لم يكن اغتيال عبد الفتاح يونس قائد الثوار مؤشرا فقط علي مأزق الثورة الليبية فقد جاءت الحرب ومحاولات الناتو اغتيال القذافي وحسم الأمر بالقوة العسكرية بما لاتشتهي سفن الربيع العربي وحدوث التغيير الذي ينتظره الكثيرون في المنطقة, فالحرب سارت بأسلوب لايتجه نحو تحقيق الأهداف ومنها الاطاحة بنظام القذافي الذي نجا من غارات الناتو ومن محاولات اغتياله والتخلص منه. وتكشف عملية اغتيال يونس أن احتمالات التسوية السياسية مازالت بعيدة جدا عن ذي قبل. لكن رغم أن وزير الخارجية البريطاني وليام هيج اعترف بالمجلس الوطني الانتقالي كسلطة شرعية وحيدة لكن هيج لمح لبقاء القذافي في اطار تسوية سياسية كما كشف الاغتيال عن وجود علاقة بين قبيلة يونس عبيدي وهي واحدة من أكبر القبائل في شرق ليبيا والتي تقود الثورة ضد القذافي. وبدا للجميع أن التسوية السياسية هي الخيار الوحيد لوضع نهاية للأوضاع المضطربة في ليبيا, حيث تفاقمت تلك الأوضاع بالحل العسكري الذي ينذر ومازال بحرب أهلية وقبلية. وبدأت أولي خطوات الحل السياسي بتعيين مبعوث خاص طار إلي طرابلس لعقد مباحثات مع نظام القذافي بعد مشاورات مع بريطانيا وفرنسا حول الموافقة علي بقاء القذافي وعدم اجباره علي الرحيل من ليبيا للمنفي. وتغيير موقف دولتين مثل بريطانيا وفرنسا بشأن ليبيا أثر تأثيرا كبيرا علي الموقف الدولي بشأن حقائق الموقف علي الأرض, كما ذكرت صحيفة الجارديان البريطانية, حيث إن الاوضاع لم تتقدم خطوة واحدة بعد أربعة أشهر من الغارات المكثفة لحلف الناتو في دفع الثوار نحو طرابلس والاستفادة من الدعم العسكري في تحويل الأمور لصالحهم, حيث تجنب القذافي جميع المحاولات للإطاحة به وانهاء حكمه بالرغم من عدم وجود أي مؤشرات علي احتمالات حدوث انشقاقات قد تتمخض عن انقلاب عسكري. فمازالت كتائب القذافي علي جزء كبير من الأراضي الليبية ولم تؤثر غارات الناتو علي هيمنتها ولم تقلل من نفوذ القذافي رغم مرور4 أشهر مما يبدد ما يؤيده الداعمون للحرب وللحل العسكري اذا ثبت بالفعل أن القذافي لم يتأثر بالغارات الجوية والقصف المدفعي. هناك من اعتبر أن غارات الناتو لن تخدم الثوار في تحركهم لتغيير نظام القذافي وأنها مقدمة للاستعمار الغربي مما دفع الليبيين إلي معسكر القذافي علي اعتبار أن نار حكمه ولا جحيم الاستعمار. فليس هناك أي احتمال علي أن القذافي يحظي بدعم وتأييد الشعب الليبي لكن الاوضاع الحالية تقود ليبيا إلي التقسيم والحرب الأهلية, كما أن القذافي مازال يملك موارد البقاء والنفوذ فقد حشد كتائبه مما جعل من الصعب علي الثوار حسم الأمور لصالحهم في الأسابيع الأولي للثورة الليبية.