مثل هذا الشعب يستطيع أن يصنع المعجزة التي طال انتظارها ليقدم إلي العالم النموذج الصحيح للحرية والديمقراطية الخالصة المستندة لقيم ومبادئ سامية لا يتحول فيها الإنسان إلي أداة بلا روح. الملايين التي خرجت أمس إلي ميدان التحرير وبقية الميادين, أعلنت للدنيا الوجه المشرق للثورة الشعبية الفريدة من نوعها, والتي من شأنها بعد أن تطوي صفحات الماضي أن تشيد الدولة الحديثة القوية القادرة علي مجاراة الكبار واكتساب احترامهم وتقديرهم, لأن مصر أكبر بكثير من أن تظل أسيرة القروض والمعونات, كما أنها تمتلك كل مقومات النهضة الشاملة بعد أن تستعيد عافيتها من جراء عمليات التجريف والنهب المنظم لمكامن ثرواتها, وها هي التحقيقات تكشف عن قضايا الفساد المروعة التي استهدفت القضاء علي الصناعة والزراعة وإهدار الأموال بصورة غير مسبوقة في التاريخ. الملايين أمس أظهرت وحدة الصف وتلاحم الإرادة الشعبية والتصميم علي استكمال أهداف الثورة كاملة غير منقوصة بالقصاص العادل من قتلة الثوار ومن الفاسدين ومن الذين تسببوا في معاناة الشعب لسنين طويلة. وبعد القصاص والعدالة الناجزة, انتظروا مصر الجديدة الساعية بكل الجد والوطنية الصادقة لبناء مؤسسات حقيقية للدولة علي أسس الديمقراطية والتعددية, حيث يختار الشعب من يحكمه ومن ثم يكون قادرا علي المحاسبة من خلال المجالس النيابية الفاعلة التي لن تسمح بعودة الفساد مرة أخري. والأهم الآن بعد أن توحدت الإرادة الشعبية والقوي السياسية أن تبدأ عجلة الإنتاج من جديد في الدوران وفقا لأسس لا تعرف الانحراف والاحتكار, وأن نعطي الوقت والفرصة للحكومة التي تسابق الزمن لإنجاز برنامجها وقد اتضحت معالمه ويسير علي خطي الأهداف الكبري للثورة المصرية. وتبقي كلمات الاحترام والتقدير لأبطالنا في القوات المسلحة المصرية التي انتزعت إعجاب العالم في ساحات القتال وفي إدارتها لشئون البلاد خلال المرحلة الانتقالية, وسوف يسجل التاريخ للمجلس الأعلي ولجيش مصر في هذه المرحلة صفحات ناصعة تضاف إلي السجل المشرف والحافل عبر التاريخ. انتظروا مصر.. فهي قادمة لتصنع المستقبل الذي يليق بها. muradezzelarab@hotmailcom