يبدو أن مهنة الغناء أو الصعود على المسرح، تمثل عنصر جذب من نوع خاص لدى قطاع كبير من الممثلين، وتتحقق صدق هذه المقولة إذا ما نظرنا إلى العدد الكبير من الفنانين الذين قرروا بين ليلة وضحاها خوض مجال الغناء، مغامرين بما حققوه من نجاح على المستوى التمثيلى، ومستغلين القاعدة الجماهيرية التي نجحوا في تكوينها على مدار سنوات طويلة، لهدف واحد فقط وهو الغناء. كان آخر المنضمين إلى طابور المطربين الفنان محمد رمضان الذى نجح فى أقل من عام فى تقديم ما يقرب من 5 أغان حققت نسب مشاهدة كبيرة على موقع اليوتيوب، ولم يكتف بهذا فحسب ولكنه قرر إقامة حفل غنائى كبير وصفه ب«أقوى حفلة فى مصر»، الأمر لم يقتصر على رمضان فحسب ولكن إذا ما دققنا النظر فى الفترة الأخيرة سنجد أن الفنانة سمية الخشاب التى كانت دائما ما تتحدث عن إمكانات صوتها وقدرتها على الغناء ومحاولاتها الغناء فى أفلامها مثل بحبك وأنا كمان إلا أن طموحها لم يتوقف عند هذا الحد، ولكن وصلت إلى تقديمها مؤخرًا أغنيتين تتناولان قضايا مهمة كان آخرها بتستقوى والتى قالت إنها تعبر عن حالتها الشخصية، وكذلك الأمر بالنسبة للفنان محمد الشرنوبى الذى قدّم نفسه على الساحة كممثل قبل أن يظهر فى البرامج ويغنى عددا من الأغانى التراثية التى لاقت ردود أفعال طيبة عند الجمهور، ليتطور الأمر من غناء فى برامج إلى حفلة ثم ألبوم غنائى كامل. كذلك الأمر بالنسبة للفنان أحمد مكى الذى قدّم من قبل ألبوما كاملا «راب» محاولًا التأكيد على أن هذا النوع من الغناء أصله عربي، ثم تبعه بعدد من الأغانى الراب السينجل التى تتناول قضية وتراعى القيم والمبادئ بأسلوب جيد حقق نجاحا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر نفسه بالنسبة للفنانة لقاء سويدان التى دخلت الغناء وكانت تقدم أغانى مسرحية استعراضية فى هذا النطاق قبل أن تطلق ألبوما كاملا بدعم وتشجيع زوجها السابق الفنان حسين فهمي، والفنانة هبة مجدى التى قدمت أكثر من أغنية وخاصة فى العرض المسرحى ليلة من ألف ليلة مع يحيى الفخرانى وأكثر من دويتو مع زوجها محمد محسن وتقدم بين الحين والآخر بعض المقاطع الغنائية عبر حسابها على مواقع التواصل الاجتماعي، وقبل كل هؤلاء الفنانة يسرا التى تحرص على مراعاة ما تقدم إضافة إلى أنها تحرص على أن يكون بين الأغنية والأخرى فترة طويلة، كان آخرها أغنية أنت قدها لمتحدى الإعاقة، ومن قبلها أغنية 3 دقات التى حققت أعلى نسبة مشاهدة على اليوتيوب وصلت إلى 446 مليون مشاهدة حتى كتابة هذه السطور. وقبل كل هؤلاء حرص عدد من الفنانين على استغلال نجاح أغانى أفلامهم مثل محمد سعد فى فيلم اللمبي، الأمر الذى دفع منتج الفيلم لإصدار ألبوم غنائى يضم أغانى أفلام محمد سعد، وكذلك محمد هنيدى الذى يحرص دائما على الغناء داخل أفلامه، وياسمين عبد العزيز. وأخيرا الفنان محمد رمضان الذى دخل الغناء بجانب التمثيل وقدمأكثر من أغنية وحققت نجاحا ونسبة مشاهدة عالية، ولكن يعتبر أول ممثل يقيم حفلا غنائيا وقدم خلاله العديد من التجاوزات التى رآها البعض لا تجوز ولابد من أن يكون لنقابة الموسيقيين رأى فى ذلك. وحول فكرة اتجاه عدد كبير من الممثلين للغناء، وهل توجد أساليب للحد من ذلك أم أنها موضة وستنتهي، يتحدث عدد من صناع الموسيقى ل«الأهرام المسائى» فى هذه السطور: يقول الموسيقار صلاح الشرنوبى إن هناك حالة فوضى تشهدها الساحة الموسيقيةكان أحد أسبابها المهرجانات الشعبية التى انتشرت فى الفترة الأخيرة، وأخرى نتيجة موسيقى الراب والتى حققت جماهيرية عالمية، والذى قدّمه الفنان أحمد مكى بشكل مصرى جيد فى معظم أفلامه وحقق به نجاحا، وإذا اعتبرنا أنه قالب من قوالب الأداء وليس الغناء، فقالب الأداء من الممكن أن يُحترم ويعتد به، قبل أن يتحول الأمر بعد ذلك إلى اجتهادات، انشق منها المهرجانات، وأصبحت ما يشبه الراب، وحدث إسفاف فى الكلمة، وكل الموسيقيين رفضوا ذلك بما فى ذلك نقابة الموسيقيين، والمجتمع المصرى والعربى أيضا، الذين اعتبروه لا يليق بمكانة مصر فى الغناء أو صناعة الموسيقى. وأضاف صلاح الشرنوبى أن الموسيقيين