شهدت البورصة المصرية في الاونة الأخيرة تطورات متلاحقة أثرت علي حجم السيولة في السوق فبعدما وصل حجم التداول بالبورصة إلي ملياري جنيه يوميا انخفضت خلال الفترة الأخيرة إلي600 مليون جنيه وهو ما أسهم بشكل أساسي في انخفاض أسعار الأسهم وتكبد صغار المستثمرين خسائر كبيرة ومن أهم التطورات الإعلان عن إيقاف تداول29 شركة جملة واحدة في أكتوبر من العام الماضي ثم شطب14 شركة من السوق في يناير الماضي بسبب عدم توافقها مع قواعد القيد الجديدة ثم الإعلان عن إيقاف التداول علي مجموعة أخري من الأسهم لحين الانتهاء من التحقيقات في سلامة التعاملات هذا إلي جانب قرارات التنفيذ العكسي لعمليات بيع وشراء الأسهم وصلت في بعض الحالات إلي600 ألف سهم. ورغم أهمية تلك القرارات في ضبط إيقاع السوق إلا أن الخبراء أرجعوا أسباب انخفاض السيولة إلي مخاوف وقلق المستثمرين من هذه القرارات مطالبين بمحاولة طمأنة المستثمرين وإعادة الثقة في السوق وضخ أموال جديدة من خلال تشجيع دخول المؤسسات وصناديق الاستثمار المغلقة إلي الاستثمار في البورصة. فقد ذكر عوني عبدالعزيز رئيس شعبة الأوراق المالية باتحاد الغرف التجارية وصاحب شركة لتداول الأوراق المالية أن هناك انخفاضا ملحوظا في حجم السيولة المتداولة في البورصة فبعدما وصلت السيولة إلي ملياري جنيه يوميا وعدد العمليات إلي184 ألف عملية انخفضت السيولة في الفترة الأخيرة إلي500 مليون جنيه وانخفض علي أثرها عدد العمليات المنفذة يوميا إلي37 ألف عملية تداول فقط موضحا أن السبب الرئيسي في ذلك هو تجميد جزء كبير من السيولة في عدد كبير من عمليات زيادة رأس المال التي تمت خلال الشهرين الماضيين وبطء إجراءات دخول الأسهم الجديدة إلي السوق هذا إلي جانب تخوف المستثمرين من قرارات إيقاف التداول علي عدد كبير من الأسهم بصورة مفاجئة بسبب اكتشاف إدارة البورصة لتلاعبات تمت علي تلك الأسهم دون الإعلان عن مدة الإيقاف ثم الإعلان عن ذلك عن تنفيذات عكسية لعمليات شراء وبيع تمت علي أسهم بعد فترة طويلة من تنفيذها وصلت في إحدي المرات إلي عشرين يوما هذا بالإضافة إلي البلبلة التي صاحبت الإعلان عن تنفيذ عقوبات غليظة علي شركات السمسرة خاصة إغلاق عدد منها. وأكد عوني عبدالعزيز أن السوق يحتاج إلي جهود كبيرة لبث حالة من الطمأنينة بين المستثمرين لانعاش السوق إلي جانب الإسراع في طرح زيادات رأس المال التي أجرتها الشركات خلال الفترة الماضية. وطالب إدارة البورصة بالسرعة في اتخاذ قرارات منع التلاعب دون الانتظار فترات طويلة تسمح بارتفاع أو انخفاض الأسهم بنسبة كبيرة مؤكدا أهمية وضع آلية جديدة وسريعة لفض المنازعات الحالية في البورصة علي أن تكون بصورة هادئة ودون بلبلة إعلامية تتسبب في حالة من القلق بين المستثمرين. أما وائل عنبة رئيس إحدي شركات التداول فيؤكد أن المستثمرين يعانون حاليا من حالة فقدان الثقة في السوق نتيجة القرارات التي أصدرتها البورصة في الفترة الأخيرة والتي تعد تدخلا مباشرا من الإدارة في عمليات التداول خاصة قرارات إيقاف بعض الأسهم. هذا إلي جانب تأخر إصدار قرارات الإيقاف متسائلا عن سر الانتظار علي ارتفاع أسهم بدون أحداث جوهرية. وأوضح أن كل البورصات العالمية تعاني من مضاربات وفقاعات لأسعار الأسهم لكنه لم يحدث وإن تدخلت إدارة تلك البورصات بقرارات لايقاف التداول.. مؤكدا أن كل القرارات التي اتخذتها إدارة البورصة المصرية أضرت بالحالة النفسية للمستثمر الذي أصبح خائفا من شراء أسهم ثم يتم إيقافها فتتجمد أمواله داخل تلك الأسهم متسببة لهم في خسائر فادحة. وطالب بضرورة تشجيع المؤسسات المالية الكبري وصناديق الاستثمار المغلقة الطويلة الأجل للاستثمار في البورصة وضخ سيولة جديدة حتي تقوم بدور صانع السوق بدلا من المستثمرين الأفراد. وأوضح أن انكماش حجم السيولة في السوق تسبب في خسائر كبيرة لشركات السمسرة التي اضطرت في الآونة الأخيرة إلي تخفيض المرتبات وتسريح العمالة. وتوضح الدكتورة جيهان جمال رئيسة مركز ايوادا للدراسات الاقتصادية أن الحالة النفسية للمستثمرين هي المحرك الرئيسي للبورصة مؤكدة أن الإحساس بالطمع في مزيد من الأرباح من شأنه الارتفاع بمؤشر البورصة لأنه يمنع صاحبه من التفريط في أسهمه بسهولة علي أمل ارتفاع الأسعار أكثر, ومن ثم يزيد الطلب علي العرض فيرتفع سعر السهم. أما حالة الخوف أو الفزع فتسببت في اتخاذ قرارات دون تفكير منطقي وهو ما يسيطر علي المستثمرين فيجعلهم يبيعون أسهمهم متبعين سياسة القطيع التي ينتج عنها ارتفاع العرض عن الطلب وبالتي انخفاض أسعار الأسهم وانهيار البورصة. وأضافت جيهان أن هناك مقولة تؤكدها كل النظريات الاقتصادية وهي أن رأس المال جبان وهو يعني أن عدم وجود استقرار في البورصة أو وجود مخاوف من إيقاف الأسهم بقرارات مفاجئة جعل المستثمر يشعر بوجود مخاطرة عالية علي أمواله في حالة دخولها في الوقت الحالي حتي لا تتجمد في أسهم يتم إيقافها خاصة مع انخفاض وعي وثقافة المستثمر الصغير ووجود تقلبات في الاقتصاد العالمي والبورصات العالمية.