رغم غياب المشاركة العربية عن المسابقة الرسمية لمهرجان برلين السينمائي الدولي في دورته ال69 المقامة حاليا, إلا أن الحضور العربي لم يغب تماما عن المهرجان; حيث يشارك عدد من المخرجين العرب بأفلامهم في الأقسام المختلفة مثل الفورم أو المنتدي والمنتدي الموسع والبانوراما وغيرها وتحظي أعمالهم باهتمام كبير من الجمهور من مختلف الجنسيات. وشهد قسم البانوراما ديكومنت أو بانوراما الأفلام الوثائقية العرض العالمي الأول لفيلمين هما توكينج أبوت تريز أو الحديث عن الأشجار للمخرج السوداني صهيب جاسم الباري, إنتاج مشترك بين السودان وفرنسا وألمانيا والتشاد, وقطر, وفيلم ويسترن أراب أو العرب الغربيين للمخرج الدنماركي من أصل فلسطيني عمر شرقاوي إنتاج هولندا وألمانيا. وحاول صهيب جاسم الباري من خلال فيلمه إلقاء الضوء علي تاريخ السينما السودانية وواقعها الحالي من خلال4 مخرجين سودانيين إبراهيم شداد, وسليمان محمد إبراهيم, والطيب المهدي ومنار الحلو تجمعهم الصداقة وحب السينما وهم أعضاء في جماعة السينما السودانية, يقررون بعد عودتهم من المنفي إعادة إحياء الثقافة السينمائية في السودان عن طريق ترميم واحدة من دور العرض السينمائي القديمة التي توقفت عن العمل منذ سنوات طويلة, وتقديم عروض فيها مجانا للأهالي لكنهم يواجهون دائما بالرفض من المسئولين ومالكي هذه المواقع خوفا من الوضع السياسي في البلاد, وأثناء تتبع صهيب لهذه المحاولات يستعرض معهم أمام الكاميرا ذكرياتهم والمصاعب التي واجهوها خلال عملهم بالسينما وأدت لسجنهم ونفيهم من البلاد, كما يستعرض رسائلهم من المنفي وما تبقي من تراث السينما السودانية التي عاصروها في الماضي. ولم يكتف المهرجان بعرض هذا الفيلم في قسم البانوراما, بل جعل منه مناسبة للاحتفاء بالسينما السودانية التي صنعها هذا الجيل من المخرجين, بعرض عدد من أفلامهم في قسم المنتدي الموسع, منها بعض أعمال المخرج الطيب المهدي الفيلم الروائي القصير المحطة إنتاج1989, والضريح إنتاج مصر في1977, وللمخرج إبراهيم شداد فيلم هانتينج بارتي أو حفلة صيد إنتاج ألمانيا1964, والحبل إنتاج1984, وجمل إنتاج.1981 أما فيلم ويسترن عرب فاستخدم فيه المخرج عمر شرقاوي فيديوهات منزليه قام بتسجيلها لأسرته ومع والده بالتحديد لكي يروي قصة هذا الرجل الذي كان مجندا في الجيش الفلسطيني وهاجر من فلسطين إلي الدنمارك, وتزوج من دنماركية وعاش حياته هناك حتي مماته وكان يحلم باليوم الذي يعود فيه لزيارة موطنه في فلسطين وهو الحلم الذي حققه له عمر باصطحابه لزيارة حيفا قبل وفاته بعدة سنوات وقام بتسجيل هذه اللحظة علي كاميرا الفيديو, وحاول عمر من خلال الفيلم طرح تساؤلات عن علاقته بوالده وأصوله الفلسطينية ونظرة الغرب لهم والعصبية التي ورثها عن أبيه نتيجة لميراث الألم الذي يحمله وأثر علي عائلته لفترة طويلة. بينما تشارك المخرجة السودانية مروة زين في الفورم بفيلم تسجيلي طويل بعنوان أوف سايد الخرطوم قدمت فيه صورة عن الواقع المعاصر في السودان والتحديات التي تواجه المرأة في المجتمع تحت مظلة الحكم السياسي الإسلامي, من خلال مجموعة من الفتيات في فريق لكرة القدم النسائية يحاولن إثبات أنفسهن وانتزاع اعتراف مجتمعي بحقهن في ممارسة هذه الرياضة وتحقيق نجاحات فيها, وإقناع الفيفا بتمويلهن حتي يكون للفريق وجود حقيقي علي أرض الواقع ويساعدهن علي الاستمرار في التدريب والتطور والمشاركة ضمن فعاليات رياضية مختلفة وتمثيل السودان في الساحة الرياضية الدولية في يوم من الأيام. حصلت المخرجة علي دعم لإنتاج الفيلم من جهات متعددة في السودان والنرويج والدنمارك, وحظي بعرضه العالمي الأول في مهرجان برلين, واستعرضت من خلال شخصيات الفيلم العديد من المشكلات السياسية والاجتماعية وعلي رأسها الفقر والفساد والنظرة الرجعية للمرأة والعادات والتقاليد, وتأثير انفصال شمال وجنوب السودان علي المجتمع والأهالي, وغيرها. كما يشارك المخرج اللبناني غسان سلهاب في الفورم بفيلم تجريبي بعنوان وردة قدم فيه صورة بصرية لقصيدة كتبتها روزا لوكسمبورج وهي في الحبس الانفرادي في نهاية عام1917 وعبرت فيها عن حبها للحياة علي الرغم من الوضع السياسي السيء, من خلال وصفها الحي لجمال الطبيعة والطيور والزهور والسماء والألوان التي تميزها, حيث يقدم في الفيلم قراءة لرسائلها من السجن باللغتين العربية والألمانية مع استعراض لصور حديثة من شتاء برلين متداخلة مع مواد أرشيفيه من الحرب العالمية الأولي وأغاني عن الحركة العمالية ليعكس تاريخ النضال والمقاومة بصورة بصرية تعبر عن أن الجمال والمقاومة يمكنهما التعايش معا مهما كان قدر الظلام. ويضم الفورم اكسبندد أو المنتدي الموسع فيلم مصري وحيد للمخرج محمد صلاح بعنوان لقاء لم يذاع وهو مشروع نتاج مشاركته في ورش فيج ليف للأفلام المستقلة بالإسكندرية, وهو فيلم وثائقي عن شخص يدعي إبراهيم يعمل نادلا في مقهي يسجل حلقة من برنامج بعنوان الصراع والنجاح لقناة تليفزيونية غامضة, ومن خلال هذا اللقاء يستعرض الفيلم حياة إبراهيم لنعرف من هو بالتحديد وآراءه السياسية وعلاقته بأسرته ورأيه في المرأة الذي يعبر عن المجتمع وطبيعة الصراع بين الرجل والمرأة.