علي الرغم من مرور عام علي ثورة يناير المجيدة, إلا أن عدم الاستقرار وتغير الحكومة أكثر من مرة أنعكس بالسلب علي الاستثمار, وتسبب في هروب رؤوس الاموال من المحافظات وخاصة أسوان. التي لم تشهد أي مشروع يوفر فرص عمل للشباب, باستثناء مشروع واحد لا يزال حتي الآن في طوره التمهيدي ويختص بإنتاج الكهرباء بالطاقة الشمسية. الغريب أن الروتين لا يزال قائما في هذا القطاع الذي يتطلب نسف كل القرارات القديمة وإتاحة الفرصة أمام رجال الاعمال لتنفيذ مشروعات تنموية حقيقية, فمثلا يتطلب أي مشروع موافقة14 جهة مختلفة وجميعها بالقاهرة وليس لها فروع بالمحافظات, التي لا تملك هي الاخري حق التصرف في الاراضي التي تقع في حدودها الإدارية. ويطالب مستثمرو أسوان الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء بالبدء في فتح ملف التعقيدات الاستثمارية حتي تنطلق التنمية الحقيقية في هذه المحافظة الواعدة خاصة وأنها تمتلك من الامكانيات والخامات الطبيعية ما يؤهلها لكي تكون في مقدمة المدن الصناعية والسياحية في الشرق الاوسط. البداية كانت من المستثمر علي أغا الذي يقول: إننا نعيش الآن عصر الحرية والعدالة وإعادة هيكلة أجهزة الدولة وأري أن الاستثمار لا بد وأن ينطلق سياحيا وصناعيا من أسوان, التي تمتلك الطبيعة الخلابة التي تتيح إقامة المشروعات والقري السياحية الترفيهية والعلاجية, بالإضافة إلي الخامات التعدينية والمحجرية لإقامة مصانع ثقيلة تستهدف التصدير وتوفير فرص عمل للشباب. ويضيف أغا أن المستثمرين يواجهون روتينا معقدا من أجل الحصول علي الموافقات الخاصة بأي مشروع وهي تتطلب التوجه إلي القاهرة والعودة إلي أسوان ليكون ذلك أشبه برحلة كعب داير, كما يصطدم المستثمر بأن معظم أراضي المحافظة تخضع لولاية جهات أخري كهيئة التعمير والتنمية الزراعية أو الصناعية, وبإختصار لابد أن تكون هناك حزمة من التيسيارات وأن نقضي علي القرارات والقوانين المعقدة. ويتدخل رجل أعمال أخر ركابي إبراهيم قائلا: إن الاستثمارات في معناه الحقيقي لا بد وأن يبني علي الاستقرار الحقيقي والتسهيلات, لأنه يفيد الدولة والمحافظة ويوفر فرص عمل في المشروعات. ويضيف أن هذا الوضع والتعقيدات تجعل رأس المال يهرب ونحن لا نريد إلا التيسيرات لإقامة المشروعات والأمر بيد الحكومة, التي تستطيع أن تطلق يد الاستثمار من خلال إعادة حق المحافظات في الولاية علي أراضيها وإختصارات المعاملات الأربعة عشر مع مكاتب الوزارات المختلفة كما نطالب نحن كأبناء أسوان تخصيص منطقة إستثمارية بالمحافظة لتدخل فيها الصناعات الثقيلة لإستغلال خامات الحديد والفوسفات والجرانيت والرخام, فهي خامات من الممكن أن تفتح مجالات صناعية وتصديرية مختلفة. ويطالب الدكتور معوض أبو قديس بفتح ملفي مشروعي الحديد والفوسفات بأسوان فالأول تم إلغاؤه بجرة قلم, من أجل عيون أحمد عز, والثاني كان مخصصا لإقامة مشروع مصري هندي لأنتاج حامض النيترك بنحو325 مليون دولار وتوقف أيضا في ظروف غامضة. ويكشف معوض عن إن إمكانيات محافظة أسوان زراعيا وصناعيا بالإضافة إلي السياحة من الممكن أن تجعلها منجم الذهب للإقتصاد المصري, ولا ينقصها إلا أن تقوم الحكومة بتيسير إقامة المشروعات والمصانع لرجال الاعمال بدلا من التعقيدات التي يواجهونها. وضعنا كل ذلك أمام مجدي ربيع مدير عام إدارة الاستثمار في المحافظة الذي قال آن دور الادارة بمثابة الوسيط ما بين المستثمر والهيئة, ولكن مع ذلك يشعر بمدي معاناة المستثمرين في الحصول علي الموافقات المطلوبة من14 جهة, والبطء الشديد للتوصل إليها عدا موافقة القوات المسلحة التي لديها الامكانيات ولا تعرف الروتين, بالإضافة لتعدد وجهات الولاية علي الاراضي التي يمكن تخصيصها للمستثمرين الجادين. ويقول أن الاستثمار شبه متوقف منذ عام بسبب عدم الاستقرار والتغيرات الوزارية المتتالية, والخوف من إتخاذ القرار. ويكشف عن أن السنوات الخمس الأخيرة قد شهدت التقدم بمشروعات في المحافظة بنحو9 مليارات جنية, ولكن للأسف فإن70% منها معطل داخل ثلاجة ال14 جهة حكومية, من بين هذه المشروعات قري سياحية علاجية علي أعلي مستوي, ومصانع لإنتاج الزجاج والجرانيت والرخام, وأكد أن منطقة السباعية شمال مركز إدفو تعتبر من أهم المناطق الواعدة حيث يتواجد خام الفوسفات فيها بكميات هائلة وتتلطب تحويلها إلي منطقة إستثمارية ذات طبيعة خاصة ليكون لها مزايا وحوافز وميزات معينة. وعن أهم المشروعات التي من الممكن أن تأخذ طريقها للنور خلال الفترة القادمة في أسوان قال ربيع هناك مشروعان للحديد والفوسفات, وآخر لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية بمنطقة فارس غرب كوم أمبو بقدرة110 كيلو وات وبتكلفة470 مليون دولار حيث سيكون إضافة للشبكة القومية الموحدة لوزارة الكهرباء كما سيوفر5000 فرصة عمل, وهذا المشروع بالتحديد قد أنهي مرحلة الموافقات, ومن المتوقع أن يبدأ العمل فيه خلال شهرين. وأخيرا يوجز مدير الاستثمار بالمحافظة مطالب أسوان لتيسير الاستثمار في عدة نقاط, أهمها مضاعفة الحوافز المخصصة للمستثمرين, وإقامة منطقة إستثمارية تختص بخدمة مناطق البحر الاحمر والعلاقي والتجارة بين مصر والسودان, ويتطلب ذلك تحويل منفذ برنيس البحري علي البحر الاحمر إلي ميناء لتصدير الانتاج المتوقع من المنطقة, خاصة وأن الطريق بينه وبين أسوان قد تم رصفه منذ عامين بطول280 كيلو مترا, مع تبسيط إجراءات إتخاذ القرارات وعودة ولاية المحافظة علي الاراضي.