لم يكن يتصور أنه عندما يعود من المصيف بشرم الشيخ سيجد منزله وقد صار مطمعا للبلطجية ولصوص الشقق, وأنه لن يشعر بالأمان بل ربما لن يتذوق طعم النوم إلا متقطعا. صار ت حركة القطط وهي تقفظ أمام باب شقة الطفل فهد الذي لم يتجاوز الأعوام ال11, وابن الفنانة نهلة سلامة, مبعثا للخوف والرعب, وأضحي حفيف أغصان شجر الزينة المجاور لشرفة غرفته سببا كافيا لجعل الطفل لا يفارق أحضان أمه. لكن هذا النوع من الخوف والقلق ليس من نصيب فهد وحده, بل وربما تشاركه أمه بأضعاف ما ينتابه, ولولا أنها مصدر الأمان الأول والأخير لطفلها لانهارت أمام بشاعة المشهد الذي فوجئت به داخل شقتها بحي الزمالك عندما وجدت بعض محتوياتها مبعثرة, بينما سرق اللص كل ثمين.. ما خف وزنه وارتفع ثمنه. كان شارع السيد البكري بحي الزمالك هو أكثر الأماكن أمانا للفنانة نهلة سلامة, ليس فقط بسبب هدوئه الذي يبعث بأحاسيس السكينة, وإنما أيضا لأنه الشارع الذي شهد طفولتها وشبابها ومازال يحتضنها. غير أن حفيف أشجار الزينة, وذلك الهدوء المطمئن قد تحول إلي مصادر للقلق والخوف والرعب, ومبررها في هذا أن الشقة لم يتم اقتحامها بكسر الباب أو إحدي نوافذها, وإنما دخل اللصوص فيما يبدو بطريقة مشروعة, وفي هدوء تام, وهذا ما جعلها تشعر بالذعر الممتزج بالمرارة, فما سلبه اللص كان تقريبا تحويشه العمر وحصيلة20 سنة تمثيل. الحمد لله علي كل شيء.. لكن اللصوص لم يتركوا لي شيئا.. كانت هذه أولي كلمات الفنانة نهلة سلامة في حديثها إلي الأهرام المسائي. ثم بدأت بعبارات من الحزن, ونبرات من الحسرة في سرد القصة التي كثيرا ما جسدتها في أدوارها السينمائية, لكنها لم تتخيل يوما ما أن تتعرض لها علي أرض الواقع. حيث قالت: إنها اعتادت كل عام أن تذهب إلي المصيف بصحبة ابنها فهد في شرم الشيخ لقضاء أسبوع أو أسبوعين للاستجمام من عناء العمل, ونزولا علي رغبة ابنها في الاستمتاع بإجازته, وأنها لم تخبر سوي أفراد أسرتها والخادمة التي استقدمتها لها خالتها منذ شهر تقريبا. وتضيف نهلة أنها وبعد عودتها من شرم الشيخ, وما إن فتحت باب الشقة وأضاءت النور حتي فوجئت ببعثرة جميع محتويات الشقة التي تقدر مساحتها ب220 مترا تقريبا, فتخيلت في بادئ الأمر أن ذلك بسبب تسلل إحدي القطط إلي الشقة وبحثها عما تأكله. لكن جن جنونها بعد مشاهدتها لكسر بباب غرفة نومها واقتحامها فهرولت علي الفور داخلها لتصطدم بأن خزانة المجوهرات والأموال قد فتحت وتم الاستيلاء من داخلها علي05 ألف جنيه, وحلق, و4 خواتم ألماظ, و3 أساور ذهب. وعندما فتحت دولابها الخاص وجدت اختفاء01 بالطو من ماركات عالمية, وعطور, وساعات ذهبية اشترتها من دول أوروبية في أثناء سفرها للتصوير بالخارج, لتصل حصيلة المسروقات إلي نصف مليون جنيه. ويلتقط الطفل فهد أطراف الحديث من والدته ويقول: عندما دخلت إلي غرفتي المجاورة لغرفة والدتي, فوجئت باختفاء جهاز الكمبيوتر المحمول لاب توب الخاص بي, وبعض الملابس التي اشترتها لي والدتي في أثناء سفرها للخارج. وتضيف نهلة أن القلق تملك جميع جوارحها, فتوجهت علي الفور إلي قسم شرطة قصر النيل, وحررت محضرا بالواقعة, ثم جاء ممثل النيابة العامة الذي قام بمعاينة الشقة واكتشف وجود كسر أيضا بشرفة المطبخ, ورجح أن تكون المسروقات تم إخراجها من خلاله. وتشير إلي أن شكوكها تحوم حول الخادمة بسمة التي كانت علي علم بموعد سفرها إلي شرم الشيخ, وأنها اتصلت بها أكثر من مرة في أثناء فترة المصيف كي تتأكد من عدم وجودها بالشقة, حتي يتسني لها القيام بجريمتها, وهو ما أكدته معاينة النيابة من أن دخول الشقة تم بطريقة مشروعة من خلال أحد المفاتيح الذي قد تكون نسخت لنفسها نسخة منه علي حين غفلة منها. وبرغم استدعائها للتحقيق معها, فإنه تم إخلاء سبيلها بضمان محل إقامتها, وهو ما أثار دهشتها لأنها الوحيدة التي تستطيع الدخول إلي العمارة, وأصبح وجهها مألوفا لدي سكانها الذين تعودوا علي رؤيتها تصعد وتهبط إلي الشقة في أوقات متأخرة دون الشك فيها ولو للحظة. وتنهي نهلة حديثها بأن الجريمة التي تعرضت لها أثارت مخاوفها في بيتها الآمن بعد أن استباح اللص حرمتها, واقتحم خصوصيتها, وكسر حاجز الأمان لديها, وأصبحت تشك في مواء قطة ليلا, أو تحرك فرع صغير لإحدي الأشجار أمام نافذة حجرتها, وكذلك ابنها الذي لم يعد يغرق في سباته العميق كما كان يحدث من قبل. وافترضت نهلة سيناريو أسوأ مما تعرضت له, وهو ماذا لو كانت داخل الشقة وقت دخول اللص لها, تري ماذا كان يفعل لو شعر بإحساسها بدخوله وانها كانت ستقاومه؟! لكن الله سلم. وأنهت الفنانة حديثها.. لكن مازالت قضية سرقة شقتها مفتوحة في أيدي رجال مباحث القاهرة الذين يعكفون علي حل اللغز في ظل ظروف أمنية بالغة الصعوبة.