاء الاحتلال الانجليزي عن مصر, وتأميم قناة السويس, وإنشاء السد العالي, وليس انتهاء ببناء الألف مصنع وماصاحب ذلك كله من تغييرات جذرية في بنية المجتمع المصري, وفي مقدمتها التعليم المجاني, الذي مكن أبناء الطبقة المتوسطة والرئيس الجديد من بينهم من الوصول الي الجامعة في وقت ظلت فيه تلك الخطوة مقصورة علي أبناء عائلات تعد علي اصابع اليد الواحدة, لاتمثل سوي طبقة رقيقة, من شريحة اجتماعية لاتزيد علي نصف في المائة من الغالبية العظمي للمصريين. ربما يكون قد نسي, أن عمره لم يكن يزيد علي ثلاث سنوات, عندما وقف الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في19 أكتوبر من العام1954 ليلقي خطبته الأولي علي مئات الالاف الذين احتشدوا في ميدان التحرير, لكن المؤكد أنه تابع وأسرته الذي تابعت أسرته مثل ملايين غيرها من الأسر المصرية, كلمات الرئيس الشاب حينذاك, لم يكن ليدور بخلده أنه قد يأتي اليوم الذي يتكرر فيه المشهد, وأن يعتلي واحد من نفس التنظيم الذي ناصبه نظام يوليو العداء لعقود, منصة في ميدان التحرير, ليلقي أولي كلماته علي الجماهير الحاشدة التي اختارته رئيسا للبلاد, بعد ثورة شعبية لعبت جماعته الاخوان المسلمين دورا بارزا فيها. لقد سعي الرئيس محمد مرسي منذ الساعات الأولي لدورته الرئاسية, الي توافق وطني باعتباره السبيل الوحيد للخروج الآمن بمصر, من تلك المرحلة الدقيقة والحرجة في تاريخها الحديث, واللبنة الأولي التي يسعي بقوة لاتفتقد الاخلاص, لوضعها في بناء الدولة الجديدة. بدا ذلك واضحا في الخطابات الثلاثة التي وجهها للأمة, في المرات الثلاث التي أدي فيها اليمين الدستورية في أقل من24 ساعة, وهو رقم غير مسبوق بكل المقاييس احتاج إلي جهد كبير, ربما يكون وحده هو السبب, في أن يغفر كثير من الناصريين والقوميين في مصر, وكاتب هذه السطور من بينهم ذلك الغمز الذي تضمنه خطابه الأول لفترة الستينيات, وما أدراك ما الستينيات واعتبار ماحدث لايعدو اكثر من زلة لسان تسبب فيها إرهاق الساعات الأخيرة من مراسم تسليم السلطة, أو حماسة مئات الآلاف الذين احتشدوا في الميدان, احتفالا بتنصيب أول رئيس منتخب للبلاد بعد الثورة. سنعتبرها كذلك يافخامة الرئيس, لكننا سننتظر, ونحن نعرف ما تتمتع به من فضيلة الاعتذار, فقط ثلاثة أسابيع أخري من اليوم, وهي بالقطع فترة كافية لاثبات مالم يتم اثباته بعد. ونرجوا أن نكون من المخطئين [email protected]