الوقاية خير من العلاج.. هذه الحكمة الرائعة لو كان النظام السابق قد طبقها علي مايحاك من فتن ليست من طبيعة أهلنا لتجنبنا الكثير من الأحداث التي شهدتها الأيام الأخيرة. للأسف الشديد تعودنا أن نتصرف ونقرر ونعالج أمراضا مزمنة في رد الفعل الذي دائما ماتكون نتائجها سلبية حتي جسد الوطن بسياسة داخل القري المسالمة الذي لاتتقن سوي لغة واحدة هي لغة الكرم والهدوء والسلام:. الأهرام المسائي ذهبت الي هناك الي قرية المريناب التي تبعد نحو110 كيلو مترات شمال مدينة أسوان لتنقل علي الطبيعة ولأول مرة حقيقة الموقف والاسباب التي أدت الي هذا الاحتقان غير المألوف تحدث الأهالي بكل صراحة وفتح الأقباط والمسلمون قلوبهم وأفضوا بمشاعرهم الحقيقية كل منهما تجاه الآخر. في البداية رصدنا أحد المشاهد التي تؤكد أن الأمور لاتزال مقلقة بعض الشيء خاصة وأن في النفوس رواسب مما شهدته القرية من أحداث في جمعة الثلاثين من سبتمبر الماضي والتي بدأت الازمة بعدها في التصاعد رويدا رويدا حتي انتهت مؤقتا بمأساة ماسبيرو تفاصيل المشهد كانت عندما حاول الشيخ علي احمد مكي,, وهو من كبار رجال القرية أن يعانق أحد الاقباط الا أن الاخير رفض وعلا صوته بهذا الرفض وكاد الامر يتطور لولا تدخل البعض سريعا. ومن خلال ماقاله الطرفان فإن الأمور تبدو غامضة, وهناك حالة من الغليان يغلفها هدوء مؤقت قد ينقلب في أي لحظة, فالاقباط يصرون علي أن المبني الذي تسبب في الكارثة هو كنيسة ويتهمون الاهالي بحرقه مع عدد من المساكن المحيطة به, والأهالي يرفضون هذه الاتهامات جملة وتفصيلا ويصممون علي عدم وجود كنائس في قريتهم وأن المبني المقصود بإقامة الصلوات فيه هو مضيفة فقط. هدوء وحراسة يبدو مدخل القرية هادئا للغاية فلا وجود لسيارات الأمن المركزي التي كنا نتوقعها بوفرة باستثناء سيارة وحيدة في المدخل, وما أن تتغلغل قليلا حتي تفاجأ بمجموعات أمنية متفرقة تفصل مابين مساكن الاهالي, و45 أسرة مسيحية تعيش علي مسافة قريبة من النيل. سألنا في البداية خالد ابو زيد من أبناء القرية عن تعداد السكان فقال50 ألف نسمة والمساكن تقام علي نحو100 فدان وهو مايعطي ايحاء بأن النسبة والتناسب بين المسلمين والاقباط المسيحيين كبيرة. ورغم اعتراضات الأمن المتكررة تمكنا من الوصول الي مساكن الاقباط وموقع الأحداث كان أول من قابلناه شابا مسيحيا يدعي أشرف عياد(33 عاما) قال: أعمل سائقا باليومية وهاأنا غير قادر علي الخروج من القرية خشية من أي احتكاك فلماذا يحدث ذلك؟ اصطحبنا الي مسكنين مجاورين لموقع المبني تحت الانشاء وأشار قائلا: هنا كنا نصلي وهذه هي الكنيسة وليست المضيفة, المبني يبدو جديدا وتبدو عليه آثار هدم القبب واضحة ولكن مالفت الانتباه هو وجود سور قديم في الناحية الغربية قائم الي حد ما ويوحي بأنه ترك خصيصا لإخفاء شيء يقام داخله ثم عاد الشاب ليقول يوم30 سبتمبر هجم علينا الأهالي بأعداد كبيرة وازالوا القباب بأنفسهم وحرقوا بعض المساكن وقمنا بتهريب السيدات والاطفال ليقيموا عند نسايبنا علي حد قوله سألناه: ولكن المبني تحت الإنشاء ولم يكن كنيسة تقام فيها الصلوات كما تقولون, فرد بقوة: اطلاقا فنحن نصلي فيها من سنوات طويلة والمضيفة بعيدة عنها تماما وهو في الاصل مسكن وهبه الأجداد للصلاة وباعه معوض يوسف للأنبا هدرا لهذا الغرض والأمن يقوم بتعيين فرد حراسة عليه وتوافد علي خدمة الصلاة4 آباء عاصرتهم هم جرجس وابنه المتنيح يوحنا وبخوميوس ثم اخيرا القمص, وتدخل رفعت عياد جرجس 40 عاما تاجر قائلا: بعد صلاة الجمعة بساعة فوجئنا بعدد كبير من الشباب يحمل عصي وحديدا وتوجهوا للكنيسة المبني وهدموا القباب, كان العدد مخيفا ولجأنا للامن الذي كان موجودا في القرية منذ فترة لأن الموضوع له جذور ولما اشتعلت الحرائق حضرت سيارات الحماية المدنية وعارضوا دخولها!! ويتساءل: نفترض أنه دور عبادة أو لا.. هل عبادة الله حرام..