علي مدي أكثر من7 ساعات متواصلة استمعت محكمة جنايات القاهرة إلي شهود الإثبات في قضية قتل المتظاهرين المتهم فيها الرئيس السابق حسني مبارك ونجلاه ووزير داخليته حبيب العادلي و6 من كبار مساعديه وقد شهدت الجلسة عدة مفاجآت أهمها أن الشاهد الثامن عصام حسن عباس شوقي39 سنة مقدم بالإدارة العامة لشئون المجندين أكد أنه سمع من اللواء حسن عبدالحميد مساعد أول الوزير لقوات الأمن والتدريب عقب خروجه من الاجتماع الذي كان يرأسه حبيب العادلي ويحضره كل من اللواءات عدلي فايد وأحمد رمزي وإسماعيل الشاعر وعدد آخر من اللواءات أن ما تم في هذا الاجتماع هيودي الوزارة في داهية وأشار الشاهد إلي أن استخدام الشرطة القوة في قمع المتظاهرين قرار لم يسبق له مثيل وقد وصفت النيابة الشاهد بأنه رجل وطني شجاع إلا أن الدفاع الحاضر مع المتهمين أكد أن الشاهد هو الذي تقدم ببلاغات إلي النيابة باستخدام الشرطة القوة المفرطة. وأكد الشاهد أنه هو الذي تقدم ببلاغات إلي النيابة للتحفظ علي الأسطوانات المسجلة بغرفة عمليات الأمن المركزي والدفاتر الخاصة بالغرفة وأوامر العمليات الصادرة عن مديرية أمن القاهرة ومديريات أمن الجيزة وحلوان وأكتوبر لتحديد موقع كل ضابط في كل منطقة وتحديد المسئوليات. كما فجر الشاهد التاسع اللواء حسن عبدالحميد أحمد فراج مساعد أول وزير الداخلية لقوات الأمن والتدريب مفاجأة أشد عندما أكد أن اللواء مرتضي إبراهيم مساعد أول وزير الداخلية هو الذي أجري اتصالا هاتفيا بوزير الاتصالات لقطع الخدمة عن الهواتف المحمولة والإنترنت وكان ذلك في مكتب الوزير وبعد إتمام المكالمة أكد اللواء مرتضي لوزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي أن كله تمام وفي نهاية الاجتماع كانت التعليمات بعدم وصول المتظاهرين إلي ميدان التحرير ومنع المليونية بأي طريقة. وقد علق المتهم حبيب العادلي من داخل القفص علي ما أثاره الشاهد بعد أن وجه له رئيس المحكمة السؤال: هل لك تعليق؟ فقال حبيب العادلي: إن كل ما قاله الشاهد لا يتفق مع الحقائق وأن الاجتماعات التي تتم مع السادة المساعدين كان يعرض خلالها المعلومات وتتخذ فيها القرارات ويقومون هم بإبلاغ تلك القرارات لمرءوسيهم وكانت تتم في إطار البحث في كيفية تأمين المظاهرات. ولم يعلق المتهم الأول محمد حسني مبارك علي ما أثاره شاهدا الإثبات عند معرض الإجابة علي رئيس المحكمة: هل لك تعليق؟! فأجاب بلا. وقد حاول الدفاع عن المتهمين إثبات في محضر الجلسة أن الشاهد يجري التحقيق معه في جهاز الكسب غير المشروع كما أن له خلافات شخصية مع قادة وزارة الداخلية لفصل ابنه من كلية الشرطة في السنة الرابعة لتعاطيه واتجاره في المخدرات إلا أن رئيس المحكمة رفض هذا السؤال مؤكدا أنه لا ترهيب للشاهد وأنه أمانة في عنق المحكمة وبعد ذلك قررت المحكمة التأجيل لجلسة الأحد المقبل لسماع شهادة المشير محمد حسين طنطاوي. أكد الشاهد المقدم عصام حسني عباس الضابط بالادارة العامة لشئون المجندين انه تم اتخاذ اجراءات وتدابير امنية غير مسبوقة لقمع التظاهرات في ايام الثورة الاولي وفض تجمعات المتظاهرين بالقوة وعدم تمكينهم من الاحتشاد. وأشار الشاهد في معرض رده علي اسئلة المحكمة ان الاصابات التي لحقت بالمتظاهرين وتوفي بسببها البعض الاخر تتفق وكمية الاسلحة الموجودة بوسط القاهرة بالمقار الامنية ومديريات الامن واقسام الشرطة. وأكد الشاهد أن الاصابات التي لحقت بالمتظاهرين وحالات الوفاة بينهم في الميادين العامة والمحافظات وميدان التحرير