شهدت الساحة الإعلامية ظهور عدد غير قليل من القنوات الفضائية في بث الأغاني الشعبية ووصلات الرقص, خلقت لونا جديدا من الغناء لا تحتوي إلا علي كلمات هابطة والحان لاتمت للفن بأي صلة واستعراضات ساقطة لا تهتم سوي بإثارة الغرائز. ولان الأغاني الشعبية هي اقرب ألوان الفنون إلي قلوب المصريين لسهولة تقبلها, أصبحت هذه الفضائيات مشكلة لما تحدثه من تأثير سلبي علي تشكيل الوجدان الثقافي والفني والأخلاقي. استطلع الأهرام المسائي آراء مجموعة من الكتاب والمطربين والملحنين حول هذه الظاهرة ومدي تأثيرها علي مسار الأغنية الشعبية الحقيقية حيث يقول الشاعر الكبير عبدالرحمن الابنودي انه شاهد هذه المحطات بالمصادفة ولم يكن يصدق ما تراه عينه لأنها كلها أشياء تثير الاشمئزاز فيما تذيعه وأضلف قائلا: ارفض هذه القنوات رفضا قاطعا لأنها تعبر عن طبقة وفئة من المجتمع تصنع عالمها وفنها الخاص في حدود وعيها وثقافتها تحت تأثير المخدرات, في انفصال تام عما يدور علي ارض مصر, ومن هنا فلابد من الغائها وإقصائها فورا. وتابع: عندما بدأت الثورة كنت اعتقد أنها قادرة علي اخفاء هذه الظاهرة السلبية بابداعاتها وعظمتها ولكن للأسف ابداع الثورة يحارب من هذه القلة الذين يشكلون وجدان شعب بأكمله بثقافة لم نكن نعرفها من قبل لان العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة لذلك اطالب اجهزة الإعلام الرسمية بأن توقف أغاني المقاهي التي تقضي علي الفن تماما. وقال الملحن حلمي بكر انها اصبحت قنوات مدمرة للأخلاق والذوق العام, وللأسف تلعب علي القاعدة العريضة من الشعب تحت شعار الحرية والديمقراطية وهي بعيدة عنها تماما فإذا كانت هذه هي الحرية التي تقدمها القنوات فانا اتمني عودة النظام الديكتاتوري مرة اخري. واستطرد كل ما فعلته هذه المحطات انها دمرت مفهوم الاغنية الشعبية وافسدت الذوق العام اكثر وأكثر وبسرعة عجيبة لم نكن جميعا نتوقعها و أناشد القائمين علي التصريح لهذه القنوات العمل بأن ينهضوا لانقاذ الفن والذوق العام ليخلصونا من هذه الاغاني والاستعراضات التي اصبحت تدمر عقولنا ووجداننا لان الذوق العام لا يحتمل تلاعبا وافسادا اكثر من ذلك التي تسمم عقولنا وأذاننا بها حيث أصبحت هذه القنوات والأغاني المتداولة فيها تقدم كل ما يليق ولا يليق. أما الشاعر عوض بدوي فقد بدأ كلامه باحدي الأغاني التي تذاع من خلال احدي هذه المحطات ويقول مطلعها... الشبشب ضاع... دا كان بصباع مؤكدا ان ما وصلنا اليه الأن هو الإسفاف الذي وصلت إليه ثقافتنا وقلة الأدب الواضحة والمتناهية واكد ان هذه الجملة هي واحدة من الاسوأ. واضاف ان كل جاهل تصور ان صوته اصبح مغنيا شعبيا فأصبح المكوجي والسباك والنجار مع الاحترام لهذه المهن مطربين, وانتقلنا مع ثقافة الميكروباص إلي ثقافة التوك توك, مع ظهور نوع جديد من الأغاني التي تساعد علي قتل الفن وهي المهرجانات وهي نوع من الغناء بأسلوب بلطجي مثل مهرجان أطلق عليه اسم مهرجان المطاوي هذا هو الذوق الذي وصلنا إليه لان أغلبية الغناء الآن يتحكم فيه الجهلاء بلا رقابة حقيقية. وأبدي الملحن صلاح الشرنوبي حزنه الشديد علي ما يحدث من انفلات أخلاقي يمكن ان نسميه بلطجة وانفلاتا وكوارث غنائية تضع الحياة الغنائية في الهاوية. وأوضح ان تفاعل الناس غير الواعين مع هذه الأغاني الهابطة بما اسماه تفاعل الموتوسيكل والميكروباص والتوك توك أدي إلي أسباب خلق مثل هذه القنوات التي تبث الفساد الينا. وارجع الشرنوبي وجود هذه القنوات الي عدم وجود رقابة حاليا لتمنعها من بث سمومها إلينا في أذان أولاد البلد الغلابة. وأكد الشرنوبي أن هيئة الاستثمار منعت أي تصاريح لإنشاء قنوات جديدة في اجراء سريع لوقف المهزلة ولابد ان يوقف الحاكم الجديد هذه المهزلة فورا. وأوضح نقيب الموسيقيين إيمان البحر درويش أنه غير متابع لهذه القنوات لانه لا يعلم عنها شيئا وذلك لانشغاله ولا يستطيع ان يحدد موقفا تجاه هذه القنوات أو الاغاني التي تقدم فيها. ويري أكد أحمد عدوية ان زمن الفن الشعبي الجميل قد انهار واصبح ذكري لان ما نسمعه حاليا ليست أغاني علي الاطلاق ولا يعلم ماذا يطلق عليها, رافضا التعليق علي القنوات الفضائية.