وهل المبني خمارة حتي تقوم الدنيا بهذا الشكل؟! قلنا له: ولكن الأهالي يقولون إنكم انتم الذين أزلتم القباب فرد قائلا: نعم ازلنا جزءا مخالفا في الارتفاعات وأكملوا هم الجزء الأكبر ومن المفروض لو أن هناك مخالفة فالدولة التي تزيل وليس الأفراد طول عمرنا نعيش في أمان والعلاقة بيننا وبين المسلمين في القرية أكثر من ممتازة لدرجة أن بيوتنا جميعا لاتغلق, وأضاف عادل فريد جرجس 37 سنة أنا متزوج ولدي3 أولاد وكل أهل البلد حضروا زفافي وكنا نأكل في بيت واحد ولم تعرف الفتنة طريقها الينا الا بعد المبني والكنيسة.. سألته وماذا جري؟ فقال هناك متطرفون اشعلوا الموقف ونحن الآن, وعلي حد قوله نعيش في حصار والطلبة والتلاميذ لم يذهبوا الي مدارسهم منذ بداية العام الدراسي حتي المقررات التموينية الشهرية لم أتمكن من صرفها الا عن طريق صديق مسلم في قرية الحصايا هو الذي قام بصرفها وإحضارها. واجهته بفيديو منتشر علي المواقع الالكترونية للقمص صليب الديك راعي كنائس إدفو يقول فيه في احدي الجلسات العرفية..لو فيه كنيسة في المريناب روحوا اهدموها قال: ماتحدث به القمص يقصد به المضيفة التي تبعد عن الكنيسة ويفصل مابداخلها بثلاثة مذابح الاول مار جرجس والثاني السيدة دميانة والثالث العذراء مريم, وأخيرا يشير الي أن محافظ أسوان قد ظلم في هذا الموضوع لأنه لم يكن موجودا في أسوان وقت الأحداث. ومن عادل الي شقيقه رؤوف 30 سنه تاجر وهو القبطي الذي اتهمه أهالي المريناب بأنه هو الذي أشعل الحريق في كاوتشوك ومخزن اخشاب لإلصاق التهم بهم..قال: أنا لم أفعل شيئا والأعداد الكبيرة من الشباب حطموا كل شيء حتي الأعمدة الخرسانية للكنيسة المبنية حديثا وكان معهم جراكن بنزين مما أدي لحرق ملابس أخوة الرب والأسلاك وأشياء أخري. ويلتقط صفوت جريس خيط الحديث الساخن ليؤكد تلف بعض الزراعات الا أنه يشير إلي أنه لم يشعر بأي تفرقة من قبل حيث يرعي 30 فدانا مزروعة بالقصب والمانجو ولم توجد أي مشاكل طيلة حياته مع اخوته المسلمين. أما الشماس ثروت عياد 41 عاما فيقول نحن نصلي في الكنيسة من4 أجيال, ويتساءل: ماهو الضرر الذي سيقع علي أي إنسان عند بناء مسجد أو كنيسة وجميعها دور عبادة ويتمسك ومعه عدد من الاقباط بضرورة محاكمة من اسماهم بالجناة وتعويض المضارين في الأحداث وإعادة بناء الكنيسة طبقا للرسم الهندسي ومحاسبة المسئولين بالادارة الهندسية للوحدة المحلية لمدينة ومركز ادفو لعدم متابعتهما لأعمال البناء علما بأن هناك اخطارا مسبقا به. معوض العجوز يتحدث المفاجأة كانت في العثور علي صاحب المسكن الذي فجر الأزمة معوض يوسف معوض الذي تعدي عمره التسعين عاما..جلسنا معا علي المصطبة فقال: جدودي وهبوا هذا المسكن للصلوات وأنا أسمي معوض يوسف ويتسلسل هذان الاسمان حتي الجد السابع, وفي1987 بعت المنزل لضائقة مالية للأنبا هدرا أسقف أسوان بعد أن عرضته ولم يتقدم أحد لشرائه, ومن وقتها تقام الصلوات وهناك مسيحيون من إدفو وإسنا يحضرون اليه ونصلي فيه في جميع المواسم والاعياد ونقيم مولد الشهيد مار جرجس أول مايو كل عام وننحر الذبائح والاهالي علي علم بذلك بل الانبا هدرا نفسه صلي أكثر من مرة فيه. سألته عن الأوراق التي