خلف العهد إن الناظر فى أحوال الناس اليوم يجد غياب خلق الوفاء بالعهد عن كثير من الناس إلا من رحم الله عزوجل وما أكثر ما يجرى بين الناس من وعود لا تتحقق ومن عهود لا تُنفذ فلا يفى مقترض بما وعد من رد الدين ولا يفى صانع بما وعد من إنجاز عمله فى وقت محدد وبجودة معينة ولا يفى من وعد فى الحضور فى وقت معين بالحضور فى ذلك الوقت بل يأتى متأخرا ولا يفى زوج بما قطعه على نفسه عند الزواج بمعاملة زوجته معاملة طيبة ولا يفى أب بوعود قطعها على نفسه تجاه أولاده فمن الآباء من يلقى بالوعود لأبنائه يمينا وشمالا مستهينا بهذه الوعود ولا يدرى أنه يعلم أبنائه عدم الوفاء بالوعد وأن هذا شيء عادى يمكن اعتياده فى الحياة بل ومن الناس من يعاهد وفى نيته أن لا يفى بما عاهد عليه وينسى قول الله تعالى «وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئولاً»- الإسراء: 34. وقد حذرنا النبى من إخلاف الوعد، وبين أنه صفة من صفات المنافقين فعن عبدالله بن عمرو بن العاص: أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «أربعٌ من كنَّ فيه، كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة «صفة» منهن، كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدَّث كذَب، وإذا عاهد غدَر، وإذا خاصَم فجَر» متفق عليه. والغادر فى عهده ووعده له علامة يعرف بها بين الناس يوم القيامة فعن ابن عمر رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «إذا جمع الله بين الأولين والآخرين يوم القيامة، يُرفع لكلِّ غادرٍ لواءٌ، فيقال:هذه غدرة فلان بن فلان»رواه البخارى وبين النبى صلى الله عليه وسلم أثر نقض العهد على الأمة فعن بُريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما نقَض قوم العهد قط، إلا كان القتل بينهم، ولا ظهرت الفاحشة فى قوم قط، إلا سلط الله عليهم الموت، ولا منع قوم الزكاة، إلا حبس الله عنهم القَطرَ» رواه الحاكم. فالمسلم الحق هو الذى يفى بما التزم به سواء كان قولاً أم كتابة فإذا أبرم عقدًا وجب عليه احترامه، وإذا أعطى عهدًا وجب أن يلتزم به فالعهد لا بد من الوفاء به مادام الأمر يتعلق بالحق والخير وإلا فلا عهد فى إثم ولا معصية.