قلبي علي الدكتور البرادعي, بجد صعبان علي, وجد الرجل نفسه في موقف لا يحسد عليه. وجد من يبحثون عن جنازة ليشبعوا فيها لطما, وعن مائدة يأكلون عليها, وعن زفة ينفثون فيها رغبتهم في التطبيل. ووضعوه في موضع لا يليق به. ويوما بعد يوم يتم تدبيسه في الأمر دون أن ينتبه, أو ربما ينتبه ويعجبه الدور, ما علينا, هذا ليس شأننا. لكن ما هو شأني وشأنك وشأننا كلنا هو أداء الدكتور البرادعي في' الحملة' التي لا تجد لها توصيفا سليما, فلا هي حملة لانتخابات الرئاسة, ولا هي تنفي هذا.علي أي حا أولا, لابد أن يحترم الدكتور البرادعي ما يدعو إليه, يعني الراجل يدعو إلي تغيير الدستور, ولاحظ هنا أننا لا نتحدث عن الدستور الجريدة التي يصدرها مجموعة من الهواة, والتي فشلوا في تسويقها أكثر من مرة, وإنما عن ذلك العقد الاجتماعي الذي يحكم علاقة المواطنين بالدولة. وقد يكون لأي إنسان رأي خاص في بعض نصوص الدستور, لكن يا دكتور الأهم من نصوص الدستور هو احترامه, كيف تدعو إلي قانون جديد وأنت لا تحترم الحالي, من يضمن أنك ستحترم الجديد, هل هذا ما تعلمته في الأمم المتحدة؟ هل كنت تجرؤ علي أن تتخذ خطوات وتدلي ببيانات دون أن يكون ذلك من خلال قناة شرعية, أو حتي من خلال قناة بنما؟ وبالمناسبة يا دكتور, لماذا لم تستمع إلي نصيحة حزب الوفد, لقد قالوا لك: لا مانع لدينا من قبول عضويتك, بشرط أن تبدأ كأي مواطن, من تحت, فلماذا لم تنضم للوفد أو لغيره؟ هل جربت أن تؤسس حزبا, وحد قال لك: عيب أو حرام, ثم اسمح لي يا دكتور: أين كنت طوال تلك السنوات من النظام المصري الذي تسعي اليوم إلي تغييره؟ هل اكتشفت فجأة أنه يحتاج تغييرا أو ربما' عمرة' فقررت أن تكون لها؟ يا دكتور, أنت تتحدث عن دولة مدنية أربعة وعشرين ساعة في اليوم, ثم تخترقها أربعة وعشرين ساعة في نفس اليوم, فلماذا لا تقف ولو لساعة في أي يوم, لتسأل نفسك: أنا مين ؟ ثانيا, علي الدكتور أن يتحرك تحركات لها معني, حتي يساعد جوقة الصحافة المستعدة والمتأهبة لنقل تحركاته, حتي لو' كح', فقد جاءتني رسالة علي الموبايل من خدمة إخبارية تنظمها جريدة تدعي أنها تحترم القارئ, تقول هذه الرسالة نصا:' الدكتور البرادعي يصلي الجمعة في الحسين', ولم أفهم أين الخبر؟' في الحسين' أم' يصلي'. الأمر لا يحتاج إلي خبراء في الإعلام, ولا حتي طالب في معهد الصحافة لاكتشاف العوار في الخبر, إلا إذا كان دلالته أن الدكتور البرادعي مثلا, لم يكن مسلما ثم أعلن إسلامه بهذه الصلاة. الواقع أنني أفهم وأنت تفهم أنها كانت مجرد حركة تهدف إلي مجرد نشر أخبار وملءمساحات يجب أن تملأ, ولداعي الموازنة كانت قصة قداس القيامة, التي يقول الدكتور إنه يذهب لزيارتها' كأي مواطن مصري', ولا أدري هل' أي مواطن مصري' عندما يذهب لمثل هذه المناسبات يتابعون زيارته تلك, إلا إذا كانت زيارته لها صبغة رسمية, أو مغزي ما؟ أهو إحنا بقي عايزين نعرف' المغزي الما' ده. وحتي يقول لنا الدكتور هذا المغزي فإنني أنتهز الفرصة لتذكيره بأن خالد الذكر الدكتور أيمن نور كان يفعل هذا السيناريو بحذافيره, ولم يأت بنجاح يذكر ولا رد فعل شعبي, لذا عليه التجديد, ولو درءا للملل حتي. ثالثا, حتي الآن لم يعلن الدكتور, البرادعي وليس أيمن نور, إذا كان سيترشح لانتخابات الرئاسة أم لا, ومن حقه أن يعلن وقتما يشاء, أو لا يعلن, هذا حقه, لكن ماذا عن حدث' التغيير' دون اقتران ذلك بالترشح للرئاسة, ودون إعلان القناة التي يسعي من خلالها لهذا الحق المشروع؟ ليس من حقه الحديث عن التغيير دون طرح البديل, حتي لو كان البديل قد' قفل', كما يجب أن يكون هذا البديل شرعيا, إلا إذا كنا نتحدث عن' انقلاب', فهل تتحدث يا دكتور عن انقلاب؟ لا لا أشك.. رغم كل ما تذيعه علي' الفيس بوك'. رابعا, بمناسبة الفيسبوك يا دكتور برادعي, لا تدعهم يجروك إلي النضال الإلكتروني, السكة دي آخرتها وحشة, وأظنك رأيت مصير الشباب الذين سموا أنفسهم'6 أبريل', وكيف انتهي بهم الحال إلي أرقام في طابور طويل ينتظر تمويلا هنا أو سفرية هناك, وقد اتهموا بعضهم البعض جميعا بجميع صنوف الاتهامات من أول الشرف وحتي العمالة. كل هذا لا يليق بالحائز علي نوبل, كما لا يليق بك أن تظهر عبر الموقع الشبابي مرتبكا لا تجد ما تقوله مخطئا في قواعد اللغة العربية وغيرها. ربما كانت هذه المواقع مناسبة لبطة التي تريد ترشيح نفسها للرئاسة, أو ذلك المخبول الذي كون جروبا مختلا, مطلقا عليه لفظ الجلالة والعياذ بالله, لكنك يا دكتور كبير, أكبر من هذا, ومن هؤلاء. خامسا, صدقني يا دكتور, هؤلاء الذين يضعون صورتك علي صفحات الفيس بوك, ويشيرون كلمتك, ويضعون لايكات وكومنتات نارية, ينسون كل هذا بمجرد قيامهم من أمام الشاشة, أنت لا تعرف يا دكتورطعم الفراغ, ولا ما يفعله الفضاء, ولا إدمان الإنترنت, هؤلاء يدخلون, يشيتون, يصرخون, يتشنجون, ثم لا شيء, يقومون ليبحثوا عن فرصة في أي مكان.. أي مكان, هل تصدق يا دكتور أن شابا من أنشط الشباب علي الشبكة العنكبوتية, قال لي بالحرف الواحد: أنا عارف إن البرادعي جي بتليفون, بس هنقف ورا مين يعني؟ يا دكتور, الحكمة العربية تقول: عدو عاقل خير من صديق جاهل, وفي رواية أخري تافه. أم أنك يا دكتور قد نسيت الحكمة العربية في سنوات الغربة. سادسا, يا دكتور برادعي, بجد بجد.. إنت صعبان علي.