في تصعيد جديد لأزمة القضاة والمحامين, أكدت عمومية القضاة أمس تعليق العمل بالمحاكم حماية للمتقاضين وحرصا علي حياة القضاة وأعضاء النيابة العامة من الاعتداءات غير المسبوقة التي طالتهم في الآونة الأخيرة. جاء ذلك خلال الجمعية العمومية غير العادية لنادي قضاة مصر الليلة الماضية بحضور الآلاف من القضاة وأعضاء النيابة العامة والتي بدأت بكلمة ساخنة للمستشار أحمد الزند رئيس نادي القضاة, حيث أوضح أن القضاة منعوا من أداء أعمالهم في الفترة الأخيرة بالقوة والإكراه وسط سباب من القول. وأكد أن القضاة متمسكون بالحق والعدل مهما تآمر عليهم البعض سواء داخل مصر أو خارجها, منتقدا المجلس القومي لحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني لطمسهم الاعتداءات المنظمة والممنهجة ضد القضاة. وطالب باتخاذ الإجراءات الكفيلة باغلاق المراكز المشبوهة التي يدعي القائمون عليها أنها تدعم استقلال القضاء خلافا للحقيقة, لاسيما أنها لا تمثل القضاء من قريب أو بعيد. ودعا الزند جموع القضاة بالتكاتف فيما بينهم وتناسي الخلافات السابقة لاستعادة موقع وهيبة السلطة القضائية, متهما جهات الدولة وأجهزتها بالتقاعس عن فرض السيطرة وحماية المحاكم والقضاة من الاعتداءات التي وقعت من جانب بعض المحامين. وقام المستشار الزند بتقبيل المستشارين حسام الغرياني رئيس محكمة النقض وأحمد مكي نائب رئيس محكمة النقض السابق تعبيرا منه عن عدم وجود أي خلافات بينهم, قائلا: من اليوم فإن قضاة مصر جميعهم علي قلب رجل واحد ولا خلافات بينهم تحقيقا للمصلحة العليا للقضاة. من جانبه, قال المستشار عزت خميس رئيس محكمة جنوبالقاهرة الابتدائية إن موظفي المحكمة نجحوا في التصدي لإحدي عمليات الاقتحام التي أعد لها بعض المحامين والذين كانوا بصدد اقتحام المحكمة التي يقع مقرها في منطقة زينهم وغلقها بالقوة. واستنكر القضاة قيام بعض المحامين بالتقدم ببلاغات يتهمون فيها القضاة بأنهم يمتنعون عن العمل بصورة متعمدة, مشددين علي أن تعليق العمل جاء رد فعل علي الاعتداءات. من جانبه, طالب المستشار حسام الغرياني رئيس مجلس القضاء الأعلي الصحفيين والاعلاميين بالخروج من القاعة, حيث إن المداولة لا يصح أن يسمعها الرأي العام والصحفيون وسيتم اعلان القرارات فور اتخاذها لعرضها علي الرأي العام. وخلال قيام الصحفيين بمغادرة القاعة أمسك المستشار أحمد الزند رئيس نادي القضاة بالميكرفون ووجه كلامه لهم قائلا: السادة الاعلاميون والصحفيون من فضلكم الانصراف بسرعة وعدم التلكؤ في ذلك, لأنكم لو هتعطلونا هنعطلكم ومتعملوش زي اللاعب اللي بيقع علي الأرض ويضيع وقت. وقبل أن يطلب الغرياني من الصحفيين الخروج قال: الجمعية العمومية ستخرج بقرارات ترضي الجميع وتعالج الأزمة فلا داعي للصخب أثناء الجمعية, ومازلت علي عهدي ومطالباتي باستقلال القضاء. وقال: قانون السلطة القضائية الذي يتنصل منه المجلس العسكري ومجلس الوزراء وغيرهم أقول لهم حينما تحدثنا عن تعديلات في القانون كنا نريد أن نقدم للشعب قضاء مستقلا قبل الانتخابات البرلمانية, مشددا علي أن المجلس العسكري حينما يقول إنه ارجأ مناقشة تعديل السلطة القضائية فهو لا يمثل كل الشعب المصري. وردا