نقف في الطابور الطويل تحت المطر لنشاهد فيلم ميدان التحرير في قاعة عرض كبيرة, وهو للمخرج الإيطالي ستيفانو سافونا, وأيضا من تصويره, سبق أن شاهدنا له بمهرجان لوكارنو فيلما تسجيليا مهما هو الحديد المصبوب عام2009 عرض في مسابقة مخرجي الحاضر وفاز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة, وأمام الملأ الحاشد بالساحة الكبري التي تسع ثمانية آلاف مشاهد, أعلن أنه يهدي جائزته الي شعب غزة المناضل, فقد كان الفيلم يدور في غزة التي تعرضت للعدوان الإسرائيلي الذي دمر البيوت, وقتل الأبرياء, وهو مخرج يناصر قضايا الشعوب, وله فيلم آخر روائي عن مشكلة الاكراد بعنوان بطاقة مقاتل كردي عام2005 فاز بجائزة مهرجان سينما الحقيقة الدولي. نزل سافونا الي ميدان التحرير منذ أول فبراير, أي فاتته أحداث مهمة حدثت بين25 و31 يناير قبل موقعة الجمل وما تركته من قتلي وجرحي, ومع هذا يحاول ن يقدم للمشاهد الأوروبي أو للعالم صورة مثيرة من ميدان التحرير مباشرة, يركز أساسا علي بعض الشخصيات من الشباب, السيد وفهمي وأحمد, الذين شاركوا في الثورة, ويدلون بشهاداتهم ليس عن أحداث الثورة ومطالب كل الثوار التي أصرت علي رحيل مبارك, رفعت اللوحات وأنشدت الأغاني, وهم علي قدر كبير من الوعي والثقافة يتحدثون عن استبداد الحكم وانتشار الفساد, وضحية الديمقراطية.. يقيمون مع الألاف في ميدان التحرير نهارا وليلا بين الحشود التي جاءت من مختلف الأنحاء, منهم نساء وربات بيوت وعاملات, ورجال جاءوا ليتحدثوا عن أحوالهم الاجتماعية الخاصة وما يقع عليهم من ظلم قلة الأجور وأسر لاتجد مايكفيها للمعيشة وتعليم الأولاد, شعارات بالأوزان. رجل مسن يرفع صورة مع القاء قصيدة لأبي القاسم الشابي اذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر, الثورة سلمية.. سلمية, أحسن من نصر أكتوبر وثورة يوليو, هي ثورة بلا قائد تحية للشهداء, كلنا خالد سعيد وهتاف: اطلقوا سراح وائل غنيم وحينما يظهر وائل علي منصة في مظاهرة الجمعة لايستطيع أن يتكلم. هتافات ارحل ارحل, تنتهي بنصر يسوده الفرح, فيما يعلن عمر سليمان تنحي الرئيس مبارك, وتبدأ مناقشات حول المستقبل, قانون الطوارئ الحكومة الجديدة موقف الاخوان المسلمين, ضرورة القضاء علي كل مراكز الحزب الوطني.. لانريد نظاما عسكريا, لانريد انقلابا يساريا أو شيوعيا, تخوف من عودة النظام القديم, صورة كبيرة لشهداء ميدان التحرير بحشوده من بعيد. امتدح كثيرون الفيلم.. لم يخرج أثناء العرض إلا عدد قليل. مجهود طيب من المخرج الإيطالي الشاب الذي ساند قضايا شعب غزة والأكراد, وإن كان كفيلم تسجيلي تنقصه مواد أرشيفية تضيء وتنير, لقاءات مع رجال فكر وسياسة من مختلف الاتجاهات الي جانب االشباب وتحليل الوضع الاجتماعي والسياسي الذي دفع الي الثورة.. وكان يجدر ايضا عرض فيلم18 يوما الذي قدم بمهرجان كان.. و فيلم جمعة الغضب لمني العراقي.. لابداء وجهة نظر الفنانين المصريين.