يا أبناء مصر يا من تحبونها وتنتمون لترابها وتشربون من مياه نيلها العظيم أكاد أقول لقد أخذت قطعة من قلبي لتكون صفحة أكتب فيها هذه الكلمات لأن مصرنا اليوم في منعطف شديد الخطورة. ولا داعي لأن نخوض في تفاصيل جديدة من تخوين بعضنا البعض, والصراعات المستترة والتي ترتدي عباءات مختلفة الأشكال والألوان ويبقي سؤال حائر: أين عباءة مصر؟ لقد كثرت الأحزاب حتي وصلت إلي47 حزبا ومائة إئتلاف بسم الله ما شاء الله ولا يبقي إلا أن تقوم كل مجموعة من العائلات علي مستوي الوطن بتكوين حزب خاص بها وطبعا تصدر جريدة يومية تنطق بلسانها ولا مانع في مجلة أسبوعية من الضروري ان تكون لها قناة تليفزيونية.. نعمل ليل نهار.. ثم نجلس جميعا علي المصطبة في الريف كل ساعات عصاري وفي الأنتريهات والصالونات كل مساء وهات يا كلام وتنفتح صنابير الرغي فيما يضر ولا يفيد حيث التخوين والشائعات والتشنيع علي الآخرين والنتيجة النهائية المؤكدة هي مجرد كلام وطق حنك كما يقول إخواننا اللبنانيون. وفي النهاية لم تنتج مليون طن قمح أو أرز وعدس لنأكل منه, وطبعا لا أمل في التفكير في التصدير حاليا ونسينا تسديد ما علينا من قروض خارجية وداخلية واجبة سداد أقساطها ثم لابد من جدولتها. وهناك أسطورة إغريقية تذكرتها الآن بطلها شاب وسيم فتي بجمال شكله إسمه نرسيس إليكم ملحقها بايجاز متروك للقارئ العزيز أن يتأمل ما بين السطور كما يشاء. ذهب نرسيس ذات مرة إلي بحيرة عذبة صافية المياة وكان سطحها كمرآة وقد بلغ منه التعب والظمأ مبلغه فانحني نرسيس فوق البحيرة ليروي ظمأه فرأي خيال وجه علي صفحة المياه وأخذ يتأمل هذا الخيال لساعات طويلة. عاد إلي بيته وقد نقشت الصورة التي رآها علي صفحة الماء في قلبه وقد إرتسمت كذلك في مخيلته ولم تفارقه لحظة, وفي اليوم التالي عاد نرسيس ليتأمل الوجه الجميل المختبيء تحت صفحة الماء, ثم دام علي الذهاب لتلك البحيرة كل يوم وبالتالي إنقطع عن الناس وصار لا يخالط أحدا ولا يتحدث مع أحد منبهرا وبجماله حتي ضعف جسده وذوي جماله وأخذت قواه تخور وتتلاشي شيئا فشيئا حتي إشتهي في إحدي المرات أن يقبل وجهه المرتسم تحت الماء فسقط في البحيرة ولم يخرج فيها وقد فارق الحياة. لا يكفي أن نعترف بشموخ مصر ونتغني بمجدها ونشيد بجمالها بل علينا أن نواصل رحلة البناء بالعمل الجاد للحفاظ علي هذه الأمجاد وبذل العرق حتي يتواصل مجدها ولا يخبو.. ولن يخبو بإذن الله تعالي. وكفانا نرسيس واحدا. وحتي لا نفرد شراع التفاصيل علي بحر القيل والقال علينا أن نتذكر قول الله تعالي:, يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون] الأيتان2 و3 سورة الصف. فيا أبناء مصر الأوفياء: الا تقولوا شيئا فقد شبعنا كلاما لكن تعالوا لنجعل العالم كله يرانا بأعمالنا الجادة المخلصة ومجهودنا, وتصرفاتنا الرشيدة, المعبرة عن صدق المشاعر نحو الوطني بمعني كل واحد منا يخلص في مجال عمله يؤديه بأمانة وإتقان ويعرف الدور المحدد الذي يقوم به.. فلن يمسح دموع مصر ولن يسدد ديونها وينهض باقتصادها إلا عمل أبنائها لقد كرمها الله سبحانه وتعالي بذكرها في القرآن الكريم فلا تفرطوا فيها. صحيح هناك مقولة لأحد الكتاب الأمريكيين: لاقامة دولة قوية يلزمها قانون جيد يطبقه رجال مخلصون, وهل نسينا ما جاء في القرآن الكريم وقول الله تعالي محذرا لنا منذ مئات السنين:, وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم وأصبروا إن الله يحب الصابرين] الآية64 سورة الانفال. أكاد أقول مرة أخري لقد إستعملت دموعي بدلا من الحبر لكتابة هذه السطور لأقول لكل الغيورين علي مصر: حافظوا علي مجد وطنكم حتي لا يخبو ولن يمسح دموع مصر إلا أبناؤها.. اللهم بلغت.. اللهم فاشهد