جاءت جراء استخدام اسلحة الشرطة وقوات الامن المركزي... لافتا الي ان الاصابات الاخري وحالات الوفاة امام اقسام الشرطة مرجعها تصدي القوات لهم للحيلولة دون اقتحام تلك الاقسام وسرقة السلاح منها واتلاف مستنداتها ومعداتها. وأضاف الشاهد ان الاصابات التي لحقت بالمتظاهرين وسقوط اعداد منهم قتلي قبل انهيار الجهاز الامني انما جاء في ضوء استخدام اسلحة الشرطة سواء اثناء هروب تلك القوات من تجمعات المتظاهرين الغاضبين او اثناء التصدي لاقتحام الاقسام. كشفت أقوال اللواء حسن عبدالحميد فرج مساعد أول وزير الداخلية لقطاع قوات الأمن والتدريب الشاهد التاسع في قضية قتل المتظاهرين عن أن اجتماعا لكبار القيادات الأمنية برئاسة العادلي جري يوم27 يناير الماضي علي ضوء الدعوات التي انطلقت للتظاهر فيما سمي' جمعة الغضب' وانه قد تم خلال الاجتماع اتخاذ قرار بمنع دخول المتظاهرين إلي ميدان التحرير حتي إن اضطرت قوات الأمن إلي استعمال القوة والعنف لتنفيذ ذلك الأمر. وأشار اللواء فرج- في معرض إدلائه بأقواله أمام المحكمة التي ناقشته في معلوماته بشأن القضية- إلي أنه حضر ذلك الاجتماع بصفته الوظيفية, وأن اللواء عدلي فايد مساعد الوزير لمصلحة الأمن العام آنذاك هو الذي اتصل به للحضور ظهرا, حيث حضر في ذلك الوقت إلي جواره والوزير العادلي كل من اللواء حسن عبد الرحمن رئيس جهاز مباحث أمن الدولة واللواء إسماعيل الشاعر مدير أمن القاهرة واللواء مرتضي إبراهيم مساعد الوزير للمساعدات الفنية واللواء أسامة المراسي مساعد الوزير لشئون التدريب واللواء أحمد رمزي رئيس قوات الأمن المركزي واللواء أحمد عمر أبو السعود مدير مكتب الفني للوزير. وأضاف الشاهد أنه جري خلال الاجتماع استعراض الخطة الأمنية التي سيتم من خلالها التعامل مع تظاهرات الغد( الجمعة28 يناير).. مشيرا إلي أن الوزير العادلي سأل اللواء رمزي عن تصوره وخطته للتصدي لتلك التظاهرات, فكان جواب الأخير أن الخطة ستعتمد علي غلق المنافذ المؤدية إلي ميدان التحرير باعتباره' بؤرة التجمع للمتظاهرين' وذلك لمنع أي تجمعات أو تظاهرات مليونية هناك. وذكر الشاهد أن اللواء أحمد رمزي أضاف قائلا إن المنافذ الثمانية المؤدية إلي ميدان التحرير سيتم غلقها تماما بعربات نقل الجنود بالإضافة إلي قوات الأمن المركزي وذلك لمنع المتظاهرين من دخول الميدان. وقال الشاهد إن العادلي سأل رمزي بالنص:' هتقدر تسد يا أحمد والا أنزل الجيش ؟'.. فعاجله اللواء رمزي بكل ثقة:' أيوه يا فندم هسد'.. في إشارة صريحة إلي انه سينجح في مهمته الموكلة إليه. وأضاف الشاهد أن العادلي سأل اللواء أحمد رمزي عما إذا كان سيطبق الخطة رقم100 والخاصة بمكافحة الشغب العام.. فأجابه رئيس قوات الأمن المركزي بأنه' سيطبق الخطة100 بل وأكثر من الخطة100'. وقال اللواء حسن عبد الحميد فرج مساعد أول وزير الداخلية لقطاع قوات الأمن والتدريب شاهد الإثبات التاسع إنه رفع يده طالبا من الوزير حبيب العادلي السماح له بإبداء رأيه تعليقا علي حديث اللواء أحمد رمزي في الاجتماع, مشيرا إلي انه أبدي تخوفا من فشل هذه الخطة وتكرار سيناريو أحداث18 و19 يناير من عام1977 والتي شهدت مظاهرات ضخمة احتجاجا علي ارتفاع الأسعار وفشلت الشرطة حينها في احتواء الأمر نظرا لضخامة أعداد المتظاهرين, علي نحو تطلب تدخل من القوات المسلحة لإعادة الانضباط للشارع المصري. وأشار الشاهد إلي3 من كبار القيادات الأمنية عقبوا علي حديثه بالتأكيد علي أن الظروف مغايرة تماما لما جري في18 و19 يناير من