كانت مفاجأة حينما أعلن مهرجان برلين السينمائي الدولي الذي بدأ فعالياته في السابع من الشهر الجاري ان طبعته لعام 2019 ستكون الأخيرة التي يرأسها المخرج القدير ديتر كوسليك والذي خدم المهرجان لسنوات عديدة وصلت إلي 18 عاما وفي ليلة الافتتاح تم تكريم ديتر بشكل غير متوقع من قبل الجمهور الذي حضر الافتتاح وقام بالنهوض مصفقا بشكل مبهر ولسان حالهم يقول: لقد قمت بعمل رائع طوال هذه السنوات. فلقد حاول ديتر بشكل أو بآخر النهوض بمستوي المهرجان وان كان أخذ عليه البعض انه حوله إلي منصة سياسية مما ساهم في ضعف مستوي الأفلام بسبب الاختيار المحدود كما انه لم يكتف فقط بالمسابقة الدولية ولكن اضاف إلي جانبها عدة مسابقات أخري موازية لها مثل قسم البانوراما وقسم الفورم وغيرها من البرامج المهمة الأمر الذي حول مهرجان برلين علي قمة المهرجانات وتصنيفه A حتي أكثر من مهرجان "كان" وفينسيا. ومن بين ايجابيات عهد كوسليك إلقاء الضوء علي سينما الشرق الأوسط مثل الفلسطيني هاني أبوأسعد الذي فاز بجائزة الأوسكار من بين المخرجين الذي وجد فرصته في برلين بفيلمه "الجنة الآن" والإيراني "أصغر فرهدي" الحائز علي أوسكار أيضا عن فيلمه "انفصال" الذي عرض أول مرة في برلين. وهذا العام في برلين يتم عرض أكثر من فيلم شرق أوسطي ولكن خارج المسابقة الرسمية وإذا حكمنا من خلال العدد الضئيل من المراجعات التي تلقتها الأفلام الشرق أوسطية خلال السنوات القليلة الماضية. تدل علي وجود فرص لصناع السينما العربية أن يحصلوا علي فرص أكبر في المستقبل. وخلال السنوات الأخيرة ظهرت أيضا تغيرات واضحة في مستوي الأفلام فإن اختيار الشرق الأوسط مهرجان في برلين دورته ال 69 مثيرا للاهتمام بشكل خاص ويضم أفلاما تجريبية وسياسية وأفلاما وثائقية وأخري كلاسيكية تم إعادة اكتشافها. ومن الأفلام العربية والشرق أوسطية التي ساهم ديتر كوسليك في اختيارها كمدير المهرجان الفيلم الوثائقي المغربي "بعض الأحداث دون معني" للمخرج مصطفي ديركاوي انتاج عام 1974 الفيلم تم تصويره في باريس عام 1975 ولكنه منع من الغرض من قبل الرقابة وتم نسيانه حتي عثر علي نيجاتف الفيلم في أرشيف الأفلام في فيلم وتيكا بكاتالونيا عام 2016 وتم ترميمه وها هو يتم اختياره للعرض لأول مرة في الدورة ال 69 لمهرجان برلين السينمائي. المخرج يسأل صانعي الأفلام والشعراء والمغنين والصحفيين عن توقعاتهم لمشهد السينما الناشئة في المغرب في منتصف السبعينيات وحرية التعبير والفيلم اللباني "وردة" للمخرج غسان سلهب إنتاج 2019 الفيلم عبارة عن تكريم الراحلة الاشتراكية "روزارة لوكسمبورج" حيث يصور سلهب رسائلها من السجن بصور عن الشرق الأوسط خلال الحرب العالمية الأولي. ويشارك أيضا هذا العام الفيلم السوداني "نتحدث عن الأشجار" 2019 وهو من الأفلام القوية المختارة للعرض في قسم الأفلام القصيرة وسوف يعرض أيضا في قسم "الفورام" الفيلم روائي وثائقي يدور حول رجل يدعي سليمان يقرر مع ثلاثة أعضاء آخرين في "نادي الفيلم السوداني" احياء سينما قديمة.. انهم متحدون ليس فقط من خلال حبهم للسينما ورغبتهم الشغوفة في استعادة مخزون الأفلام القديمة ولكن أيضا لأنهم استمتعوا بمشاهدات الأفلام أثناء نفيهم ويحاولون بلا كلل جذب مالكي السينما إلي جانبهم وإعادة تشغيل المكان مرة أخري لكنهم يجدون انفسهم مرارا وتكرارا في مواجهة مقاومة كبيرة وأثناء ذلك يجلسون معا ويتحدثون عن الماضي - بما في ذلك تجاربهم عن الاضطهاد وحتي التعذيب كفانين معارضين. كما سيعرض فيلم المخرج السوري طلال ديركي "عن الآباء والأبناء" 2017 الفيلم مرشح لجائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي والفيلم من نوعية الأفلام الوثائقية وبسببه يعود ديركي إلي سوريا لتصويره وقام بجذب ثقة رب اسرة يؤمن بأسامة بن لادن وافكاره ويطبق علي نفسه وعلي أفراد أسرته وأطفاله الذين تتراوح اعمارهم ما بين الثلاث سنوات وأثني عشر عاما ويصور لنا يوميات هذه الأسرة وذلك لسنوات وكيف يحلم هذا الأب بتوسع الدولة التي أسسها أسامة بن لادن. وتشارك مصر بفيلم من اخراج محمد صلاح بعنوان "مقابلة غير مذاعة" انتاج عام 2018 ويعرض في فيلم "ورام اكسبانديت" ويحكي من خلاله قصة النادل ابراهيم الذي يعمل بمقهي بمصر ويقوم بعمل مقابلة تليفزيونية من خلال برنامج تليفزيون غامض بعنوان "النجاح والكفاح" وغير ذلك الفيلم يتعمق في حياة ابراهيم وآرائه السياسية وكيف يتعامل مع النساء والأطفال في حياته وكيف يري فكرة الصراع الدائم بين الرجل والمرأة حول المساواة. كذلك يشارك الفيلم العراقي "الموصل 980" للمخرج علي محمد سعيد انتاج 2019 ويحكي قصة شابة يزيدية التي تحاول الهروب من براثن تنظيم إرهاب ميلشيا تابعة لداعش وركبت في صندوق السيارة لتجد نفسها وسط مدينة الموصل.