الفريق أحمد شفيق يكاد يكون هو المرشح الوحيد المحتمل لرئاسة الجمهورية الذي يتعرض لحملة هجوم من منافسيه المحتملين. إذ عمد المرشح المحتمل والمنسحب حاليا من السباق الدكتور محمد البرادعي إلي شن هجوم شخصي علي الفريق شفيق. مستخدما عبارات أثارت حفيظة الكثيرين, إذ قال البرادعي إن ترشيح الفريق شفيق يعتبر شهادة وفاة للثورة المصرية. ولم يكن لدي البرادعي مبررات لقوله ذلك سوي أن شفيق هو أحد القادة العسكريين السابقين وأنه خدم مع الرئيس مبارك. الأمر الذي يبدو منه أن الهجوم علي الفريق شفيق يستهدف النيل من أهليته للمنصب والأهم أهلية من ينتسب إلي المؤسسة العسكرية لتولي هذا المنصب. بعبارة أخري فإن البرادعي ومؤيديه يريدون أن يثبتوا لدي الرأي العام أن الانتساب للمؤسسة العسكرية بات تهمة تستوجب الدفاع عنها, وكأن المطلوب من كل من يسعي للالتحاق بالمؤسسة العسكرية أن يوقع علي وثيقة عدم إمكانية تقدمه في يوم من الأيام للترشح لمنصب رئيس الجمهورية حتي لو كان قد ترك الخدمة بها, بينما لا يوجد منع للعسكريين في أي دولة أخري من الترشح للرئاسة مع اشتراط ضرورة أن يكون الترشح للرئاسة أو أي منصب سياسي آخر بعد مرور فترة معينة علي تركه الخدمة. وبعد انسحاب البرادعي, جاء الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح الذي يسعي ليكون بديل البرادعي لاستقطاب مؤيدي الأخير لدعم ترشحه للرئاسة, ليشن هجوما أكثر شخصانية وأكثر فجاجة علي غير عادة أبو الفتوح, إذ قال أن الفريق شفيق لا يصلح لتولي رئاسة مجلس محلي. هذا في الوقت الذي ما زال كل المرشحين يحجمون حتي الآن عن تبادل الهجوم والنقد للمرشحين الآخرين, ويحاولون تسويق أنفسهم عبر مؤهلاتهم الشخصية وبرامجهم للتعامل مع مشكلات مصر الكثيرة. وإذا أردنا الحديث عن الخبرة الفعلية للمرشحين للرئاسة فلن نجد سوي كل من السيد عمرو موسي والفريق أحمد شفيق والدكتور محمد البرادعي قبل انسحابه, هم الذين لديهم خبرة إدارية وسياسية بصرف النظر عن تقويمنا لخبرة كل منهم بينما لا نعرف الكثير عن قدرة ومؤهلات الأخرين في العمل الإداري وانجازاتهم خلال مسيرتهم العملية. وكم هو مدهش أن يحدث هجوم شخصي بهذا الشكل من مرشحين ضد مرشح آخر هو في النهاية منافس وليس خصما أو عدوا في أول انتخابات تجري بعد الثورة المصرية التي نادت بالحرية والكرامة وأعادت القول الفصل في مثل تلك الأمور وغيرها إلي المواطنين عبر صندوق الانتخابات. والمدهش أيضا أن يأتي ذلك الهجوم من أشخاص نالهم ما نالهم بسبب هجوم النظام السابق عليهم ومحاولة تشويههم خاصة في حالة الدكتور محمد البرادعي. وفي كل الأحوال فإن بداية العملية الانتخابية لرئاسة الجمهورية بهذا الهجوم علي المنافسين يشير إلي أننا مقبلون علي حملة انتخابية لن تكون نظيفة وستشهد الكثير من الاختراقات والمخالفات. الأمر الذي سيضع المزيد من الضغوط علي لجنة الانتخابات الرئاسية, وهي الضغوط التي سيزداد تأثيرها السلبي علي اللجنة وعلي العملية الانتخابية في حال لم يتعامل قانون الانتخابات مع كل المخالفات المتوقعة في الحملة الانتخابية. وهنا لابد من القول: إن الإعلام سيتحمل مسئولية كبيرة في تعريف المواطنين بالحقائق وتزويدهم بالمعلومات الكافية للتصويت للمرشح الأفضل دون التماهي مع مواقف بعض المرشحين, أو التورط في الصراعات التي ستحدث بينهم. وفي تقديري فإن الرسالة الأهم التي يجب أن يعيها المرشحون والناخبون هي أن اختيار رئيس الجمهورية القادم لا يجب أن يكن بناء علي موقفه من الثورة أو موقفه من النظام السابق, بل يجب أن يكون الاختيار بناء علي ما سيقدمه الرئيس القادم لمصر وقدرته علي تحقيق الأفضل لمصر دولة وشعبا, فذلك هو الحاضر والمستقبل, وإن لم ننتخب علي هذا الأساس فسوف يظل التخبط والتردد ما بين الماضي والحاضر حائلا دون الانتقال إلي المستقبل الذي نصبو إليه جميعا.