الحياة كانت جميلة تشرق فى عينى سعادة و حبا، أحلق فى سمائها طائرا يجوب كل الأرجاء، أحب وكأنى فارس الأحلام يخطف حبيبته على حصان أبيض، واستقر على أرض الواقع فتبصر عيناى فتاة هى فى قلبى امرأة بكل النساء، أشعر أنها نعمة من نعم الحياة وكنت على يقين من صدق مشاعرها وحبها لى حتى انفجر بركان فى حياتى تزلزل له كل شىء. مات فارس الأحلام فى قلبى وترجل عن حصانه عجزا ويأسا من الحياة وأظلم كل شىء فى عينى بشكل صادم .. شىء من الأمل كان يكفى لأن أعيش به وأكمل حياتى ولكنى افتقدت كل شىء يبعث إلى الأمل والحياة ما دفعنى لأن أقدم على الانتحار فى لحظة من اليأس و الإحباط والرغبة الجامحة فى الموت والخلاص من إحساسى بالعجز.. ! وفشلت محاولة الانتحار .. دخلت على أمى و نقلتنى إلى المستشفى بين الحياة و الموت و خرجت من المستشفى أكثر ضعفا ويأسا فإحساسى بأنى عاجز لا أستطيع الحركة يقتلنى بعد أن كنت شابا يافعا تتفجر القوة منى شبابا وحيوية ولكنها الأقدار كانت لها مشيئة أخرى فقد تعرضت لحادث سيارة نجوت منه بأعجوبة، ولكنها حياة هى الموت بعينه فقد مات نصفى الأسفل وبقى الوعى منى يتعذب ويتجرع مرارة العيش لم تكن صدمتى فى أنى خرجت من الحادث مشلولا بقدر ما كانت صدمتى فى حبيبتى وحلم عمرىالتى ما أن حكمت على الأقدار بالعجز حتى هجرتنى واختفت من حياتى وكأنى لم أكن موجودا فى حياتها ولم يكن بيننا حب عظيم. ذهبت لرجل آخر يمتلئ حيوية وقوة .. هانت الدنيا ورخص كل شىء كما رخصت أنا فلفظتنى وهانت على حياتى فأردت التخلص منها، ولكن الله أراد لى العيش حتى أتجرع غير ألم العجز ألما من نوع آخر هو الندم على قتلى نفسى بيدى .. أشعر أنى تائه لا أدرى إن كنت قادرا على تجاوز أزمتى النفسية بفقد حبيبتى أم لا .. وهل أنا قادر على التأهل للحياة من جديد والتأقلم مع فكرة العيش والتحرك بعجلة مثلى مثل كل المعاقين؟ لست أدرى .. ! تقترب منى أمى بقلب دام تربت على كتفى، تبلل أنفاسها الملتهبة بدموعها وتحاول أن تواسينى، ولكنى فى عالم آخر تتجمد فيه كل الأحاسيس إلا من حزن دفين لا نهاية له .. أعرف أنى وحيد أمى وتشقى وتتألم كلما وجدتنى على هذه الحال، ولكن ليس بيدى عذابها فأنا بت غير قادر حتى على مساعدة نفسى لتجاوز ما أنا فيه. ح . ج . القاهرة ترفق بحالك يا أخى ولا تشقى نفسك بكل هذا الحزن الذى هو قاتلك لا محالة إن لم تعد ليقينك وإيمانك حمدا وشكرا لله عز وجل فلا يحمد على مكروه سواه وصدق المولى سبحانه وتعالى فى قوله {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِإِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًاإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:53] .. وما أنت فيه يا أخى ليس إلا محنة واختبارا عظيما عليك أن تقوى و تتغلب عليه ، لا تتركه يغلبك فكل ما يعترض حياتنا من مقدرات الله وحكمته فتمسك ببقايا الصبر فى نفسك والإيمان الراسخ فى قلبك وعد إلى طريق الصواب .. أما أمر حبيبتك التى هجرتك فهى لم تكن أبدا يوما جديرة بك وبحبك ولك أن تحمد الله أنها انكشفت على حقيقتها، وأنتما فى البداية حتى لا تكن صدمتك فيها أعظم وأشد إيلاما. وعليك أن تبر أمك وتخفف من آلامها ولهفتها عليك .. اجعل عينيها تقر بك وتسعد لا أن تبكى وتذرف الدمع دما وحزنا على ابنها الوحيد.