إن الناظر فى أحوالِ كثير من الناس اليوم إلا من رحم الله يجدهم يتحدثون عما يجب لهم ولا يتكلمون عما يجب عليهم فمثلا: نجد أنالزوج كثيراً ما يتحدث عن حقوقه على زوجته، ونجد الزوجة كثيراً ما تتحدث عن حقها على زوجها، ولكن قل من الأزواج من يتحدث بإنصاف عن حق زوجته عليه وكذلك قل من النساء من يتحدثن بإنصاف عن حق زوجها عليها كما نجد أن الآباء أكثر ما يتحدثون عن حق الآباء على الأبناء، وقل من الآباء من يتكلم عن حقوق الأبناء على الآباء، والأخ يطالب أخيه بحقوقه دون أن يؤدى ما عليه من واجبات والعامل يطالب بالحقوق ويتجاهل الواجبات ورب العمل يطالب بالحقوق ولا يروض نفسه على أداء الواجبات والحقيقة أن الجميع مدرك ما له من حقوق وما عليه من واجبات إلا أن الخلل فى التطبيق للحصول على الحقوق وأداء الواجبات. إن الإسلام أوجب على المسلم واجبات نحو ربه ونحو دينه ونحو نفسه ونحو أسرته، ونحو مجتمعه ونحو الإنسانية كلها وكلها واجبات مفصلة فى الشريعة الإسلامية فالإسلام لم يدع صغيرة ولا كبيرة من هذه الواجبات إلا وفصلها، وجعلها ملزمة للمسلم يحاسبه ربه عليهاإن قصر فى أدائها وفى المقابل جعل له حقوق وألزم بها الناس جميعاً ولو عرف كل منا ما له من حقوق فلم يطلب أكثر منها وما عليه من واجبات فلم يقصر فى أدائها لنال رضا ربه ولتحققت المودة والمحبة والسلام فى المجتمع فلا كراهية ولا أنانية ولا بغضاء ولا حسد وقد روى أن أبا بكر – رضى الله عنه-عين عمر بن الخطاب –رضى الله عنه - قاضيًا على المدينة، فمكث عمر سنة كاملة لم يختصم إليه اثنان، لم يعقد جلسة قضاء واحدة. وعندها طلب من أبى بكر – رضى الله عنه - إعفاءه من القضاء! فقال أبو بكر:أمن مشقة القضاء تطلب الإعفاء يا عمر؟قال عمر: «لا يا خليفة رسول الله ولكن لا حاجة بى عند قوم مؤمنين عرف كل منهم ما له من حق فلم يطلب أكثر منه وما عليه من واجب فلم يقصر فى أدائه أحب كل منهم لأخيه ما يحب لنفسه إذا غاب أحدهم تفقدوه وإذا مرض عادوه وإذا افتقر أعانوه وإذا احتاج ساعدوه وإذا أصيب عزوه وواسوه دينهم النصيحة وخلقهم الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ففيمَ يختصمون؟ ففيمَ يختصمون؟ الطبقات لابن سعد.