جزء أصيل من تاريخ الأرض هكذا يطلق الأثريون والخبراء علي عروس البحر الأبيض المتوسط.. ويفتخر أبناء الثغر بمزايا المدينة الكبيرة العريقة العاصمة الثانية للمحروسة.. ينطق هواء الإسكندرية بالتاريخ بما تضم من مناطق وأحياء ذات معالم طبيعية وجغرافية مختلفة عن غيرها من المدن.. وكنوزها تمتد عبر التاريخ من الروماني واليوناني الي القبطي والإسلامي وجميعها تشير إلي آثارها المختلفة الموجودة في عدة مناطق بالثغر خلال هذه الحضارات.. ومن بين هذه الكنوز هناك عدة حمامات تاريخية لا تضاهي في رونقها وطرازها المعماري الفريد..كان الغرض منها اجتماع الأعيان وكبار التجار في حقبات عديدة من العصرين الأيوبي والعثماني وعقد صفقات في تلك الأماكن التي كانت حتي وقت قريب من المزارات السياحية المهمة إلا أنه لم يتبق منها سوي حمام الدهب التراثي في شارع صلاح الدن بمنطقة العطارن,والذي يشهد صراعا بين الأهالي بالمنطقة وصاحب عقار قرر ضمه لعقار يمتلكه.. ويتعرض حمام الدهب حاليا لإهمال كبير أدي إلي سرقة أعمدته التي تضاهي عمود السواري التاريخي. وأكد أحمد عبد الفتاح خبير الآثار ومدير منطقة غرب الدلتا الأسبق أن حمام الدهب يعود للعصر الأيوبي عام331 ه943 م, وهو الأثر الوحد المتبقي في المدنة من هذا العصر, وهو طل علي شارع فؤاد التارخي, وبعد أمتارا قللة عن الكنسة الونانة الأرثوذكسة, والكرسي الرسولي للفاتكان, وكنسة سانت كاترن.. كما أن لهذا الحمام أهمية من الناحية التراثية والأثرية والسياحية. وأضاف أن الأهالي ينظرون إليه علي أنه جزء لا يتجزأ من تاريخ الإسكندرية حيث كانت به أعمدة من فصيل عمود السواري الأثر العالمي الذي يقع بمنطقة كرموز.. إلا انه في عام2011 تم تفريغ الحمام من محتواه الأثري وإحداث تخريب بشكل متعمد ليتمكن أحد المقاولين من إخراجه من سجل الآثار الإسلامية..مشيرا إلي أن وزير الثقافة الأسبق حلمي النمنم ارسل خطابا يفيد بأن حمام الدهب مسجل أثرا وتراث حضاري.. إلا أن هناك محاولة تصدي لها اهالي المنطقة بهدمه وتمت الاستعانة في ذلك بقسم شرطة العطارين. وأرسلت إحدي البعثات الفرنسية بعد زيارتها الإسكندرية تقريرا يؤكد أن الحمام استمر استخدامه حتي القرن العشرين وهو يمثل قيمة معمارية خاصة ويعتبر واحدا من الآثار النادرة في القرون الوسطي بالإسكندرية. وأوضح أنه تبين للبعثة الفرنسية اختفاء قبة وأعمدة رخامية من حمام الدهب وتطالب بسرعة ترميم المبني من جديد لإحياء قيمته التاريخية.وكانت اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية قد قامت بإدراج حمام الدهب من تعداد الآثار وجاء في المعاينة انه يحتفظ بتخطيطه المعماري الاصلي إلا انه يعاني الإهمال وهو مدرج بجدول المباني التاريخية الواردة في قائمة الحفاظ علي المباني والمناطق الاثرية فهل تنجح محافظة الإسكندرية ووزارة الآثار في إنقاذ حمام الدهب قبل دخوله غرفة اعدام مقاول يحاول إخفاء معالمه بالإهمال وإلقاء المخلفات بداخلة لبناء عقار بالمنطقة. بينما كشفت بهية عبد الفتاح رئيس حي وسط الإسكندرية أن حمام الدهب مسجل تراثا ويتبع حي وسط ومحمي بموجب القانون رقم144 لسنة.2006 أما محمد علي الباحث التاريخي فيؤكد وجود وثائق وتقارير تثبت قيمة حمام الدهب التاريخية والأثرية. يذكر أن مكتبة الإسكندرية أصدرت كتابا منذ أربع سنوات تحت عنوان حمامات الإسكندرية في القرنين19 و20, ويعد حمام الدهب واحدا من أهم الحمامات المذكورة فيه.