منذ عشر سنوات وابان حكم الرئيس المخلوع مبارك فوجيء الجميع باقالة رئيس الوزراء حينذاك- الدكتور كمال الجنزوري- وذلك بشكل بدا فيه غضب القيادة السياسية عليه غضبا شديدا وتعمدإهانة الرجل حيث فوجيء الجنزوري وهو في مكتبه ودون سابق انذار أو ترتيب باتصال من أحد مساعدي الرئيس السابق يخبره فيه بقرار اقالته...هكذا وبشكل يخالف البروتوكول المتبع!!! وخرج الرجل في صمت وظل علي هذه الحالة طوال السنوات العشر الماضية ولم يحاول حتي الدفاع عن نفسه- ربما تحت تهديد من النظام السابق- الذي حدد اقامته بمنزله لفترة كبيرة استمرت عدة سنوات... وانبري اعلام النظام السابق بعد ذلك يشكك في كفاءة الجنزوري ويكيل له الاتهامات مثل اضراره بالاقتصاد الوطني لقيامه بتبني مشروعات فاشلة كبدت الدولة خسائر كبيرة مثل مشروعي توشكي وشرق التفريعة وهو كلام مردود عليه ولايتسع المجال هنا لبحث جدوي مثل هذه المشروعات من عدمها وغيرها من الاتهامات الأخري مثل اتهامه بسياسة( تكويش السلطة)!! ومن هنا ألتقط الخيط لاظهار بعض الحقائق التي قد تكون غائبة عن الشباب المعتصم في التحرير والذي كان عمره حينذاك من10:15 عاما وغيرهم من الناس. فالجنزوري منذ أن قام بتشكيل وزارته في ذلك الوقت أعلن عن محاربته للفساد واستغلال النفوذ في جميع أجهزة الدولة وكذلك تصديه لمحاولات تربح الكثيرين من مناصبهم... وكان من ضمن توجيهاته للوزراء والمحافظين عدم منح أية استثناءات لأي فرد في الدولة مهما كان موقعه وأخبرهم بالرجوع اليه حال اصطدامهم بهؤلاء الفاسدين والمنتفعين. ولاحكام القبضة وضمان تنفيذ هذه التوجيهات قام الجنزوري بنقل تبعية نحو17 هيئة وجهة من الهيئات الحكومية له مباشرة مثل هيئة المجتمعات العمرانية وغيرها وذلك في محاولة لغلق صنابير الفساد في هذه الهيئات وادراكا منه لعدم تنفيذ توجيهاته بشكل كامل ودقيق من قبل الوزراء أو المسئولين التابعة لهم هذه الهيئات وكان سعيه لذلك المصلحة العامة وحماية أملاك ومقدرات الدولة وليس( تكويش السلطة) كما ادعي عليه الكثيرون فالرجل بذلك أضاف بذلك أعباء علي عاتقه كان في غني عن حملها!!! ونتيجة لذلك اصطدمت سياسات الجنزوري بمصالح قطاعات عديدة ومؤثرة في الدولة مثل رجال الأعمال وأعضاء مجلسي الشعب والشوري من الحزب الوطني المنحل وغيرهم ممن اعتادوا الحصول علي استثناءات تحقق لهم العديد من المنافع الماديةوالأدبية. وقبل اقالة الجنزوري بفترة كانت تعقد مؤتمرات تأييد الرئيس المخلوع قبل اجراء الاستفتاء علي استمراره وكان من المعتاد أن يحضرها رئيس الوزراء والوزراء بجميع المحافظات ولم يحضر الرجل أيا منها متعللا بانشغاله الشديد في ادارة أمور الحكومة مما جعل من ذلك فرصة سانحة انتهزها الكثيرون ممن تضررت مصالحم نتيجة لسياسات الجنزوري الاصلاحية وقاموا بايغار صدر الرئيس المخلوع مبارك ضد الرجل. وجاء مشهد هجوم أعضاء الهيئة البرلمانية للحزب الوطني من أعضاء مجلسي الشعب والشوري علي الرجل خلال لقاء الرئيس السابق بهم ليكمل هذه الهجمة الشرسة وحسب رواية زميل من المحررين البرلمانيين الذين حضروا اللقاء انه وبينما كان يجلس الدكتور كمال الجنزوري بجوار الرئيس المخلوع قام هؤلاء الأعضاء بتوجيه كلامهم إلي مبارك قائلين بالحرف الواحد وبأعلي صوتهم( ياريس ارحمنا من كمال)!!! وبعدها تمت اقالة الرجل بالشكل المهين الذي ذكرناه..وأعتقد أن الصورة اتضحت الآن لمن لايعرف حقيقة الجنزوري ذلك الرجل الذي أراد أن يواجه الفساد جملة وفي أقوي مراحل النظام السابق فقضت عليه قوي الفساد في مصر حينذاك وبلا رحمة.