علي أحد القضاة الشبان الذين طالبوه بالرحيل قال الغرياني: هون علي نفسك, أنا خشيت أن يقال عني إنني جبان, ولست ثقيلا حتي أظل في منصبي وأقسم بالله لو توافق الشباب علي رحيلي لتركت المنصب فورا. وأوصت الجمعية العمومية بضرورة أن تسرع جهات الدولة المختصة بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول الأزمة وأسبابها وحجمها والخسائر المادية والمعنوية ومعرفة المتسبب في ذلك والمحرض عليه, مؤكدة تمسكها بمشروع تعديل قانون السلطة القضائية وتفويض المجلس الأعلي للقضاء لإعداده حتي يتم استصداره من السلطات التشريعية المختصة. وأهابت الجمعية العمومية لقضاة مصر بالمستشار الدكتور عبدالمجيد محمود النائب العام التوجيه بسرعة إنجاز التحقيق في البلاغات المقدمة من القضاة وأعضاء النيابة العامة الذين طالهم العدوان وسرعة تقديم المعتدين للمحاكمة وإجراء المعاينات المادية اللازمة للمحاكم التي تم الاعتداء عليها قبل أن تتماحا تلك الأدلة. كما دعت الجمعية العمومية النائب العام لسرعة التصرف فيما قدم من بلاغات إبان أحداث طنطا في العام الماضي والتصرف فيها, معتبرة أن عدم التصرف في تلك البلاغات كان سببا مباشرا فيما حدث ويحدث الآن. وأوصت الجمعية العمومية بمقاطعة انتخابات نقابة المحامين وعدم الإشراف عليها, داعية اللجنة القضائية المشرفة علي النقابة إلي التنحي عن مهمتها بعد ما وجه إليها من إهانات واتهامات باطلة طالت الذمة والشرف والاعتبار من بعض المرشحين علي منصب نقيب المحامين. وأكدت الجمعية العمومية ثقة قضاة مصر بشكل مطلق في المجلس الأعلي للقضاء, مؤكدة أنهم يقفون معه ويدعمونه وأنهم علي ثقة في أنه لن يتواني عن تحقيق مصالح القضاء وكرامة القضاة وهيبتهم. وأكد قضاة مصر المشاركون في الجمعية العمومية دعمهم التام والكامل للنائب العام المستشار الدكتور عبدالمجيد محمود واستنكارهم الشديد لما يتعرض له من حملات مدبرة ومشبوهة وظالمة. كما أكدت الجمعية العمومية تقديرها وعرفانها للجهد الذي بذله ويبذله مجلس إدارة نادي القضاة ومجالس إدارة أندية قضاة الأقاليم لرفعة شأن القضاء والقضاة. وأكد نادي قضاة مصر وأندية قضاة الأقاليم أنه يعتبر نفسه في حالة انعقاد مستمر لمتابعة تنفيذ تلك التوصيات. وفي رد فعل سريع نظم العشرات من المحامين وقفة احتجاجية أمام النقابة العامة للمحامين اعتراضا علي موقف القضاة, وقاموا بقطع الطريق الرئيسي أمام النقابة. وقال ربيع الملاوني أحد المحامين إنهم كانوا يوزعون بيانات أمام دار القضاء العالي تطالب بتطهير القضاء من الفاسدين, وتستنكر رفض اشرافهم علي الانتخابات. وأشار إلي أن القضاة الذين يحملون السلاح ويشهرونه في وجه المحامين ليسوا قضاة, موضحا أن الاشراف علي الانتخابات هو فرض دستوري وواجب وطني علي القضاة. وطالب المحامون أمام النقابة باطلاق سراح زملائهم الذين تم خطفهم من أمام دار القضاء العالي وقالوا إنهم سيدخلون في اعتصام مفتوح داخل نقابتهم وسيدعون جميع زملائهم بالمحافظات للتضامن معهم. وردد المحامون أمام النقابة هتافات تطالب بتطهير القضاة مثل يا ثوار يا ثوار القضاة ضربونا بالنار واحنا نقابة حرة عادية والتطهير هو الحل ضد الفاسد والمنحل.
