مصر بماضيها وحاضرها ومستقبلها الثقافي, كانت محور فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الثلاثين التي تستمر حتي الأحد المقبل.. وما بين مشاركة واسعة لدور النشر المصرية, وحضور طاغ للكتاب والأدباء المصريين, جاء حديث الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلي للإمارات حاكم الشارقة خلال مشاركته في ندوتين ضمن فعاليات المعرض, الأولي بعنوان تحديات الثقافة في الوطن العربي, والثانية حول الثقافة العربية في أفق التبدلات, فحينها كان يتحدث بعقل وقلب مواطن عربي يدرك حجم مصر وثقلها حيث أشار إلي أن عصر النهضة الذي بدأ في مصر هو النموذج الأمثل لما نشهده حاليا.. وأضاف قائلا: إذا تصحح الوضع في مصر تصححت أوضاع كثيرة في الوطن العربي, فمصر هي الأساس. وقال زرت مصر طالبا ليس ككل الطلاب, إذ دخلت مصر ووجدتها مطبخا للثقافة والسياسة والانتماء والقومية, وتفاعلت مع هذا كله وليس من باب المشاهدة, وإنما من باب المشاركة, أنا أحد جلاس زكريا الحجاوي وتجولت في أرياف مصر والتقيت الشعراء والأدباء والكتاب, وكنت أتردد علي المقاهي الثقافية وكذلك بالنسبة للمسرح والمكتبات. وأضاف أنا من الذين كانوا يقفون كثيرا في مكتبة مدبولي, ويشتري الكتب الجديدة ويأخذها إلي سوق الأزبكية, حيث كنت استبدل تلك الكتب بكتب أخري قديمة تراثية وأتذكر وقفاتي الطويلة في الشمس الحارقة, لكنها أثمرت فيما بعد. وأوضح أنه ذكر ذلك في القصيدة التي كتبها وألقاها في افتتاح المعرض, فقد قصدت مصر عندما قلت قد جئت يوما حاملا مشاعل الفكر وتوق الهمم وكنت أقصد مصر, ومن قرأ القصيدة يلاحظ انني أتيت من مصر حاملا مشاعل الفكر, كل ذلك نتج عنه فكر بني علي أسس كثيرة مما واجهته في مصر. وأشار إلي أن المطابخ الثقافية ومؤسساتها تعيشان في المجتمع علي هامشه وليس في عقر داره. واختتم كلمته قائلا إذا تصحح الوضع في مصر تصححت أوضاع كثيرة في الوطن العربي, فمصر هي الأساس. وحول النهضة العربية والقول بأن الغرب يتقدم ونحن لا نتقدم قال: الأشخاص الذين كانوا يقولون شيئا في المسرح الفرنسي كان مصيرهم الإعدام والسجن والتغريب, حتي جاء عصر النهضة والانفتاح بعد الثورات, مثل ثورة ميدان التحرير وتونس, ونحن الآن نحاكي ما حدث في فرنسا وألمانيا في ذلك العصر. وعن أسباب تأخر العرب أشار إلي أنه منذ مرحلة ما بعد الدولة العباسية ونحن في صراع متواصل مع المماليك والتركمان ثم الأتراك الذين نحبهم.. وعندما أتوا وضعوا الباشوات ثم وجدنا أنفسنا علي طاولة سايكس بيكو, ثم جاء الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وعمل عملا جليلا وطرد الاستعمار, لكنه خرج من الباب وعاد من الشباك, إنما عهد النهضة قد بدأ في مصر وفي بلاد أخري, فعصر النهضة الذي بدأ في مصر إنما هو النموذج الأمثل لما نشهده حاليا. شارك في الندوة الدكتور شاكر عبد الحميد الأمين العام لمجلس الثقافة والدكتور محمد صابر عرب أمين عام هيئة دار الكتاب والدكتور زين الدين محمد عبد الهادي مدير دار الكتب المصرية. وفي الندوة الثانية بعنوان الثقافة العربية في أفق التبدلات والتي شارك فيها الدكتور مصطفي الفقي تم تناول التبدلات التي تأتي متسارعة هذه الأيام وتلقي بظلالها علي الثقافة العربية.. وأشاد حاكم الشارقة بالفقي وأفكاره, مشيرا إلي رجوع معرفته به لسنين طويلة وأنه كان يعبر عن موقفه المعارض للنظام بكل صدق وشفافية, بينما كان العديد ممن يعرفهم يتساقطون واحدا تلو الآخر. وتتميز الدورة الحالية لمعرض الشارقة للكتاب بزيادة فعالياتها وأنشطتها الثقافية والتي تبلغ435 مقارنة ب235 في دورة العام الماضي.. كما تتميز بمشاركة894 ناشرا يمثلون35 دولة, وبزيادة كبيرة في عناوين الكتب التي زادت علي الربع مليون عنوان بالاضافة لوجود مساحة اضافية جديدة تشمل دور نشر مختصة بكتب ومنشورات الأطفال. وخلال مشاركته الأولي في فعاليات الدورة الثلاثين لمعرض الشارقة للكتاب, نظم مركز الشارقة الإعلامي, لقاء إعلاميا وثقافيا بين الوفود الإعلامية الدولية والعربية وبعض كبار الكتاب والأدباء الكبار من العالمين العربي والدولي المشاركين في فعاليات المعرض ليدشن نفسه كمنصة جديدة لالتقاء التيارات الفكرية والثقافية والإعلامية من الشرق والغرب. حضر اللقاء الذي نظم تحت عنوان لقاء بين الإعلام العربي والغربي الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي رئيس مؤسسة الشارقة للإعلام, وأسامة سمرة مدير مركز الشارقة الإعلامي, والكاتب البريطاني بيتر جيمس, صاحب أكثر القصص مبيعا في العالم والذي ترجمت روايته إلي34 لغة, اضافة إلي أكثر من50 إعلاميا من مختلف دول العالم. تبادل الآراء حول العديد من القضايا الفكرية والثقافية وأهم المستجدات علي الساحة العربية والعالمية, كما تناولت المناقشات تطور العمل الإعلامي ومواكبته للأحداث الجارية ومشاركته في بعض الأحيان في صنع الأحداث عبر الانتشار السريع للمعلومات, إلي جانب مناقشة تأثير الإعلام الاجتماعي والالكتروني وآليات استخدامه في ظل الانتشار الكبير الذي حققه خلال الفترةالقصيرة الماضية.. وكان مركز الشارقة الإعلامي قد طرح خلال افتتاح المعرض أول إصدار له وهو كتيب30 حقيقة يجب معرفتها عن إمارة الشارقة, ويتضمن الكتيب عددا من الحقائق المهمة والأرقام التي كان لإمارة الشارقة السبق في تحقيقها ما بين حقائق تاريخية وثقافية وتعليمية وسياحية واقتصادية.