[منظومة رقابة شعبية] لايمكنني أن أنسي تصحيح الأفراد العاديين للغتنا الإنجليزية في حواراتنا كأجانب في وسائل النقل العام لهذا الحد يصل اعتزاز الإنجليزي بلغته ويحافظ عليها من التلوث, لتكتمل بهذا شخصيته المحافظة. عديدة هي المشاهد التي مابرحت ذهني منذ أولي سفراتي إلي انجلترا للدراسة ولكن من أكثرها تذكرا تركيبة المجتمع الإنجليزي بعلاقاته الجادة التي تعلي من شأن الصالح العام,بوضع منظومة رقابة ذاتية مجتمعية. لايمكنني أن أنسي تصحيح الأفراد العاديين للغتنا الإنجليزية في حواراتنا كأجانب في وسائل النقل العام لهذا الحد يصل اعتزاز الإنجليزي بلغته ويحافظ عليها من التلوث, لتكتمل بهذا شخصيته المحافظة. وحينما ذهبت الي بلجيكا للدراسة أيضا وجدت الأمر نفسه رغم الطبيعة الهادئة للمواطن البلجيكي. وحينما ذهبت الي ألمانيا وغيرها من دول أوروبا لم أتعجب من الأمر ذاته الذي هو بمثابة رابط مجتمعي للحفاظ علي تماسك الدولة من خلال محددات عديدة منها لغته,وإن تفاوت رد الفعل تجاه لغة الأجنبي, فالألماني مثلا حين يعتز بلغته من منظور علمي لايتأثر بعدد متحدثيهابل بقوة شعبها الذي يضفي علي اللغة وضعها,بعكس الفرنسي علي سبيل المثال الذي يشعر أن تمسكه بلغته ضرورة للحفاظ عليها نتيحة شعوره الداخلي بتقلص أهميتها عالميا ولنذكر أن المواطن الأوروبي العادي علي عكس المتوهم للعامة لا يلم بعدة لغات أجنبية لدرجة تمكنه من التواصل الطبيعي مع الأجنبي,رغم محاولات الاتحاد الأوروبي الترويج لتعلم لغات الاتحاد وتشجيع التبادل الثقافي بين شعوبه. الأمر بالنسبة للغتنا العربية صادم, لأنها لغة علمية يحاول أصحابها عنوة نزع لباس الشرعية عنها, بتهميشها وإقصائها من الحياة العامة بالقانون! حينما نتذكر القانون لابد من استحضار المشهد السياسي القانوني الذي يحاول البعض توجيهه لصالحه من خلال تصورات لما يمكن أن يشكل المشهد من خلال إدخال عنصر الزمن في منظومة العدل, وهو أمر غير منطقي حينما نطبق ما يتراءي لنا في لحظة زمنية معينة, وهو أمر مناف لمفهوم العدل ذاته بل وصادم له, وإن استعمله الجميع لتحقيق أغراض شخصية تقتطع من منظومة الوطن لتزداد المنظومة ترهلا. الأمر الآخر في المشهد السياسي هو غياب المبادرات الجادة لتتبقي فيه مدة رئاسة عبارة عن سنة واحدة ومجلس رئاسي من راسبي امتحان المرحلة الأولي وغيرها من مشاهد لامنطقية. للناخبين تخوفات مشروعة تصب في مجملها في إصلاح منظومة المجتمع ويحتاج اليها المشهد الحالي لنطمئن علي سلوك الرئيس القادم منها: مدة الرئاسة والمراقبة الشعبية التي يفتقر اليها مجتمعنا, رغم أهميتها القصوي في تصحيح مسار أي مجتمع! أليست فترة رئاسية واحدة( أربع سنوات) لاتتكرر إلا بفاصل فترة رئاسية علي الأقل حل للتخوف من سيطرة تيار معين علي الساحة السياسية؟ ويتزامن مع هذه الخطوة إيجاد منظومة مراقبة شعبية تطوعية, من جميع من يرغب في الانخراط فيها بصلاحيات قانونية تملك بموجبها مختلف آليات التسجيل والرقابة لتراقب جميع أركان الدولة وسدنتها: تسجل المخالفات وتشخص العلاجات المقترحة وتقوم أداء المؤسسات لنضمن مدنية الدولة طبقا للثابت من قيمها وتضمن مسارها القويم. هذه المنظومة موجودة في مجتمعات أخري بصورة شفافة تجذرت في ثقافة المواطن كما نستشف من قضية النقاء اللغوي السابق ذكرها, إلا أنها جد مطلوبة لتقويم مسار مجتمعنا لانتشاله من حالة الفساد والإفساد التي تزكم الأنوف! وحتي لاتفسد المنظومة, قد يكون من الملائم علي من ينخرط فيها بكامل رغبته, ويثبت استغلاله لنفوذه أن نحرمه من حقوقه السياسية! أستاذ هندسة الحاسبات, كلية الهندسة, جامعة الأزهر [email protected]