بحوزة الأهالي, وتؤكد أن المبني مسكن وليس كنيسة فقال مزورة, وأضاف: لانعرف ماذا حدث في الدنيا ولماذا نسي الأهالي كلام الرسول ان منا ويقصد النصاري قسيسين ورهبانا لايستكبرون, ونسوا وصيته علي الاقباط في مصر بالخير وهو مايؤكد أن هناك أصابع خفية تتلاعب بالأديان لأغراض سياسية, ويشرح الوضع الحالي قائلا: نعيش في النهار ساعة راحة و11 ساعة من الاضطهاد فالأبواب نغلقها من الداخل بالعروق خوفا من التهجم علينا وأولادنا مهددون في المناطق التي نعيش فيها وهي الصلايبة والغنايمة والشرقية والبوابية. ورغم ذلك لم يقطع معوض الامل في الحل الذي يتدخل فيه الكبار حين قال هناك وفود تسعي لوأد الفتنة من عمد الجعافرة في بنبان بدراو والكوبانية في اسوان والقبائل العربية الاخري التي تقوم بدور حمامة السلام لتقريب وجهات النظر بين الاهالي والمسيحيين. رأي آخر في المقابل قال عبد المقصود محمد سليمان من كبار رجال القرية: ان مايدعيه المسيحيون بوجود كنيسة في المريناب كلام مخالف للحقيقة وكذب وافتراء, فلا توجد كنائس من الاصل والاوراق تؤكد تزوير الواقع والتدليس واستخراج تراخيص مزورة, حيث تمت المعاينة علي كنيسة أخري بخور الزق علي بعد35 كيلو مترا من المريناب بغرض التدليس, مشيرا الي أن المنزل المبني والمتسبب في المشكلة لايزال عداد الإنارة باسم معوض يوسف وتم التنازل الي الأنبا هدرا وبالميلاد عادل في6 أغسطس وينص علي أنه شقة كما أن عداد المياه لايزال باسم معوض حتي تاريخه, ومعاينة الادارة الزراعية تقر بأنه منزل مشيد من طابقين بتاريخ20 ديسمبر.2010 وأضاف: كيف يكون كنيسة وهو شقة طبقا للأوراق ونفي حدوث أي مكروه لأي من الاقباط وقال أي حصار هذا الذي يتحدثون عنه والأمن موجود وهم يدخلون ويخرجون بحرية تامة. وأكد سعد مرزوق من قيادات إدفو أن الاوراق جميعها تؤكد أن المبني هو مسكن وليس كنيسة قائلا: الأخوة الاقباط لايقولون الحقيقة وليس هناك أي تعرض لهم علي الاطلاق, فالاطفال يذهبون الي مدارسهم ومن الممكن الاطلاع علي دفاتر الغياب بالمدارس حتي يعرف الجميع الحقيقة, كما أن الموظفين والمزارعين يذهبون بانتظام لأعمالهم. ورفض خالد ابو زيد من شباب القرية ادعاءات الإثارة ومحاولة تلفيق الاتهامات بقوله: شباب القرية والاهالي لم يفعلوا شيئا والمبني تحت الإنشاء فكيف يتم حرقه نحن مصرون علي موقفنا ومانملكه من مستندات ونحن الأهالي الذين نعيش من مئات السنين أنه لاتوجد أي كنائس في المريناب بإدفو لأنه لايعقل أن يكون هناك كنيسة ل45 أسرة فقط, وشدد علي أنهم كأهالي في انتظار قرار النيابة العامة الذي سيفصل بشكل قاطع وسيؤكد صحة موقف القرية وانه لا وجود لكنيسة علي أرض المريناب. وبعيدا عن ذلك ومن خلال كلام الطرفين وتشديدهم علي أن أمن مصر فوق الجميع, وهو مادفع البعض للدعوة للصلاة في المريناب من أجل مصر. ومن خلال مارصدته الأهرام المسائي يمكن إيجاز الأزمة في أنها تحتاج لتدخل عاقل من الأنبا هدرا أسقف أسوان كعادته لوأد الفتنة, فالأوراق وعقد البيع والمستندات وحتي عقد البيع النهائي للمبني المتسبب في الأزمة والذي حصل عليه الأهرام المسائي ينص علي الاتفاق والتراضي في الأول من مايو عام1985 بين معوض يوسف معوض ونيافة الأنبا هدرا بصفته أسقف أسوان, حيث تنازل وأسقط الاول المبني بمساحة221 متر ونصف المتر مقابل15 ألف جنيه حصل عليها من الثاني وهو ماتم تسجيله كعقار بموجب حكم المحكمة في دعوي صحة بيع ونفاذ بجلسة15 مايو2008 وهذا مايدلل علي أن المبني تحت الانشاء ماهو الا مسكن قديم وليس كنيسة.