فوجئوا بعد ذلك بحالة فوضى غير مفهومة من خلال تقديم فنانين مثل محمد رمضان الذى استخدم ذلك بشكل مسىء، مستخدما نفس أسلوب المهرجانات ولكن بطريقته الخاصة لنجد أغانى مثل نمبر وان، فيروس، ومافيا، وكل هذه اجتهادات يجب أن تقتلع من جذورها، وعلى نقابة الموسيقيين والجهات المسئولة والرقابة على المصنفات الفنية أن تقوم بهذا الأمر، خاصة أنها مسئولة أيضا عن الحد من هذه الممارسات غير المشروعة والتى لا تليق بمكانة مصر. بينما قال الموسيقار حلمى بكر إن اتجاه عدد كبير من الممثلين للغناء يجعلنا نعيش حالة من الضياع، خاصة أنه سبق أن حذّر منها، مما تسبب فى تدهور حال الفن نتيجة ظهور عدد كبير من الممثلين ليس لهم عمل، يسعون للاتجاه إلى الغناء للفت الأنظار، حتى وإن اتجهوا لتقديم البرامج أيضا، وكل ذلك هدفه الربح فقط، دون أن يعوا أنهم يتسببون فى فوضى فى عالم الفن ستنتج عنها أمور لا يحمد عقباها، لذا من الضرورى إيقافها بأى طريقة. وأوضح أن نقابة الموسيقيين لها دور كبير فى الحد من ذلك، لأن أكبر مثل أمامنا هو محمد رمضان قدمت له تصريحا بالغناء على مسرح كبير، وهو ما أوقعها فى خطأ كبير، لأن التصريح يُعطى للمطرب الذى يخدم الدراما أو المسرح أو ما يسمى بغناء مسرحى لدراما مكتوبة، إنما يقف على المسرح ويحصل على تصريح ويكون مطربا ويغنى فهذه جناية. وأشار إلى أن ما قام به رمضان عندما خلع ملابسه على المسرح أحدث حالة هوس للشباب لأنه بمثابة تعاطٍ، تسبب فى إفقاد الشباب توازنهم بحركات وأمور محببة لشباب صغير، وهذا فى النهاية ليس فنا أو غناء، مشيرا إلى أن رمضان فنان لا يعرف الحفاظ على نجوميته لأنه ناجح فى مهنته، وله قاعدة شعبية وبالتالى لا يجوز استغلال هذه القاعدة فى فرض أشياء أخرى كالغناء. وأضاف بكر أن الممثل الذى يتجه للغناء ويقدم مثل هذه النوعية لا يعتبر غناء ولكنها مظاهرات، ولكن فى سبيل محاولة فرض وجهة نظرهم يصعدون على المسرح ويغنون بلاى باك فهذه جناية كبرى وهنا التصريح تم استخراجه للدى جى وليس للغناء، لذا لابد من تحرك نقابة الموسيقيين. وأشار الشاعر عوض بدوى إلى وجود بعض الممثلين اتجهوا للغناء لكنهم قدموه بشكل جيد على سبيل المثال الفنانة لقاء سويدان الذى سبق وتعاون معها فى ألبوم غنائى للأطفال قبل 5 سنوات، والفنانة سمية الخشاب التى جاءت خصيصا من الإسكندرية للغناء فى بداية مشوارها الفني، وكذلك الفنان أحمد مكى والفنانة يسرا الذين قدّموا أغانى جيدة لا بأس بها، ولكن لماذا ننظر للممثلين فقط ونعاتبهم فهناك العديد من النماذج التى اتجهت للغناء وعلى سبيل المثال المكوجي، والسائق وبالتالى الأزمة هنا تكمن فى أن هناك مواطنين اتجهوا للغناء، فلماذا لم تنقلب الدنيا رأسا على عقب عندما اتجه شعبان عبد الرحيم للغناء وهو مهنته الأساسية مكوجي، متسائلا هل مستوى شعبان عبد الرحيم الثقافى أعلى من محمد رمضان؟ بالطبع لا، فلماذا نريد الحجر على رمضان ورفاقه، فالجميع ترك شعبان عبد الرحيم يغنى وزملاءه من مطربى المهرجانات. وأضاف أن الفكرة تكمن فى أن يعلم الجميع أن هذا المجال له معايير وضوابط وقوانين، وإذا لم يتوافر التصريح بكل هذه المعايير فلابد من معاقبته، وعلى سبيل المثال دعونا نسأل هل محمد رمضان الذى غنى مؤخرا لديه تصريح، وكارنيه نقابة الموسيقيين بمزاولة المهنة؟، وهل الأغانى التى يقوم بغنائها مرت على الرقابة والمصنفات الفنية؟، وهل أجيزت من قبلها؟، ولو كل ذلك متوافر وصعد على المسرح وظل يغنى وهو يخلع ملابسه فهنا المساءلة ترجع للآداب والمباحث ولابد من القبض عليه، فنحن فى دولة مؤسسات ولابد من أن ينظمها قانون للحد من كل هذه الإسقاطات ومحاسبته سواء كان ممثلا أو «مبيض محارة» أو «مكوجيا» أو «سائقا» لأن الغناء له ضوابط تحكمه ولابد من الالتزام بها. وأوضح نفس الشيء بالنسبة للممثل الذى اتجه للغناء وقدم فنا محترما فلماذا لا يحصل على تصريح من النقابة طالما يملك موهبة الغناء والتمثيل، خاصة أن النقابة تنظر للهدف من الغناء وضرورة الارتقاء به، لذلك علينا أن نعمم هذه الفكرة من خلال قانون عام لا يطبق على الممثل فقط.