مشهد خروج الملايين من جديد إلي شوارع مصر يثير الكثير من الآمال والشجون في الوقت ذاته نعم لقد احتفلنا بزوال كابوس الحكم العائلي وسياسة التبعية والإذلال الداخلي والخارجي, لكن ملامح مصر بعد الثورة لم تظهر بعد بالتأكيد لن نستطيع في عام ان نضع إطارا لشئ محدد لكن الأهم ان نتحرك سريعا للأمام ونستفيد من هذه الدفعة المتجددة. * الثورة قامت لتحقيق أمال المصريين في حياة أفضل ولإحداث الكثير من التغيرات التي يجب ان ندفع ثمنها جميعا إذا اردنا القطيعة مع ممارسات الماضي والإنطلاق نحو دولة متقدمة أولي هذه الفواتير هي في حتمية تطوير الإعلام وتحويله لوسيلة تنوير وبناء الإعلام الحالي موجه وتابع لقوي تحاول الدفاع عن نفسها وتؤجج مشاعر التصادم وتقسم مكونات المجتمع يجب ازاحته وخلق نموذج يأخذ بيد الوطن ولا يمعن في ترسيخ قيم الإختلاف, وثقافة الأنا يجب علي إعلام البحث عن فضيحة وبقايا السيد جوبلز ان يدفع فاتورة التنظيف ويسمح بظهور صورة مصر مشرقة مشرفة كما كانت. الفاتورة الثانية اقتصادية ليست في خسارة احتياطي النقد الاجنبي لكنها في ضياع فرص التقدم والتطوير ونسب الفقر40% من الشعب وإقتصاد بلا هوية بمعدلات نمو متدنية دفع هذه الفاتورة لا يحتاج إلي اقتراض ومعونات خارجية لكنه يحتاج لإطلاق القدرات والكفاءات وضخ الطاقات في مشاريع صغيرة وكبيرة تحرك الاقتصاد وتخلق فرص نمو يحتاج إلي ان نضع البوصلة علي نموذج اقتصادي يتميز بالعدالة ثم نهندس المؤسسات الاقتصادية لتنفيذه هذه الفاتورة يدفعها الشعب في ممارسة العمل الجاد والإنتاجية المرتفعة ويدفعها مدراء وخبراء فاشلون اكثرهم فاسدون يجب ان يتنحوا جانبا عن المشهد الاقتصادي. * الفاتورة الثالثة هي كلفة تعليم وتثقيف هذا الشعب الذي صبر علي الذل والمهانة عشرات السنين ولا يزال بإمكان أي حاكم ان يسيطر عليه عبر مجموعة من المأجورين بالإعلام والبلطجة الجماهير التي هتفت سنوات لمبارك فعلت هذا ليس فقط لعدم قدرتها علي المطالبة بحقوقها, ولكن لإيهامنا لها بأنه قدرها المحتوم هذه الفاتورة يجب ان ندفعها جميعا ونواجه الحقيقة المريرة ان نسبة الامية والجهل لم تعد تتناسب مع دور مصر وتاريخها هذه الأمية هي اهم مسببات السلوكيات المنهارة ويجب ان نواجهها جميعا أفرادا ومجتمعا مدنيا وحكومة. * الفاتورة الرابعة هي في ضرورة إعطاء الشباب فرصتهم في التجربة وقيادة الدولة لقد تغير العالم وظهرت متغيرات عصفت بالثوابت انظروا حولكم في الدولة المتقدمة لتروا ان العالم يحكمه شباب واختفت منه مشاهد قيادات الحزب الشيوعي من العواجيز وأنحسر مفهوم الحكماء في مقابل قوة وعلم وطاقة الشباب هذه الفاتورة يجب ان تدفع ثمنها اجيال فشلت في تطوير مصر فاروق الباز قال عام2005 في جرأة نادرة نحن جيل فاشل ينبغي أن تعترف بهذا كلنا نخطط لتوحيد الأمة ونشر الاشتراكية وتحرير فلسطين وهاهي الحصيلة التي يرون نحن جيل ينبغي أن يعترف بالفشل التام.. ونترك للأجيال الصاعدة للشباب من الجنسين.. لأبنائنا من16 25 سنة أن يعملوا ما يفكرون به.. لا نزجرهم كما كنا نفعل نتركهم حتي لو اخطأوا. * الفاتورة الخامسة هي في إزاحة نموذج الدولة الفاشلة دولة الرعاية التي تحتكر تقديم الخدمات والبرامج وتسيطر علي الاسواق والاحزاب والأبواق هذه الدولة لم يعد لها وجود حتي في اغني دول العالم واكثرها رفاهية الدولة الحديثة تضع السياسات والقوانين والأطر التي تنظم المجتمع وتحمي حقوق مواطنيها ونترك وضع وتنفيذ البرامج والمشروعات مكونات المجتمع من قطاع خاص واهلي, العالم تغير لا احد يتخيل ان ثالث اكبر بنك بريطاني هو بنك مؤسسة التعاونيات البريطانية يتعايش بنموذج الاقتصاد الاجتماعي مع الرأسمالي حتي في قلعة الحرية الاقتصادية الغربية فاتورة هذا التحول يدفع ثمنها مؤسسات ووزارات فاشلة وقفت عائقا نحو تحول مصر لدولة عصرية عشرات المؤسسات والهيئات والوزارات بلا عمل وبلا قيمة مضافة للمجتمع يجب اعادة النظر في ادوارهم وتكلفتهم علي المجتمع. * الفاتورة الأخيرة لن ندفعها بل سوف نحصل علي قيمتها حين نقوم بدورنا في ايقاف الفساد نظام مبارك لم يكن المفسد الوحيد وكما امعنت فئة في الاستهتار والإستسهال احتكرت فئة اخري الوطن وسيطرت علي الاراضي والمناصب وأقفلت الباب امام الآخرين هذه الفاتورة يتشارك المجتمع في تحملها من اول فساد الواسطة والمحسوبية ومرورا بفساد الدولة وانتهاء بفساد بعض رجال اعمال دأبوا علي مص دم الشعب يجب ان نغير اسلوب اجتثاث الفساد من أجل الوطن. * ست فواتير نضعها امام الشعب صاحب الثورة فهل يمكن ان نبدأ في ترتيب الأوراق لدفعها والنهوض بالوطن؟