تكتسب زيارة رئيس الوزراء التركي للقاهرة بعد غد الاثنين أهمية خاصة بالغة الدلالة والمعني علي الصعيدين الإقليمي والدولي دون مبالغة, والتوقيت لايحتاج للكثير من الشرح في ضوء التغيرات الجذرية التي تشهدها المنطقة والتي سيكون لها التأثير المباشر علي مجريات الأحداث خلال الفترة القادمة. وقد يكون ضروريا التذكير ببعض التحفظات التي كنا نبديها في الماضي للدور التركي بالنظر الي ماكان قائما من علاقات تعاون عسكري واستراتيجي مع إسرائيل وهو الأمر الذي ظل يمثل علامة استفهام لدي الرأي العام المصري والعربي علي حد سواء حتي بدأت المراجعة التركية عقب الهجوم الإسرائيلي علي اسطول الحرية, مما دفع أنقرة الي طلب اعتذار رسمي واضح من حكومة نتانياهو وانتهي التصعيد بقرارات تركية صارمة بتخفيض مستوي التمثيل السياسي ووقف التعاون التجاري والعسكري مما زاد من شعبية أردوغان داخل بلاده وبين الشعوب العربية وفي مقدمتها مصر. كذلك يجب أن نسجل لتركيا مواقفها الواضحة تجاه الثورات العربية, والكلمات المحددة التي صدرت عن قادتها وقت قيام الثورة المصرية ومطالبتها مبارك بالرحيل والقبول بالمطالب الشعبية فورا وبلا إبطاء, وتكرر ذات الموقف مع الثورة الليبية وكان لانقرة دورأساسي وفاعل في توحيد الجهد الدولي للتدخل لصالح الثوار في مواجهة الآلة العسكرية للقذافي, ويتواصل هذا الاتجاه مع الثورة السورية التي تزداد وتيرتها وتتصاعد أحداثها. وقد قوبلت هي الأخري بلهجة مشددة تطالب الأسد بالاستجابة وتمنحه مهلة زمنية ليخرج بعدها كبار المسئولين الأتراك ليعلنوا بوضوح انهم فقدوا الثقة بالنظام السوري. تلك المواقف الشجاعة والمراجعات المستمرة التي تصحح المسار لصالح القضية الفلسطينية من ناحية وللمطالب المشروعة لشعوب المنطقة في الحرية والديمقراطية تجعلنا نرصد الدور التركي الإيجابي والذي لايحمل شبهة محاولة بسط النفوذ والهيمنة أو التدخل في شئون الدول الأخري وإنما يقف مساندا وداعما في اطار من الشرعية الدولية.. ولن يكون خافيا الترحيب الرسمي والشعبي المصري بأردوغان لكل ماسبق من اعتبارات, وايضا لتطلعات قادمة تحمل آفاقا واسعة لعلاقات ثنائية في جميع المجالات..