عام1977 وانه من غير المحتمل تكرار تلك الأحداث علي الإطلاق.. فيما سخر العادلي من حديثه( اللواء حسن فرج) وتهكم علي طرحه قائلا:' انقلوا حسن إلي مديرية أمن القاهرة عشان يشوف المظاهرات بتتفض إزاي'. وأضاف الشاهد انه استغل فرصة استقبال العادلي لمكالمة تليفونية مهمة علي مدي15 دقيقة تقريبا, ليهمس في اذن اللواء أحمد رمزي الجالس إلي جواره في الاجتماع, قائلا له:' يا أحمد بك.. بلاش تفتح صدرك أوي كده.. قواتك لم تنم منذ3 أيام وليس لديك أي احتياطي, وقوام تلك القوات لا يزيد علي20 ألف جندي في150 تشكيل أمن مركزي.. كيف ستواجه هذا الوضع ؟'.. مشيرا إلي أنه في تلك اللحظة تدخل اللواء أسامة المراسي في الحديث ليؤكد صحة كلامي وتكراره, غير أن اللواء رمزي لم يعبأ بتلك المخاوف. وذكر الشاهد أن العادلي أعطي تعليمات مباشرة وصريحة في الاجتماع للواء مرتضي إبراهيم بالاتصال بوزير الاتصالات لقطع الاتصالات عن الهواتف المحمولة, كإجراء من شأنه أن يحد من تدفق المواطنين علي ميدان التحرير وقطع سبل التواصل بينهم لوقف التجمعات المليونية.. مشيرا إلي أن اللواء مرتضي نفذ بالفعل التكليف المسند إليه, وقام من أمام طاولة الاجتماع وأجري من خلال هاتفه المحمول الشخصي اتصالا, ثم عاد وهمس في اذن العادلي بكلمات لم يسمعها المجتمعون, فيما كان ردة فعل العادلي أن نهره واحتد عليه, وقال بصوت مسموع:' قل لوزير الاتصالات أن ينفذ وأنا سأتصرف بنفسي'. وأشار إلي أن اللواء مرتضي قام بعدها مباشرة بمعاودة إجراء الاتصال من هاتفه, ليعود بعد دقائق ويخبر العادلي بالنص:' كله تمام وتم التنفيذ' لينتهي الاجتماع عقب ذلك, بعد أن تم الاتفاق علي منع دخول المتظاهرين إلي ميدان التحرير ولو بالقوة. وقال الشاهد اللواء حسن عبد الحميد فرج مساعد أول وزير الداخلية لقطاع قوات الأمن والتدريب- إنه في طريقه نزولا من الاجتماع مع حبيب العادلي والقيادات الأمنية, قابل أحد أصدقائه من أمن الوزارة وهو العقيد محمد جلال الذي سأله عما دار في الاجتماع وماذا انتهي إليه.. مشيرا إلي انه رد علي سؤاله قائلا:' باكر سنفشل فشلا ذريعا'.. موضحا للعقيد جلال أن أسباب هذا الفشل المتوقع أن جنود الأمن المركزي لم تنم منذ3 أيام وقوامها من15 إلي20 ألف جندي فقط فكيف لها أن تتصدي لمليون متظاهر وكيف يمكن أن يتم إغلاق الكباري والجسور بعربات نقل الجنود في حين أن التعليمات الأساسية أن تكون عربات نقل الجنود بعيدة عن بؤر التظاهرات. وأضاف الشاهد أنه أخبر العقيد جلال بأن استخدام العنف سيولد المزيد منه. وقال الشاهد إن إدارة الأزمة اعتبارا من منتصف ليل يوم25 يناير كانت خاطئة تماما, عندما أقدمت قوات الأمن علي فض التظاهرات بالقوة مستخدمة العنف بطريقة مفرطة للغاية.. مشيرا إلي أن يوم25 يناير أدير منذ الصباح بطريقة هادئة عدا محافظة السويس التي شهدت مقتل المتظاهرين هناك.. قبل أن تشتعل الأوضاع في التحرير في الساعات الأولي لليوم التالي جراء التعامل العنيف من قبل قوات الأمن مع المتظاهرين السلميين. وقال اللواء حسن عبد الحميد فرج إن فض المظاهرات بهذا الأسلوب العنيف, أصبحت معه الشرطة طرفا في نزاع بين الشعب وسلطة الحكم.. مشيرا إلي أن اللواءين أحمد رمزي وإسماعيل الشاعر كانا في موقع الأحداث, وانهما لم يكن من الممكن أن يتخذا قرارا بفض الاعتصام والتظاهر إلا بعد استئذان الوزير.. لافتا إلي أنه ترتب علي استخدام القوة من الشرطة ضد المتظاهرين, أن قوبلت بعنف مضاد أكبر وأقوي من جانب المواطنين المحتجين والمتظاهرين.