بلغ العقد الخامس من عمره لكن جذوة الشر في أعماقه لم تخمد, ونزوات نفسه تطالبه كل يوم بمزيد; فلم يتوقف ليقيم مشوار حياته الآثم في تجارة السموم واستمر في غيه إلي أن كشف عنه ستره وسقط غير آسف ولا حزين بين مخالب رجال المباحث ليذوق ما جنته يداه. بداية مشوار الطيب الإجرامي كان بهجر مدرسته وتمرده علي أسرته التي حاولت تقويمه مرات دون جدوي, وبعد بلوغه مرحلة المراهقة ارتمي في أحضان أصدقاء السوء وفاقت أحلامه كل الحدود, إذ كانت تجارة المخدرات هدفه;فما سمعه عن أربابها أغراه. كان الطيب اسما علي مسمي, ودودا مع أقرانه, لا يميل للعنف,لكن عصابات الشر بعد أن تلقفته; حولته إلي وحش, فتغيرت طباعه ورفع شعار القوة والعنف لإثبات ذاته وسط هذا العالم, وما إن تراكم قدر من المال لديه حتي اشتري أول بندقية خرطوش. ما بين حين وآخر, يظهر الطيب علي مسرح تجارة البانجو ليلا ثم سرعان ما يختفي نهارا بين المزارع والمناطق الجبلية التي اتخذ منها ستارا للاختفاء عن عيون رجال الأمن وهو ما جعل زبائنه من المدمنين يطلقون عليه سبع الليل, وبمرور السنوات جمع من المال ما جعله يتيه أكثر ويهجر قريته متوجها ناحية أضواء المدينة التي بهرته ببريقها فعبث بالمال الحرام حتي اختفي من بين يديه وتنكر له أصدقاء الشر فتركوه وحيدا دون معونة. عاد سبع الليل ليبدأ رحلة معاناة أخري لتدبير احتياجات أسرته التي أثر فيها هبوط مستواها المادي وذاقت مرارة الحرمان بعد سنوات من الثراء ورغد العيش, فطرق أبواب أصدقاء الأمس الذين شاركوه في السهرات وجلسات الأنس ليستنجد بهم ولم يلق اهتماما أو استجابة من أحد, فهداه شيطانه إلي ممارسة الحرام مرة أخري ويعقد اتفاقا مع تاجر كيف جديد لتسلم كمية صغيرة من البانجو أفلح في الإفلات بها من رقابة رجال المباحث, ومع تكرار التجربة ظن الطيب أنه سيعود مثلما كان. وبينما كان الطيب يعد عدته لترويج كمية جديدة من البانجو, رصدته عيون المباحث اليقظة, فرصد المقدم صالح عبد الحليم رئيس مباحث مركز كوم أمبو تحركاته ووضعها تحت الرقابة المشددة ثم رفعها إلي اللواء إبراهيم مبارك مدير المباحث الجنائية بمديرية أمن أسوان الذي وجه نحو سرعة ضبطه متلبسا في سرية تامة ضمانا لعدم إفلاته. توصل فريق البحث إلي عزم الهدف علي توصيل جزء من الكمية التي تسلمها مؤخرا من البانجو إلي أحد صغار التجار فجر أحد الأيام, وفور تحركه مستقلا تروسيكلا بلا لوحات معدنية, فوجئ الطيب برجال المباحث يحيطون به من كل جانب, فلم يقاوم وسقط مستسلما وبحيازته كيلو من البانجو و فرد روسي, حيث تم تحرير المحضر اللازم, وبالعرض علي النيابة أمر المحقق بحبسه.
