كثير من الابتلاءات التي تصيب البشر في هذه الحياة تبدو للعقل الإنساني عند حدوثها بعيدة عن الفهم والتفسير, بل وخالية من كل حكمة وفائدة, وهذه هي أشد أنواع الابتلاء تأثيرا في النفوس حيث يجد فيها الشيطان مجالا خصبا ليوسوس للناس بأسئلة لا يجدون عنها جوابا شافيا, ومن ذلك:- عندما يموت شخص في ريعان الشباب أثر حادث اليم, تاركا خلفه أطفالا صغارا, فإن السؤال الحائر الذي يشغل العقول هو ما ذنب هؤلاء الأطفال حتي يفقدوا أباهم فجأة؟؟- وما ذنب الزوجة الشابة التي فقدت زوجها وهي ما تزال في مقتبل العمر؟؟ لماذا تبدو هذه الأسرة منكوبة بالمرض والفشل في العلاقات الزوجية مع أن الأب والأم كانوا من الصالحين؟؟- لماذا يضيق الله الرزق علي بعض الناس ويوسعه للبعض الآخر؟و- هل ما وقع لنا من أزمات أو كوارث يعد من باب العقوبة أو الابتلاء؟؟ هنالك أسئلة أخري كثيرة في حياة كل إنسان قد لا يكون بوسعه أن يعرف تفسيرا مقنعا لها, وقد تبقي معه إلي آخر العمر, بل قد ينتقل إلي الدار الآخرة وهو لا يعلم ماذا كان وراء كثير من الأحداث التي تعرض لها أثناء حياته..وإزاء ذلك كله كان من اللازم أن نقدم من خلال القرآن والسنة, إجابة تريح العقول, وتشفي الصدور, وهي علي النحو الآتي: أولا: هل بمقدور العقل الإنساني وهو مجرد أداة من الأدوات ووسيلة من الوسائل التي يتعرف بها الإنسان علي نفسه وعلي العالم من حوله, أن يحيط علما بكل ما يحدث في الكون من أحداث بحيث يبدو كل شيء أمام عقله منطقيا ومبررا ولا يحتاج إلي السؤال عنه.. ثانيا: أن الإنسان مهما بلغ من العلم والتمكين فيه لن يجد أمامه سوي طريقين يواجه بهما أو بأحدهما ما يتعرض له من ابتلاء, وهما:طريق التسليم بحكم القضاء والقدر, حتي, ولو لم يتضح له, بصورة واضحة, حكمة كل أمر تعرض له في حياته, وهذا الطريق يعتمد علي أن وراء العقل حدودا لا ينبغي ان يتطلع إلي الإحاطة بها, و من ثم يسلم أن هناك قوة عليا تسيطر هلي هذا الكون و هي وحدها التي تملك الإرادة النافذة في امور الخلق و الكون و أنها لا تستشير أحدا فيما تعمله او تفعله, وهنا نفهم قولة وتعالي(.. ومن يسلم وجهه إلي الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقي وإلي الله عاقبة الأمور..), أو كما ورد في الحديث القدسي( من استسلم لقضائي ورضي بحكمي وصبر علي بلائي بعثته يوم القيامة مع الصديقين) فالتسليم هو الذي يريح الانسان و يفتح الطريق امامة لقبول به القضاء و القدر, كما انه يجعل صاحبه يعيش حالة من الاطمئنان النفسي ولا يصل اليها من سلك طريق السخط.. و الاعتراض وإما طريق السخط والاعتراض واتهام المقاديرفأنة طريق لا يقدم حلا للمشكلة و يساعد علي فهم الإحداث التي تقع للإنسان, ولايزيدة علما بما لم يكن يفهمه, بل تظل المشكلة الاصلية قائمة في ذهنهدون حل فتتوالي الاحداث علية غامضة, يتوه العقل فيها في ظلمات متراكمة, وهذا الطريق اشار القرأن الكريم في قوله تعالي في سورة الحج( من الناس من يعبد الله علي حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب علي وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين)