هذه الطريقة محفوفة بالمخاطر لأنها إذا تجاوزت الحدود المعقولة أو جنحت إلي المبالغة والتهويل فإنها تنحرف بذلك عن الحقيقة والصدق تبعا لدرجة هذا الجنوح. الإعلام وفقا للمعني اللغوي والمتداول للكلمة هو الإخبار والإبلاغ بخبر أو أمر حدث علي أرض الواقع, فهو إخبار بشيء حدث فعلا وكما جري بدون إضافة أو حذف أو تعديل تماما مثل الشهادة التي يقسمها الشاهد أمام المحكمة وخاصة في الدول الغربية العريقة في الديمقراطية أقسم بالله العظيم أن أقول الحق كل الحق, ولا شيء غير الحق, وهذا هو الصدق بعينه والأمانة والإحساس بالمسئولية والواجب الأول والأخير للإعلام الوطني الطاهر النظيف سواء كان حكوميا أو مستقلا.. وهذه المصداقية هي التي تخلق للصحيفة أو القناة مكانتها عند القاريء والمشاهد والحاكم والمحكوم, لأن القاريء أو المشاهد مهما تكن بساطته أو ضعف درجة ثقافته, فإن ذكاءه الفطري ومتابعته للصحيفة أو القناة سرعان ما يكتشف مدي صدق أو كذب هذا الإعلام فيحترمه, ويقبل عليه بسعادة ويدمن قراءته ومشاهدته أو يعرض عنه ويمقت رؤياه, ويحتقره تماما مثلما يحدث في حياتنا العادية, فهناك إنسان تثق فيه وتحترمه وتتخذه صديقا حميما وهناك العكس الذي تتحاشاه وتبتعد عنه وترفض التعامل معه مطلقا, ولو كان أقرب أقاربك. وبينما يكون الصدق أو الأمانة درجة واحدة أو لونا واحدا.. فالصدق هو الصدق لأنه عنوان الحق والحقيقة دائما, والذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه, بحيث إذا أضيف إليه أو حذف منه أي شيء لم يعد صدقا علي الإطلاق, وإنما صار خليطا من الصدق والكذب, أو صدق يغلفه الكذب أو كذب يزينه القليل أو الكثير من الصدق, وكلما تجاهل الإعلام الحقائق الثابتة وأخذ يلهث خلف بريق التهويل والمزايدة والتضليل صار كذبا وضلالا وخداعا وبهتانا.. وكما ذكرنا من قبل فإن الكذب والتهويل والضلال درجات وأنواع تستعصي علي الحصر والعد.. فهو يبدأ بالمبالغة المحدودة وهي التي تقع ببراءة وبحسن نية بهدف جذب انتباه المتلقي للترويج للصحيفة أو القناة وجذب الزبائن والإعلانات ويدافع عنها البعض بالقول بأنها ليست كذبا وإنما تكون تجملا وتجميلا للواقع لإبرازه بصورة مغرية, تماما مثل المرأة التي تضع الروج والمساحيق قبل خروجها من المنزل لإبراز جمالها ومهما كانت جميلة. ولكن هذه الطريقة محفوفة بالمخاطر لأنها إذا تجاوزت الحدود المعقولة أو جنحت إلي المبالغة والتهويل فإنها تنحرف بذلك عن الحقيقة والصدق تبعا لدرجة هذا الجنوح. أما الكذب والضلال منتهاه والتضليل فإنه خطأ وانحراف فظيع كثيرا ما يقع فيه الإعلامي فيفقده مصداقيته واحترامه عند القاريء والمتلقي وسرعان ما يهجره ويركله بكل احتقار واشمئزاز... ويصل الكذب والضلال منتاه حتي يصير جريمة جنائية تستوجب أقصي أنواع العقاب, وذلك بعرض ونشر الأخبار الكاذبة والحوادث المفتعلة والشائعات المضللة والمؤامرات الوهمية بهدف إشعال الفتنة والتحريض علي أعمال العنف والتخريب, وإحداث الفرقة بين طوائف الشعب وسلطات الوطن أو بين الشعب والجيش والشرطة وغير ذلك من الجرائم الخطيرة التي يعاقب عليها قانون العقوبات, وغالبا ما يكون ذلك مقصودا ومدبرا ومدفوعا من جهات خارجية أو داخلية بهدف تخريب الوطن وهو ما يتدني إلي مرتبة العمالة والخيانة العظمي التي تستوجب الإعدام, ولا تستحق أية رحمة أو شفقة. [email protected]